تعدُّ قرية ذي عين واحدة من أبرز الوجهات السياحية في المملكة العربية السعودية، حيث تختزل بين جنباتها تاريخًا عريقًا يمتد لمئات السنين. تقع هذه القرية الأثرية وسط جبال الباحة الخضراء، وتتميّز بتصميمها المعماري الفريد، حيث تتراص بيوتها الحجرية القديمة على سفح الجبل في مشهد ساحر يأسر القلوب. وإلى جانب طابعها التاريخي، تمتاز ذي عين بمناخها المعتدل ومناظرها الطبيعية الخلابة التي تجذب عشاق الرحلات والسفر.
عرض النقاط الرئيسية
تقع قرية ذي عين في منطقة الباحة جنوب غرب المملكة العربية السعودية، على بُعد حوالي 20 كيلومترًا من مدينة المخواة. يعود تاريخ تأسيسها إلى أكثر من 400 عام، ويُعتقد أن سكانها الأصليين استوطنوها في القرن العاشر الهجري. أُطلق عليها اسم "ذي عين" نسبةً إلى عين الماء العذبة التي تنبع من وسط الجبل وتروي مزارعها الخصبة.
قراءة مقترحة
كانت القرية قديمًا مركزًا تجاريًا وزراعيًا مزدهرًا، حيث اشتهرت بزراعة الموز، والليمون، والمانجو، إضافةً إلى محاصيل الحبوب المختلفة. وقد حافظت القرية على طابعها التراثي رغم مرور الزمن، مما جعلها وجهة سياحية لا تُضاهى.
تتميّز قرية ذي عين بطرازها المعماري المميز، حيث بُنيت منازلها من الحجارة المحلية على شكل طبقات متدرجة تتناغم مع انحدارات الجبل. يتراوح عدد طوابق المنازل بين طابق واحد إلى أربعة طوابق، وتعلوها أسقف مسطحة مصنوعة من جذوع الأشجار والطين.
من أكثر ما يلفت النظر في عمارة ذي عين هو طريقة بناء المنازل دون استخدام الإسمنت، إذ اعتمد السكان على تقنيات هندسية تقليدية تجعل الجدران صامدة أمام العوامل الطبيعية لقرون. النوافذ الصغيرة والأبواب الخشبية المنحوتة تعكس روعة الفن المعماري في تلك الحقبة، حيث كان الهدف منها حماية المنازل من العوامل المناخية القاسية.
تزخر قرية ذي عين بعدد من المعالم السياحية التي تجعلها وجهةً مثاليةً لمحبي التراث والطبيعة:
البيوت الأثرية
تعدّ المنازل الحجرية القديمة في القرية من أهم معالمها، حيث تمنح الزوار فرصة لاستكشاف طراز البناء التقليدي والحياة اليومية للسكان في الماضي.
عين الماء العذبة
تقع هذه العين في وسط القرية، وهي المصدر الرئيسي للمياه منذ مئات السنين، حيث تنبع من بين الصخور وتروي المزارع المحيطة بها، مما يجعلها مكانًا رائعًا للاسترخاء والتقاط الصور.
المزارع والحدائق الخضراء
تحيط بالقرية مساحات خضراء شاسعة، تضم مزارع الموز والليمون والرمان، والتي تساهم في جعل المناخ منعشًا وطبيعة القرية أكثر جاذبية.
الشلالات الطبيعية
خلال فترات الأمطار، تتدفق الشلالات من أعالي الجبال نحو وديان القرية، مما يخلق مشهدًا بديعًا يجذب السياح وعشاق التصوير الفوتوغرافي.
المتاحف والأسواق الشعبية
يمكن للزوار استكشاف المتاحف الصغيرة التي تعرض الأدوات التراثية المستخدمة قديمًا، بالإضافة إلى الأسواق الشعبية التي تبيع المنتجات الحرفية التقليدية.
تتميّز قرية ذي عين بمناخها المعتدل معظم أيام السنة، إلا أن أفضل وقت لزيارتها هو خلال فصل الشتاء والربيع (من نوفمبر إلى أبريل)، حيث تكون الأجواء لطيفة والطبيعة في أبهى حلّتها. خلال هذه الفترة، تزداد تدفقات المياه في العيون والشلالات، وتكتسي الجبال المحيطة بحلة خضراء ساحرة.
أما في فصل الصيف، فتظل القرية وجهة رائعة لمحبي المغامرات، حيث يمكنهم استكشاف مسارات المشي الجبلية والاستمتاع بجمال الطبيعة الفريدة.
يمكن لزوار القرية الاستمتاع بمجموعة متنوعة من الأنشطة السياحية، ومنها:
نظرًا لأهمية قرية ذي عين التاريخية والسياحية، فقد أولت الجهات المعنية اهتمامًا كبيرًا للحفاظ عليها. قامت وزارة السياحة السعودية بترميم العديد من المنازل القديمة، كما تم تطوير المرافق والخدمات السياحية لتسهيل زيارة السياح.
أحد أهم مشاريع التطوير هو إنشاء مرافق لاستقبال الزوار، مثل المسارات المعبدة والمطاعم التقليدية التي تقدم الأكلات الشعبية الأصيلة، مما يساهم في تعزيز السياحة المستدامة في المنطقة.
تمثل قرية ذي عين نموذجًا فريدًا للحضارة والتاريخ في المملكة العربية السعودية، حيث تجمع بين روعة الطبيعة وسحر العمارة التراثية. سواء كنت من محبي الرحلات أو عشاق التراث، فإن زيارتك لهذه القرية ستمنحك تجربة لا تُنسى، وفرصة لاستكشاف جوهرة مخفية بين جبال الباحة. إذا كنت تخطط لرحلة إلى الجنوب السعودي، فلا تفوّت فرصة زيارة هذه التحفة الأثرية والاستمتاع بأجوائها الساحرة.