المثلث الذهبي في محافظة البحر الأحمر .. مشروع اقتصادي واعد في مصر
ADVERTISEMENT

تشهد مصر حاليًا نهضة تنموية غير مسبوقة من خلال تنفيذ مجموعة من المشروعات القومية الكبرى التي تستهدف تعزيز الاقتصاد الوطني وتحسين جودة الحياة للمواطنين. هذه المشروعات لا تقتصر فقط على تحقيق النمو الاقتصادي، بل تراعي أيضًا معايير الاستدامة والحفاظ على البيئة. ومن بين هذه المشروعات الضخمة، يبرز مشروع "المثلث الذهبي"

ADVERTISEMENT

كأحد أهم المبادرات التنموية ضمن رؤية مصر 2030. يُعد هذا المشروع نموذجًا لتحقيق التنمية الشاملة في إقليم الصعيد، الذي عانى لعقود طويلة من التهميش والإهمال، رغم امتلاكه ثروات طبيعية وبشرية هائلة.

تصوير بهاء مراد

موقع وأبعاد مشروع المثلث الذهبي

يقع المثلث الذهبي بين محافظتي قنا غربًا والبحر الأحمر شرقًا، ويمتد شمالًا حتى مدينتي سفاجا والقصير. تمثل مدينة قنا رأس المثلث، بينما تشكل مدينتا سفاجا والقصير قاعدته. يغطي المشروع مساحة تصل إلى حوالي 7000 كيلومتر مربع، وسيستغرق تنفيذه الكامل نحو 30 عامًا، مقسمة إلى ست مراحل رئيسية. من المقرر أن يتم إنشاء عاصمة جديدة للمشروع على بعد 100 كيلومتر من مدينة قنا، بتكلفة استثمارية تقدر بـ16.5 مليار دولار. كما يتوقع أن يحقق المشروع عوائد سنوية تتراوح بين 6 و8 مليارات دولار.

ADVERTISEMENT

أهداف المشروع وأهميته

يهدف مشروع المثلث الذهبي إلى تنفيذ خطة شاملة لتحقيق الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية المتاحة في المنطقة وإنشاء مجتمعات عمرانية واقتصادية حديثة ضمن إطار استراتيجية التنمية المستدامة 2030. تستهدف مصر من خلال هذا المشروع الانتقال إلى اقتصاد سوق مستدام وتنافسي، يعتمد على المعرفة والابتكار، ويكون قادرًا على تحقيق نمو شامل ومتنوع.

من بين الأهداف الرئيسية للمشروع، تعظيم دور صغار المستثمرين في الاقتصاد المحلي من خلال دمج القطاع غير الرسمي وتشجيع الصناعات الصغيرة والمتوسطة. بالإضافة إلى ذلك، يسعى المشروع إلى توفير فرص عمل للسكان المحليين وتحقيق التوازن بين النمو السكاني والحيز الجغرافي المتاح، وهو أحد التحديات الرئيسية التي تواجه التنمية الإقليمية.

تصوير نيلز

السياحة الترفيهية في المثلث الذهبي

ADVERTISEMENT

تُعد مدينتا سفاجا والقصير، الواقعتان على ساحل البحر الأحمر في مصر، من أبرز الوجهات السياحية التي تجذب عشاق الرياضات المائية والأنشطة الترفيهية. بفضل موقعهما الفريد وتنوع الحياة البحرية والشعاب المرجانية النادرة، أصبحتا مركزًا عالميًا للغوص ورياضات السفارى وتسلق الجبال، مما يجعلهما وجهة مثالية لمحبي الطبيعة والمغامرات.

الغوص في سفاجا والقصير

تتميز مياه البحر الأحمر في سفاجا والقصير بشواطئها النقية وشعابها المرجانية الملونة التي تعد موطنًا لمئات الأنواع من الكائنات البحرية النادرة. تحتوي المنطقة على مواقع غوص عالمية مثل "شرم النجا"، التي تقع على بعد 40 كيلومترًا من الغردقة، حيث يمكن للغواصين استكشاف الشعب المرجانية والأسماك الاستوائية بألوانها الزاهية. توفر مراكز الغوص في المدينتين خدمات احترافية للمبتدئين والمحترفين، مع إمكانية استخدام قوارب زجاجية للغوص السطحي أو الغوص العميق.

ADVERTISEMENT

السفارى والمغامرات الصحراوية

بالإضافة إلى الغوص، تُعتبر رحلات السفارى من الأنشطة المميزة التي تجذب السياح إلى المنطقة. يمكن للزوار استكشاف الصحاري المحيطة بالمدينتين والاستمتاع بتجربة فريدة من نوعها عبر ركوب الدراجات الرباعية أو الجمال. كما تُنظم رحلات سفارى ليلاً تتضمن تجمعات حول النار التقليدية وعروضًا ثقافية تعكس التراث المحلي.

تسلق الجبال

يُعد جبل الشايب، أعلى قمة جبلية في جبال البحر الأحمر بارتفاع 2187 مترًا، وجهة رئيسية لعشاق تسلق الجبال. يوفر الجبل إطلالات خلابة على الصحراء والبحر، مما يجعله مكانًا مثاليًا للباحثين عن المغامرة والهدوء معًا.

الأنشطة المائية الأخرى

تشمل الأنشطة المائية الأخرى في المدينتين ركوب الأمواج والتزلج على الماء، بالإضافة إلى رحلات القوارب التي تأخذ الزوار لاستكشاف الجزر القريبة مثل جزيرة توبيا. كما تتيح شواطئ المدن مثل "شاطئ المعمورة" و"شاطئ الجديد" فرصًا للاسترخاء وممارسة الرياضات المائية.

ADVERTISEMENT
تصوير رالف شليغل

السياحة الأثرية في المثلث الذهبي

تُعد السياحة الأثرية في منطقة المثلث الذهبي واحدة من أبرز المحاور التي تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم، حيث تحتضن المنطقة مواقع تاريخية وأثرية ذات قيمة كبيرة. من بين هذه المعالم البارزة، تأتي القلعة العثمانية بالقصير ومعابد دندرة كوجهتين سياحيتين تعكسان عظمة الحضارات التي تعاقبت على هذه الأرض.

القلعة العثمانية بالقصير

تقع القلعة العثمانية في مدينة القصير على ساحل البحر الأحمر، وهي واحدة من أهم الآثار التاريخية التي تعود إلى القرن السادس عشر الميلادي. بُنيت القلعة خلال فترة الحكم العثماني لمصر، وتتميز بموقعها الاستراتيجي الذي يطل مباشرة على البحر، مما جعلها مركزًا للدفاع ومراقبة السفن التجارية والعسكرية.

تُعتبر القلعة نموذجًا فريدًا للعمارة العسكرية العثمانية، حيث تضم أبراجًا دفاعية وغرفًا كانت تُستخدم لأغراض متعددة، مثل التخزين والإيواء. اليوم، أصبحت القلعة وجهة سياحية رئيسية لعشاق التاريخ والآثار، حيث يمكن للزوار استكشاف تصميمها المعماري والتعرف على دورها في حماية المدينة قديمًا. كما تُعد القلعة مكانًا مثاليًا للاستمتاع بإطلالات خلابة على البحر الأحمر، مما يجعلها مزيجًا رائعًا بين التاريخ والطبيعة.

ADVERTISEMENT

معابد دندرة

يقع معبد دندرة على بعد حوالي 50 كيلومترًا شمال مدينة قنا، وهو واحد من أجمل المعابد المصرية القديمة. يُخصص المعبد للإلهة "حتحور"، إلهة الحب والجمال عند المصريين القدماء. يتميز المعبد بتصميمه الفريد وزخارفه الدقيقة التي تشمل النقوش الهيروغليفية والأعمدة المنحوتة بشكل دقيق.

يشتهر المعبد أيضًا ببرج الولادة أو "المصحة"، وهو مكان كان يُعتقد أنه يستخدم لأغراض طبية وعلاجية. يجذب معبد دندرة السياح والباحثين الذين يرغبون في استكشاف فن العمارة الفرعونية وفهم الحياة الدينية والثقافية في مصر القديمة.

أهمية السياحة الأثرية

تعكس القلعة العثمانية ومعابد دندرة التنوع الثقافي والتاريخي لمنطقة المثلث الذهبي. توفر هذه المواقع فرصة للتواصل مع الماضي واستلهام عبق الحضارات التي شكلت هوية المنطقة، مما يجعلها وجهات لا غنى عنها لمحبي التاريخ والآثار.

ADVERTISEMENT

الإمكانيات التعدينية للمشروع

تتميز منطقة المثلث الذهبي بثروات معدنية هائلة وغير مستغلة بشكل كامل. وفقًا للبيانات، تحتوي المنطقة على كميات كبيرة من الذهب والفوسفات والرمال الزجاجية والحجر الجيري. يمثل الاحتياطي من الذهب في المثلث الذهبي حوالي نصف الاحتياطي الكلي لمصر، بينما يحتوي على أكثر من مليار طن من الفوسفات وحوالي 1.5 مليار طن من الرمال الزجاجية.

تصوير شون وانغ

مشروعات التعدين في المثلث الذهبي

- الفوسفات: سيتم إنشاء مصانع لاستخراج ومعالجة الفوسفات وإنتاج الأسمدة.

- الذهب: سيتم استخراج الذهب ومعالجته وتكريره داخل المنطقة.

- الرمال الزجاجية: سيتم استخدامها لإنتاج الزجاج والكريستال.

- الحجر الجيري: سيتم استخدامه في صناعة الأسمنت.

من المتوقع أن يتم إنشاء 44 مصنعًا ضمن المشروع، مما سيوفر آلاف الفرص الوظيفية ويحقق عوائد اقتصادية ضخمة.

ADVERTISEMENT

مشروعات البنية التحتية

يعتمد نجاح مشروع المثلث الذهبي على تطوير شبكة طرق وموانئ حديثة تسهل حركة التجارة والنقل. من أبرز مشروعات البنية التحتية:

- طرق رئيسية: يتم استكمال ازدواج طريق قنا-سفاجا وتطوير طريق الصعيد-البحر الأحمر.

- موانئ: سيتم إنشاء ميناء سفاجا كميناء تجاري وصناعي عالمي، بالإضافة إلى تطوير موانئ أخرى مثل ميناء القصير وميناء الحمراوين.

المحطة متعددة الأغراض

تُعد المحطة متعددة الأغراض جنوب ميناء سفاجا أحد المشاريع الرئيسية لتطوير منظومة النقل البحري. تم تخصيص 2.5 مليار جنيه لهذا المشروع، والذي يشمل إنشاء رصيف بطول ألف متر وعمق 17 مترًا لاستقبال السفن العملاقة.

مشروعات زراعية

تستخدم الزراعة في المثلث الذهبي تقنيات حديثة تعتمد على الطاقة الشمسية واستخراج المياه الجوفية. تم إجراء تجارب ناجحة لزراعة عباد الشمس وتربية الأسماك في أحواض المياه، مما يساهم في تقليل اعتماد مصر على الواردات الزراعية.

ADVERTISEMENT

الإسكان والتعمير

يهدف المشروع إلى إنشاء مدن جديدة مثل مدينة قنا الجديدة ومدينة سفاجا، التي ستصبح مركزًا اقتصاديًا وصناعيًا. من المتوقع أن يستوعب المشروع حوالي مليوني نسمة خلال العشرين سنة القادمة، مع توفير 480 ألف فرصة عمل.

التحديات وسبل المواجهة

رغم الإمكانيات الهائلة للمشروع، إلا أنه يواجه تحديات بيئية واجتماعية. من بين هذه التحديات:

- التلوث البيئي: الناتج عن الأنشطة الصناعية والتعدينية.

- التأثير على الحياة البحرية: بسبب توسع الموانئ.

تصوير شون وانغ

النموالعمراني: على خط ساحل البحر الأحمر.

للتغلب على هذه التحديات، يتم التركيز على تطوير تقنيات صديقة للبيئة، وتطبيق قوانين صارمة للحد من الصيد العشوائي وجمع النباتات البرية، بالإضافة إلى تنويع الأنشطة السياحية لجذب المزيد من الزوار طوال العام.

الرؤية المستقبلية

يُعد مشروع المثلث الذهبي نموذجًا لتحقيق التنمية المستدامة في صعيد مصر. من خلال تعظيم القيمة المضافة للثروات الطبيعية بدلاً من تصديرها خامًا، يمكن للمشروع أن يساهم في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع الدول الإفريقية، وجعل المنطقة مركزًا لوجستيًا يخدم التجارة العالمية. بفضل موقعه الاستراتيجي، يمكن للمثلث الذهبي أن يكون بوابة مصر نحو أفريقيا وآسيا، مما يعزز دورها في الاقتصاد العالمي.

ADVERTISEMENT

المثلث الذهبي مشروع واعد لأهل مصر

مشروع المثلث الذهبي ليس مجرد مشروع تنموي، بل هو رؤية مستقبلية تهدف إلى تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي في صعيد مصر. من خلال استغلال الموارد الطبيعية والبشرية بشكل أمثل، يمكن لهذا المشروع أن يصبح نموذجًا يُحتذى به لتحقيق التنمية المستدامة ليس فقط في مصر، بل في العالم بأسره.

كما تُقدم سفاجا والقصير تجربة سياحية متكاملة تجمع بين الغوص، السفارى، وتسلق الجبال، مما يجعلهما وجهة مثالية لمحبي الأنشطة الترفيهية والمغامرات. إنها فرصة لاكتشاف جمال البحر الأحمر وسحر صحرائه في آن واحد.

إسلام المنشاوي

إسلام المنشاوي

·

13/03/2025

ADVERTISEMENT
الآثار الرومانية في السويداء (فنزويلا الصغيرة) بسوريا
ADVERTISEMENT

تُعد محافظة السويداء، الواقعة جنوب سوريا، واحدة من أغنى المناطق بالآثار الرومانية التي تروي قصة حضارة عريقة ازدهرت قبل قرون طويلة. يلقب هذا الإقليم بـ"فنزويلا الصغيرة" بسبب طبيعته الجبلية البركانية الفريدة التي تحيط بمواقع تاريخية مذهلة. تتميز السويداء بمعابدها الرومانية المهيبة، مسارحها الأثرية، وقنوات الكاناثا المائية التي تعكس براعة الإنسان

ADVERTISEMENT

القديم في الهندسة والإبداع. هذه الآثار ليست مجرد شواهد حجرية، بل هي بوابة للعودة إلى زمن كان فيه الجمال الفني والعمارة الدقيقة محور الحياة اليومية. استكشاف هذه الآثار هو رحلة عبر الزمن لفهم عظمة الماضي وتراث سوريا الغني.

في هذه المقالة سنتناول أشهر الآثار الرومانية الموجودة في مدينة السويداء، دعونا نبدأ.

تصوير رافاييل غوميز

قنوات كاناثا أو كانثا

ADVERTISEMENT

تُعتبر قنوات "كاناثا" أو "كانثا"، المعروفة أيضًا باسم "قنوات الكاناثا"، واحدة من أبرز الأمثلة على براعة الإنسان القديم في إدارة الموارد المائية وتطوير تقنيات الري والهندسة المائية لقديمة. تقع هذه القنوات في محافظة السويداء بسوريا، وهي جزء من نظام هندسي متطور يعود إلى العصور الرومانية والبيزنطية. تمثل هذه القنوات نموذجًا فريدًا للهندسة المائية التي ساهمت في استدامة الحياة البشرية والزراعة في المناطق الجبلية الصحراوية.

أصل التسمية وتاريخ القنوات

كلمة "كاناثا" مشتقة من الكلمة الآرامية "قناة"، والتي تعني "المسار المائي". يشير هذا المصطلح إلى شبكة معقدة من القنوات المائية تحت الأرض التي كانت تُستخدم لنقل المياه من مصادرها الطبيعية إلى القرى والمزارع. يعود تاريخ بناء هذه القنوات إلى العصر الروماني، حيث كانت المنطقة تعتمد بشكل كبير على الزراعة رغم طبيعتها الجبلية وقلة الأمطار.

ADVERTISEMENT

استمر استخدام هذه القنوات خلال العصر البيزنطي والإسلامي، حيث أدرك السكان المحليون أهميتها في توفير المياه للشرب والري. كانت هذه القنوات شريان الحياة للمناطق التي تعاني من شُح المياه، مما جعلها عنصرًا أساسيًا في النشاط الاقتصادي والاجتماعي للسكان.

تصميم وهندسة القنوات

تتميز قنوات الكاناثا بتصميمها الفريد الذي يعكس المهارة الهندسية القديمة. تتكون القنوات من أنفاق تحت الأرض تمتد لمسافات طويلة، حيث يتم حفرها بزاوية معينة لتوجيه تدفق المياه من الينابيع الجبلية إلى القرى والمزارع. يتم الحفاظ على تدفق المياه عبر نظام دقيق يعتمد على الجاذبية، مما يضمن وصول المياه بشكل مستمر دون الحاجة إلى تقنيات ضخ معقدة.

كانت القنوات مبطنة بالحجارة لضمان متانتها ومنع تسرب المياه، كما تم تصميم فتحات صغيرة تُعرف بـ"النوافير" أو "العيون" لتوزيع المياه إلى المناطق المختلفة. كانت هذه النوافير بمثابة نقاط توزيع رئيسية يستخدمها السكان المحليون للحصول على المياه.

ADVERTISEMENT

أهمية قنوات الكاناثا في الحياة اليومية في الماضي

لعبت قنوات الكاناثا دورًا حيويًا في تحسين جودة الحياة في المناطق الجبلية. كانت هذه القنوات المصدر الرئيسي للمياه للشرب والري، مما ساهم في استدامة الزراعة وزيادة الإنتاج الغذائي. كما ساعدت في تقليل اعتماد السكان على الأمطار الموسمية، مما جعل الحياة أكثر استقرارًا في المناطق القاحلة.

بالإضافة إلى دورها العملي، كانت القنوات رمزًا للتعاون والتآزر بين السكان المحليين. فقد كانت تتطلب جهدًا جماعيًا للبناء والصيانة، مما عزز الروابط الاجتماعية والثقافية بين المجتمعات.

تصوير رافاييل غوميز

قنوات الكاناثا في العصر الحديث

مع تطور التقنيات الحديثة وتغير الأنماط الزراعية، تراجعت أهمية قنوات الكاناثا بشكل كبير. ومع ذلك، لا تزال بعض القنوات تعمل حتى اليوم، حيث تُستخدم كمصادر مياه تقليدية في بعض القرى الجبلية. كما أصبحت هذه القنوات وجهة سياحية وتعليمية، حيث يزورها الباحثون والسياح للتعرف على تاريخها وأهميتها الهندسية.

ADVERTISEMENT

في السنوات الأخيرة، بدأت الجهود المحلية والدولية لإعادة تأهيل بعض القنوات بهدف الحفاظ على هذا التراث الثقافي الفريد. تهدف هذه الجهود إلى إحياء النظام المائي القديم واستخدامه كجزء من الحلول المستدامة لإدارة المياه في المناطق الجبلية.

قنوات الكاناثا كرمز للتراث الإنساني

تُعتبر قنوات الكاناثا شاهدة على عبقرية الإنسان القديم في التكيف مع البيئة وحل المشكلات. إنها ليست مجرد قنوات مائية، بل تمثل رمزًا للإبداع الهندسي والتعاون المجتمعي. مع إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، أصبحت هذه القنوات مصدر فخر للشعب السوري وللإنسانية بأسرها.

مدينة شهبا (فليبو بوليس): لؤلؤة التاريخ في جنوب سوريا

تُعد مدينة شهبا، المعروفة قديمًا باسم "فليبو بوليس" (Philippopolis)، واحدة من أقدم المدن السورية وأكثرها غنى بالآثار والتاريخ. تقع المدينة في محافظة السويداء جنوب سوريا، وسط سهول خصبة تحيط بها الجبال البركانية، مما يجعلها موقعًا استراتيجيًا منذ العصور القديمة. تتميز شهبا بتاريخها العريق الذي يمتد لأكثر من ثلاثة آلاف عام، حيث كانت مركزًا حضاريًا وتجاريًا هامًا عبر العصور.

ADVERTISEMENT
تصوير رافاييل غوميز

أصل التسمية وتاريخ المدينة

اسم "شهبا" مشتق من الكلمة الآرامية التي تعني "السوق" أو "المكان التجاري"، وهو ما يعكس أهميتها كمركز تجاري قديم. أما اسم "فليبو بوليس"، الذي أطلقه الرومان على المدينة، فيعني "مدينة فيليب"، نسبة إلى الإمبراطور الروماني فيليب العربي، الذي يُعتقد أنه وُلد في المنطقة أو كان مرتبطًا بها.

تعود جذور المدينة إلى العصر الآرامي، حيث كانت مستوطنة صغيرة قبل أن تتوسع وتزدهر خلال العصر الروماني والبيزنطي. أصبحت شهبا واحدة من المدن الهامة في منطقة جبل العرب، حيث اشتهرت بمعابدها وقصورها وأسواقها النشطة.

المعالم الأثرية في شهبا

تُعتبر شهبا اليوم متحفًا مفتوحًا يضم العديد من الآثار التي تعكس عظمة الحضارات التي تعاقبت عليها. من أبرز هذه المعالم:

1. قلعة شهبا:

تُعد القلعة واحدة من أبرز المعالم الأثرية في المدينة، حيث تعود إلى العصر الروماني. تم تعديلها وإعادة بنائها خلال العصور الإسلامية لتكون مركزًا دفاعيًا. تتميز القلعة بأسوارها الضخمة وأبراجها المرتفعة، والتي توفر إطلالات بانورامية على المدينة والمناطق المحيطة.

ADVERTISEMENT

2. المعبد الروماني:

يُعتبر معبد شهبا الروماني تحفة معمارية فريدة، حيث يعود تاريخه إلى القرن الثاني الميلادي. كان المعبد مخصصًا للإلهة "فينوس"، ويتميز بأعمدته الرخامية وزخارفه الدقيقة التي تعكس براعة الفن الروماني.

3. المسرح الروماني:

يقع المسرح الروماني في قلب المدينة، ويُعد شاهدًا على الحياة الثقافية والفنية التي كانت تزدهر في شهبا. يتسع المسرح لنحو 3000 متفرج، وكان يستخدم لإقامة العروض المسرحية والاحتفالات العامة.

4. الأعمدة والأقواس الرومانية:

تنتشر في المدينة أعمدة وأقواس رومانية ضخمة، والتي كانت جزءًا من الطرق الرئيسية والأسواق القديمة. هذه الأعمدة تعكس المهارة الهندسية والفنية التي كانت سائدة في العصر الروماني.

تصوير رافاييل غوميز

أهمية شهبا في العصور المختلفة

كانت شهبا مركزًا تجاريًا وثقافيًا هامًا خلال العصر الروماني والبيزنطي. استفادت المدينة من موقعها الاستراتيجي على طرق التجارة بين دمشق وبصرى الشام، مما جعلها وجهة رئيسية للقوافل التجارية. كما كانت مركزًا دينيًا، حيث اشتهرت بمعابدها ومعاهدها الروحية.

ADVERTISEMENT

في العصر الإسلامي، أصبحت شهبا جزءًا من الدولة الإسلامية، حيث تم الحفاظ على بعض معالمها الأثرية وإعادة استخدامها. خلال الحكم العثماني، ظلت المدينة مركزًا زراعيًا وتجاريًا، حيث استمرت في تقديم إنتاجها الزراعي للمناطق المجاورة.

شهبا في العصر الحديث

اليوم، تُعتبر شهبا وجهة سياحية رئيسية لعشاق التاريخ والآثار. تجذب المدينة الزوار من مختلف أنحاء العالم بفضل معالمها الأثرية الفريدة ومناظرها الطبيعية الخلابة. تعمل الحكومة السورية والمنظمات المحلية على ترميم وصيانة الآثار في المدينة، بهدف الحفاظ على هذا التراث الثقافي الغني.

تشتهر شهبا أيضًا بإنتاجها الزراعي، حيث تُزرع فيها الخضروات والفواكه، بالإضافة إلى صناعة النبيذ التقليدي الذي يُعتبر من أشهر المنتجات المحلية. كما يتميز سكان المدينة بالكرم والضيافة، مما يجعل زيارتها تجربة مميزة.

ADVERTISEMENT

أنشطة يمكن القيام بها في شهبا

استكشاف الآثار: زيارة القلعة، المعبد الروماني، والمسرح الروماني للتعرف على تاريخ المدينة.

التقاط الصور: توفر المدينة فرصًا رائعة لالتقاط الصور للأبنية الأثرية والأعمدة الرومانية.

التنزه في الطبيعة: المناطق المحيطة بالمدينة غنية بالجبال والسهول، مما يجعلها مكانًا مثاليًا للمشي والتخييم.

تجربة المأكولات المحلية: يمكن للزوار تذوق الأطباق التقليدية مثل الكبة والمأكولات المشوية، بالإضافة إلى النبيذ المحلي.

تصوير رافاييل غوميز

صلخد وقلعتها المهيبة: رمز للعظمة والتاريخ في سوريا

تُعد صلخد، الواقعة في محافظة السويداء جنوب سوريا، واحدة من أقدم المدن التاريخية في المنطقة، وتشتهر المدينة بقلعتها المهيبة التي تعود إلى العصر الروماني، وهي إحدى أبرز المعالم الأثرية في البلاد. تقع القلعة على تلة مرتفعة، مما يمنحها موقعًا استراتيجيًا وإطلالات خلابة على المناطق المحيطة.

ADVERTISEMENT

تميزت القلعة بتصميمها الدفاعي الفريد وأسوارها الضخمة التي صمدت عبر العصور. كانت مركزًا هامًا لحماية المنطقة خلال الفترات الإسلامية والعثمانية. اليوم، تُعتبر قلعة صلخد وجهة سياحية رئيسية، حيث يقصدها الزوار لاستكشاف تاريخها الغني والتمتع بجمال الطبيعة المحيطة بها. إنها شاهدة على عبقرية الإنسان القديم في العمارة والحرب.

تصوير رافاييل غوميز

موقع مجدل الأثري والفسيفساء النادر

يقع موقع المجدل الأثري في محافظة السويداء، جنوب سوريا، ويُعتبر واحدًا من أهم المواقع الأثرية التي تزخر بالفسيفساء النادرة التي يعود تاريخها إلى العصر الروماني والبيزنطي. تتميز فسيفساء المجدل بتفاصيلها الدقيقة وألوانها الزاهية التي حافظت على رونقها رغم مرور القرون.

تشتهر هذه الفسيفساء بمناظرها الطبيعية ومشاهدها الأسطورية التي تعكس الحياة اليومية والمعتقدات الدينية في تلك الحقبة. يُعد هذا الموقع شاهدًا على براعة الفنانين القدماء في استخدام تقنيات الفسيفساء لإبداع لوحات فنية خالدة.

ADVERTISEMENT

يزور السياح والمختصون المجدل لاكتشاف هذه التحف الفنية التي تُعتبر من أندر الأمثلة على فن الفسيفساء في العالم. إنها وجهة مثالية لعشاق التاريخ والفن.

إسلام المنشاوي

إسلام المنشاوي

·

01/08/2025

ADVERTISEMENT
أيام لا تُنسى في شبه جزيرة بيليساك: جنة كرواتية مذهلة
ADVERTISEMENT

تقع شبه جزيرة بيليساك في جنوب كرواتيا، وهي واحدة من الجواهر المخفية التي تستحق الاستكشاف. تمتاز هذه المنطقة بمناظرها الطبيعية الخلابة، شواطئها الرائعة، وثقافتها الغنية التي تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم. إذا كنت تبحث عن وجهة تجمع بين الاسترخاء والمغامرة، فإن بيليساك هي الخيار المثالي. في هذا المقال، سنستعرض

ADVERTISEMENT

أبرز الأماكن والأنشطة التي يمكنك الاستمتاع بها خلال أيام إقامتك في هذه الجنة الكرواتية.

استكشاف قرية أوربيك

الصورة عبر Mark Hamilton على unsplash

تقع قرية أوربيك في قلب شبه جزيرة بيليساك، وهي واحدة من أجمل القرى الكرواتية التي تمتاز بجمالها الطبيعي وسحرها التاريخي. تأسست أوربيك في العصور الوسطى وكانت مقرًا للبحارة والتجار، حيث ازدهرت بفضل موقعها الاستراتيجي على البحر الأدرياتيكي. عند زيارتك لهذه القرية، ستجد نفسك محاطًا بشوارع ضيقة مرصوفة بالحجارة، حيث يمكنك التجول واستكشاف المعالم التاريخية والمتاحف التي تسلط الضوء على تراث المنطقة البحري. يمكن للزوار زيارة كنيسة "السيدة العذراء" الشهيرة، التي توفر إطلالات بانورامية خلابة على البحر والجزر المحيطة. بالإضافة إلى ذلك، تُعد أوربيك نقطة انطلاق مثالية لعشاق المغامرة، حيث يمكنك القيام برحلات مشي لمسافات طويلة في الجبال المحيطة بالقرية أو استكشاف المسارات الطبيعية التي توفر مناظر طبيعية ساحرة. ولعشاق البحر، تُوفر القرية فرصًا رائعة للاستمتاع بالرياضات المائية مثل السباحة وركوب الأمواج. سواء كنت تبحث عن استكشاف التاريخ أو التمتع بجمال الطبيعة، فإن أوربيك تقدم مزيجًا فريدًا من الأنشطة والمعالم التي تجعل زيارتها تجربة لا تُنسى في بيليساك.

ADVERTISEMENT

الشواطئ الخلابة في بيليساك

الصورة عبر Falk2 على commons.wikimedia

تُعتبر شواطئ بيليساك من بين أجمل الشواطئ في كرواتيا، حيث تمتد على طول الساحل بمياهها الزرقاء الصافية ورمالها الذهبية التي تدعو للاسترخاء والاستمتاع بالطبيعة. توفر هذه الشواطئ بيئة مثالية لقضاء أيام ممتعة تحت أشعة الشمس، سواء كنت ترغب في الاسترخاء على الرمال أو السباحة في مياه البحر الأدرياتيكي النقية. من بين الشواطئ الأكثر شهرة في المنطقة شاطئ ترستنكا وشاطئ بورا، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة والمشاركة في الأنشطة المائية المتنوعة. بالإضافة إلى السباحة، يمكن لعشاق المغامرة تجربة ركوب الأمواج، التزلج على الماء، أو حتى الإبحار في مياه البحر الصافية. الشواطئ في بيليساك ليست فقط مكانًا للاستجمام، بل هي أيضًا مواقع طبيعية جميلة تحيط بها مناظر الجبال الخضراء، مما يجعلها وجهة مثالية لمحبي التصوير الفوتوغرافي. بفضل تنوع الشواطئ والأنشطة المتاحة، تظل بيليساك واحدة من الوجهات الساحلية الأكثر جذبًا في كرواتيا، حيث يجد الزوار ما يناسب اهتماماتهم ويجعل من إقامتهم تجربة فريدة لا تُنسى.

ADVERTISEMENT

استكشاف المأكولات المحلية والمنتجات الزراعية

الصورة عبر Falk2 على commons.wikimedia

تُعد شبه جزيرة بيليساك مكانًا مثاليًا لعشاق الطعام والباحثين عن تجربة الطهي الكرواتية الأصيلة. تتميز المنطقة بتنوع مطبخها الذي يعتمد بشكل كبير على المنتجات الزراعية الطازجة والمكونات المحلية. يمكن للزوار الاستمتاع بتذوق الأطباق التقليدية التي تحضر باستخدام الخضروات الطازجة، زيت الزيتون النقي، والأعشاب العطرية التي تشتهر بها المنطقة. من بين الأطباق الشهيرة التي يمكنك تذوقها في بيليساك هو طبق "بيكا"، الذي يتم تحضيره باستخدام اللحم أو السمك المشوي تحت جمر النار مع البطاطا والخضروات، وهو يعتبر من الأطباق التقليدية الشهية في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للزوار زيارة الأسواق المحلية حيث تُباع المنتجات الزراعية الطازجة مثل الفواكه والخضروات، وكذلك زيت الزيتون والعسل الطبيعي. تتيح هذه التجربة فرصة للاستمتاع بالطعام الصحي والنكهة الغنية التي تقدمها المكونات المحلية. كما يمكنك الاستمتاع بجولات ميدانية في المزارع والمزارع العضوية للتعرف على طرق الزراعة التقليدية والمستدامة التي تتبعها المجتمعات المحلية. ستجد في بيليساك تجربة طهي فريدة تتيح لك اكتشاف المأكولات الكرواتية الأصيلة والتمتع بتذوق نكهات مميزة لا تُنسى.

ADVERTISEMENT

الأنشطة الخارجية والمغامرات

الصورة عبر Falk2 على commons.wikimedia

تعد بيليساك وجهة مثالية لمحبي الأنشطة الخارجية والمغامرات. إذا كنت من عشاق الطبيعة، فإن المنطقة توفر العديد من المسارات الجبلية المثيرة التي تمكنك من استكشاف الجبال والغابات المحيطة. يمكنك الانطلاق في رحلات مشي طويلة أو ركوب الدراجات الهوائية واستكشاف المنطقة على طريقتك. بالإضافة إلى ذلك، توفر بيليساك فرصًا رائعة لممارسة رياضات مثل تسلق الصخور، صيد الأسماك، والتخييم. لمحبي الماء، يمكنهم الاستمتاع بالإبحار في البحر الأدرياتيكي أو تجربة الغوص في بعض من أجمل المناطق البحرية في كرواتيا. هذه الأنشطة توفر لك الفرصة لاستكشاف الطبيعة البكر والاستمتاع بتجربة مغامرة لا تُنسى.

تجمع شبه جزيرة بيليساك بين الجمال الطبيعي، الثقافة الغنية، والأنشطة الممتعة، مما يجعلها وجهة سياحية لا تُنسى في كرواتيا. سواء كنت تبحث عن الاسترخاء على الشواطئ الرملية، استكشاف التاريخ المحلي، تذوق النبيذ الفاخر، أو خوض مغامرات في الهواء الطلق، فإن بيليساك تقدم كل ما تحتاجه لقضاء عطلة مميزة. إذا كنت تخطط لزيارة كرواتيا، لا تفوت الفرصة لاكتشاف هذه الجوهرة المخفية والاستمتاع بكل ما تقدمه من تجارب فريدة. بيليساك ليست مجرد وجهة سياحية، بل هي مكان يجمع بين الراحة والمغامرة، حيث يمكنك الابتعاد عن صخب الحياة اليومية والانغماس في الطبيعة والثقافة بكل حواسك.

حكيم مرعشلي

حكيم مرعشلي

·

17/12/2024

ADVERTISEMENT