عالم ماكس المجنون - لماذا كل هذا الجدل؟
في العام 2015 ظهرت معالجة جديدة لعالم ماكس المجنون، وعلى الرغم من الدموية الشديدة الموجودة في الفيلم، والتي تفوقت حتى على السلسلة الأصلية التي أنتجت في نهايات القرن العشرين؛ إلا أن الفيلم قوبل بالنجاح الكبير سواء على المستوى الجماهيري أو النقاد. ومن المعروف أن القصة الأصلية كان ورائها فلسفة وأفكار محددة، وربما كانت من أبرز الأفكار التي ابتكرت عالم ما بعد الكوارث الكبرى التي سوف تتسبب في تغيير شكل الحياة على الكرة الأرضية، ولكن السلسلة السينمائية قد بالغت في صورها السينمائية، وهي ذات نفسها حقًا لا تصلح لكل فئات المشاهدين لما فيها من عنف وأفكار قد تصل إلى حد الجنون بالنسبة إلى البعض، خصوصًا مع طرح المعتقدات الدينية بها. وتصور البشر لمعتقدات أغلبها مرتبط بالعنف وسيطرة الفكر المرتبط بالماكينات. ويبدو ان نجاح الفيلم في عام 2015 قد استلهم الصناع لفكرة جديدة مشتقة من الأحداث، مرتبطة بالعالم، يدور حول شخصية رئيسية. على الرغم من أنه قد صدرت لعبة إلكترونية كانت ايضًا مشتقة من الفيلم، كان بطلها هو الشخصية الرئيسية (أي ماكس) ولم تنجح كثيرًا. وقد ظُلمت في ذلك حقًا. ولا أحد يعرف السبب الحقيقي لذلك. فقد قوبلت اللعبة من اللاعبين المحترفين بترحيب جيد، بل وصار بعضهم في السنوات الأخيرة يدافعون عنها بشكل كبير. صدر الفيلم الأخير في العام 2024، وتلقى نجاحًا نقديًا في أكثر من محفل سينمائي، والفيلم حقًا يبرز صورة جيدة، مع سرد قصصي سلس. وعلى الرغم من هذا كله؛ إلا أن الفيلم كان متوسط الإيرادات، ولم يلقى نجاحا جماهيريًا مثل الجزء السابق، أو حتى السلسلة الأسبق الأصلية.
أبرز الانتقادات الموجه إلى الفيلم
الشخصيات: يرى بعض النقاد أن الشخصيات، باستثناء فوريوسا، لم تحظَ بتطوير كافٍ وأنها تفتقر إلى العمق.
القصة: يرى البعض الآخر أن القصة مكررة إلى حد ما ولا تقدم الكثير من الجديد لسلسلة Mad Max.
العنف: كما هو الحال مع أفلام Mad Max السابقة، فإن "Furiosa" مليء بالعنف، وقد يعتبره البعض مفرطًا في ذلك.
المقارنة مع Fury Road: نظرًا لنجاح فيلم "Fury Road" الكبير، يجد بعض المشاهدين صعوبة في عدم مقارنة "Furiosa" به، مما قد يؤدي إلى خيبة أمل.
ما وراء الجدل
الواقع أن هذا الفيلم – رغم نجاح الدور الرئيسي عبر أداء الممثلة الشابة آنا تايلور جوي – يبرز كواحد من سلسلة أفلام يتعمد فيها قلب دور البطل الرجل إلى شخصية نسائية. وهو ما ثبت فشله على المستوى الفني والجماهيري.
ونحن هنا لا نتحدث عن أدوار نسائية في الأساس، أي البطل منذ البداية امرأة أو أنثى، ولكن عن تحويل أبطال رجال إلى نسخة نسائية.
فهناك الكثير من الأفلام التي نجحت نجاحًا جماهيريًا كبيرًا وبطلها الأساسي امرأة.
وكذلك في عالم الألعاب التي تحولت قصتها إلى أفلام، فنجد شخصيات مثل "لارا كرافت" محبوبة من الرجال قبل النساء في عالم تومب رايدر.
فالفكرة هنا أن الجماهير لا تتقبل بسهولة تحول البطل المحوري الرجل إلى أنثى، بل والبعض يرفضها تمامًا. وأغلب الأحيان يكون للجماهير الحق.
فقد شاهدنا ذلك في العديد من الأفلام التي سقطت جميعًا جماهيريًا، وأبرزها الفيلم المعاد صناعته كنسخة نسائية من سلسلة "صائدو الأشباح"، والغريب حقًا هو وجود نفس الممثل الذي قبل دورًا ثانويًا في ذلك الفيلم! بل في فيلم "صائدو الأشباح" لعب دورًا يكاد يبرز كأحمق أو غبي. ولا أحد يعرف تحديدًا لماذا قبل ممثل جيد بإمكانات وجماهيرية واسعة مثل تلك الأدوار في هذه الأفلام.
لم يكن العبء هينًا على الممثلة الشابة ايضًان فهي تمثل دور تاريخي لعبته الممثلة الموهوبة الجنوب أفريقية "شارلي ثيرون".
واكن في الوقت ذاته لم يعبأ الجماهير كثيرًا بفكرة طرح بطلة من ذلك العالم تحمل فيلمًا بأكمله، خصوصًا أن هذا الفيلم قد غاب فيه الشخصية الرئيسية التي تتمحور حولها القصة والأحداث، أي شخصية ماكس.
إلى جانب ذلك كله، وعلى الرغم من أن المشاهد توقع أحداثًا عنيفة، مرعبة، بأفكار ومعتقدات جنونية؛ إلا أنهم وجدوا تفريطًا كبيرًا في تلك الأمور. وربما تعمد صانعوا الفيلم ذلك لتعويض الكثير من ضبابية الشخصيات والأحداث. فهناك الكثير من الأحداث لم يكن لها تفسيرًا واضحًا، وتم التركيز على شخصية البطلة الرئيسية.