قصة الهدهد وملكة سبأ في التراث والموروثات العربية
الهدهد واحد من أشهر وأهم الطيور في الموروث العربي وذلك بسبب قصته مع نبي الله سليمان عليه السلام وملكة سبأ التي كانت تدعى "بلقيس" وصار مقرباً من قلوب العرب بعد تلك القصة المميزة التي ذكرت في القرآن الكريم بحواره مع نبي الله سليمان وظهوره بتلك الفصاحة والبراعة.
وذكر عنه أيضا أنه يرى الماء في باطن الأرض، وله الكثير من الألقاب مثل " أبو الأخبار " و"أبو ثمامة" و" أبو الربيع" وأبو روح" و" أبو سجادة" و"أبو عبادة". وذكرت الطيور بترتيب معين يتبع رمزية معينة لذلك الترتيب في إطار إسلامي كان فيه نبي الله سليمان نبياً مسلما قبل ظهور الإسلام.. وصار مثل آدم تُعرض عليه المخلوقات فيعرفها بأسمائها ومناطقها.. وكان الترتيب كالتالي الخطافة أو "الحدئة"ومن ثم النسر ملك الطيور ثم العقاب ويليه العنقاء وبعده الغراب وتلته الحمامة وأتى بعدها الهدهد وجاء بعده في آخر هذه السلسلة الديك.
الهدهد عند العرب
يحكى أنه في استعراض لنبي الله سليمان للطير والحيوانات بشكل أسطوري كانت الطيور فيه غير أعجمية أو أن بعض الناس المختارين كانوا يستطيعون فهم لغتها وحديثها وذلك توسعا في تفسير بعض الآيات عن الرواة المسلمين كما ورد في سورة النمل في القرآن الكريم وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَاأَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ)(النمل/16).
وأسطورة سليمان والهدهد وبلقيس تنسجم مع المعان الرمزية الأسطورية التي كانت موجودة عن العرب قبل الإسلام والبعض يرى أن وراء ترتيب الطيور رمزية أخرى تتمثل في أنه قد يكون مرتبط بترتيب عقائدي ضمني، يبدأ بالحمامة وذلك بسبب علاقتها بأنبياء ورسل مثل آدم ونوح وإبراهيم عليهم جميعا السلام وهم نموذج للتوحيد ثم النسر والعقاب وهم رمز للشمس والملك بعد النبوة ثم العنقاء، ذلك الطائر الخرافي الذي يتواجد في الأساطير ولطالما تم إقرانه بقصص بداية الخليقة، ثم الغراب تذكيرا بغراب نوح ، ثم الحمامة المطوقة ثم هدهد سليمان ثم الديك وهو رمز من الرموز الإسلامية فهو رمز من رموز المؤذن.
قصة الهدهد وسليمان عليه السلام وبلقيس
قصة الهدهد مع نبي الله سليمان عليه السلام واحدة من أشهر القصص عن الهدهد في التاريخ ، وبفضل ما فيها من هالة وقدسية أصبح قتله أو صيده محرما على البشر عرفيا بدون نص أو أمر يحرم ذلك. ويقال عن الهدهد أنه يقول في صياحه " عند القدر يعمى البصر" فمن المعروف أن الهدهد كان دليلاً ومرشداً لنبي الله سليمان للبحث عن الماء وإيجاده حيث أن طائر الهدهد لديه القدرة على رؤية الماء في باطن الأرض ومع ذلك لا يستطيع أن يرى أو يلاحظ الفخاخ التي تنسج له من أجل أن يتم اصطياده فلا يلاحظها بشكل جيد.
واستند إلى هذه القصص والأقاويل عن الهدهد "نافع بن الأزرق" واحد من الخوارج فقال عن هذه الأسطورة أنها دلالة وعبرة عن الصراع الفكري بين كل الكائنات بين الجبر والاختيار، وذلك فيه شبه أيضا بأسطورة القلم وكتابة القدر وجميع أعمال العباد من آدم إلى آخر البشر منذ الأزل وحتى النهاية .
وتعتبر قصة الهدهد مع سيدنا سليمان عليه السلام من أشهر القصص الخاصة بالطير في القرآن وتدور حول أن سيدنا سليمان كان يطمئن على جنوده وجيوشه من البشر والطير والحيوانات والجن، لكن لم يجد الهدهد بين الصفوف برغم أنه لم يستأذنه فغضب سليمان عليه السلام غضبا شديدا وتوعده بالعقاب الشديد بسبب غيابه عن الصف دون استئذان، وعندما وصل الهدهد سأله سليمان عليه السلام عن سبب غيابه فقال الهدهد أنه جاء بخبر عظيم لا يعلم عنه نبي الله شيء وكان ذلك الخبر أنه وصل إلى اليمن فوجد فيها قوم يعبدون الشمس وتحكمهم ملكة عظيمة تسمى بلقيس ولها عرش عظيم وأنهم كانوا يسجدون لها ولا يسدجون الله عز وجل.
فقرر سليمان عليه السلام أن يرسل إلى بلقيس رسالة مع الهدهد يدعوهم فيها للإيمان لعبادة الله الواحد الأحد ، وبالفعل نفذ الهدهد الأمر وألقى بالرسالة لأهل سبأ وبذلك أصبح الهدهد سبيلا لهدى قوم مملكة سبأ وعلى رأسهم ملكتهم بلقيس التي استطاعت بذكائها أن تفهم رسالة سليمان عليه السلام بشكل صحيح لتؤمن بعدها هي وقومها وبعد زيارتها الشهيرة لمملكة سليمان. ك ذلك بدأ فقط برؤية وخبر من هدهد ذكي فطن.