سيرة الثعابين والأفاعي في التاريخ العربي

لطالما كان للثعابين والحيات مكانة خاصة في الأساطير والحكايات باختلاف الأزمنة والحضارات بل والبيئات أيضا التي تحتوي على تلك الأساطير. وكانت الحية في تلك الأساطير غالبا ما يتم اقرانها بمعاني الشر أو الظلام أو ما يثير الخوف والرعب في النفوس. على الرغم من ذلك فإن الأساطير التي تظهر فيها الحية أو الثعبان لم تقتصر على هذا المعنى الشرير فقط فهناك بعض الحضارات التي منحتها طابع القدسية والتبجيل وأنها ذات مغزى خير بالحماية ومنح القوة مثلما كان في الحضارة المصرية القديمة التي كانت تعطي للحيات مكانة كبيرة من التقديس والتبجيل فعلوا بها لأماكن شاهقة مثل أن تكون دائما على جباه الملوك وعلى تيجانهم بغرض حمايتهم من أي خطر أو أي عدو قد يواجههم. لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن المصرين كانوا يحبون الثعابين والحيات دائما فكان هناك مثال آخر ولكن ثعبان وليس حية كان هو العدو الأكبر والخطر الأكبر الذين يخافون منه دائما ويحاولون أن يكونوا صالحين في الحياة حتى لا يواجهوه بغضبه وشره

الثعابين والأفاعي في البلاد العربية

تزخر شبه الجزيرة العربية بأنواع مختلفة وبعضها نادر الوجود من الثعابين والحيات وهذا ما جعل العرب يبدأون في نسج الأساطير والحكايات التي تكون بطلتها حية أو ثعبان ، ومن تلك الأنواع النادرة ثعبان الخليج العربي الذي يعيش تحت المياه معظم حياته ويتميز هذا النوع خاصة بالسمية الشديدة ولونه الأصفر المميز وخطوطه السوداء العريضة.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

وهناك نوع آخر تم اكتشافه حديثا من الثعابين تمت تسميته ثعبان الحجاز بسبب اكتشافه في المملكة العربية السعودية وعلى الرغم من لونه الأصفر الفاقع وطوله الذي يصل إلى ثلاثين متر وشكله المرعب إلا أنه واحد من الثعابين التي تصنف على أنها ثعابين أصلية وغير سامة .

أما أفعى أم جنيب فموطنها الأصلي بلاد الشام والعراق وربما جنوب إيران وهي من أنواع الأفاعي القرناء أو التي لها قرون وتنشط عادة في الليل والمناطق الصحراوية.

الثعابين في الأساطير العربية

صورة من wikimedia

وتلك الأمثلة الثلاثة على غرابتهم فإنهم نقطة ف بحر أنواع الزواحف التي تذخر بها بلادنا العربية وهذا ما جعلها تسرد الحكايات والأساطير عنها فمثلا في مملكة سبأ كان للثعابين دور في الحماية ومعاقبة الخطاة بشكل أكبر فكانت لأشجار اللبان التي تعد أهم مصدر لمملكة سبأ تستند إليه في التجارة مع الحضارات المجاورة لها كانت تمتلك تلك الأشجار حرساً من الثعابين يحمونها من أي محاولة للسرقة، وكان هناك أنواع أخرى منها الثعابين المجنحة التي تنقض على الخطاة و تحاسبهم على أخطائهم.

أما العرب في الجاهلية بالنسبة للقبائل التي كانت تسكن شبه الجزيرة العربية فكانوا يهابون الثعابين البيضاء بشدة أكثر من السوداء أو حتى الملونة بشكل عام وذلك لأنهم كانوا يفاجئون بها ولا يجدون الوقت الكافي للتخلص منها أو حتى تفادي سمها لذا كانوا عادة ما يقرنونها بالموت المفاجئ والعقاب أكثر مما رأوها بدور الحامية كغيرهم من الحضارات. لكنهم رأوا فيها نوع آخر من القيمة التي رأوها بها مثل تشابهها مع القمر في تجديد نفسها كل مدة زمنية بانسلاخها من جلدها القديم وخروجها بجلد وحلة جديدة كما يفعل القمر بداية كل شهر بميلاده وظهوره من جديد.

ولم تتوقف أساطير العرب في الجاهلية عن الثعابين عند هذا الحد فقد قالوا عنها أنها هؤ من أغوت آدم - عليه السلام - وزوجه حواء ليأكلوا من الشجرة التي حرمها الله عليهم فخرجوا من الجنة لهذا السبب، بل قالوا عنها أيضاً أنها كانت تحاول منع ابراهيم واسماعيل عليهما السلام من إعادة بناء الكعبة.

وهذا فيه دلالة مباشرة على المنظور التي كانت ترى به الحيات و الثعابين والأفاعي في الثقافة العربية فكانوا يقرنوها بكل الشرور والخراب والمشكلات سواء المادية أو حتى المعنوية التي تصيبهم أو تحيط بهم ولطالما أقرنوها بالسحر والشعوذة وأنها تساعد السحرة على التواصل مع الجن ونقل العون لهم ونشر الخراب والشرور على الأرض.

المزيد من المقالات