الذئب الذي تحدث إلى الرجل العربي
في عالم ووقت أصبحت فيه المعجزات خرافات، نسي وغفل كثير مننا عن المعجزات التي مر بها بشر اختارهم الله اختصهم ببعض آياته. فنجد من ضمنها الذئب الذي تحدث إلى الرجل العربي. فاشتهر للنبي الكثير من المعجزات وأبرزها نزول القرآن الكريم ونبع الماء بين أصابعه الشريفة، وانشقاق القمر، وحنين الجذع له، وتسليم الحجر عليه، وانقياد الشجر إليه، وتسبيح الحصى بين يديه ولكن الكثير لا يعلم عن معجزة الذئب والرجل العربي.
الذئب الذي تحدث إلى الرجل العربي
شهد الذئب للنبي – صلى الله عليه وسلم – بالنبوة، والتي ينبغي تصديقها وقبولها، حتى وإن خالفت عقول البشر. نعم، نطق الذئب وتكلم ودعا الناس إلى الإيمان بالرسول – صلى الله عليه وسلم...وهذه القصة وردت من رواية أبي سعيد الخدري ومن رواية أبي هريرة رضي الله عنهما، وقد أخرجهما الإمام أحمد في مسنده، وذكرها ابن كثير في البداية والنهاية، والبيهقى فى دلائل النبوة، وابن حبان في صحيحه، والترمذي في سننه، والحاكم في مستدركه، وصححها الألباني في السلسلة الصحيحة.
تقول الرواية فيما رواه أبو سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: "عدا الذئب على شاةٍ فأخذها، فطلبه الراعي، فانتزعها منه، فأقعَى (جلس مفترشاً رجليه) الذئب على ذَنَبِه، وقال: ألا تتقي الله؟ تنزع مني رزقًا ساقه الله إليَّ؟ فقال: يا عجبي! مُقْعٍ على ذَنَبِه يكلمني بكلام الإنس؟ فقال الذئبُ: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟: محمدٌ صلى الله عليه وسلم بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق، قال: فأقبل الراعي يسوقُ غنمه حتى دخل المدينة، فزواها إلى زاوية من زواياها، ثم أتى رسول الله فأخبره، فأمر رسول الله فنودي: الصلاة جامعة، ثم خرج، فقال للراعي: أخبرهم، فأخبرهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدق، والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى تكلِّم السِّبَاعُ الْإِنْسَ، ويكلم الرَّجُلَ عَذَبَةُ (طرف) سَوْطِه وشِرَاكُ (سير) نعْلِه، ويخبره فخِذه بما أحدث أهلهُ بعده" رواه أحمد وصححه الألباني.
وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه عندما كلم الذئب راعي الغنم، فقال الرجل: "تالله إنْ رأيتُ كاليوم ذئباً يتكلم، قال الذئب: أعجب من هذا رجل في النخلات بين الحرتين (المدينة) يخبركم بما مضى وبما هو كائن بعدكم، وكان الرجل يهوديًّا، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم وخبَّرَه، فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم" رواه أحمد.
معنى الرواية
نجد في هذه الرواية أن هناك رجلا يرعى غنمه، ويقال أنه الصحابي الكريم أهبان بن أوس الأسلمي، الذي كان يكنى "أبا عقبة"، حتى اختطف الذئب شاة منهم فصاح الصحابي فيه، ولم يكن الصحابي مسلما في هذا الوقت، فرد الذئب كالبشر عليه مستنكرا كيف يحرمه الصحابي من رزق كتبه الله له؟! فتعجب أبو عقبة... كيف يمكن لذئب أن يتحدث كالبشر؟! فسأله الذئب ألا أقول لك الأعجب من ذلك؟ النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – يخبر الناس بما سبق. ذهب أبو عقبة للنبي وأخبره بما حدث وأسلم.
عن الصحابي أهبان بن أوس الأسلمي
كان من أصحاب الشجرة في الحديبية، ابتنى دارا بالكوفة، أسلم ومات بها في أيام معاوية بن أبي سفيان، والمغيرة بن شعبة يومئذ أمير لمعاوية عليها، يقال: إنه مكلم الذئب، روى عنه مجزأة بن زاهر الأسلمي. وقيل: إن مكلم الذئب أهبان ابن عياذ. حدثت واقعة الذئب في العام السادس من الهجرة وأسلم بعدها. صلى القبلتين وكان يشتكي من ركبتيه، فكان إذا سجد وضع تحت ركبتيه وسادة.
الخلاصة
إن كل من يؤمن بالله يجب أن يؤمن بمعجزاته، صغيرها وكبيرها. ونستفاد من هذه المعجزة أن كل شيء وارد حدوثه، وأنه يجب أن نقوي من إيماننا لأننا نجد الذئب الذي سيكون ترابا مؤمنا بالله ويتحدث بلسان فصيح، فما بالك الإنسان الذي سيحاسب يوم القيامة على كل صغيرة وكبيرة ارتكبها؟ مع تطور الزمن، قل اهتمام الناس بالدين ونجد أن هذا يؤثر بالسلب على مجتمعنا وعلى الإنسان على الصعيد الشخصي فلم لا نعطي نفسنا فرصة للتمعن في ديننا ونتقرب إلى خالقنا؟