الجربوع الأزرق.. قنبلة فرنسا النووية في صحراء الجزائر
"الجربوع الأزرق" أول قنبلة نووية ألقتها فرنسا على الجزائر
التجربة التي اتخذت اسمها في نصفه الأول من حيوان الجربوع القارض الموجود في صحراء الجزائر بكثرة وفي نصفه الآخر من أول ألوان العلم الفرنسي هي في حقيقتها عبارة عن جريمة مروعة قامت بها فرنسا في صحراء الجزائر حينما كانت الجزائر مستعمرة فرنسية قضت على 150 أسير جزائري تم استخدامهم كفئران تجارب لقياس تأثير القنبلة النووية الفرنسية ضمن أولى محاولات تجربتها على الجزائريين بعدما جاؤوا بهم من سجن سيدي بلعباس ومعسكر بوسويه الواقعين في الجزء الغربي من الجزائر،إلى منطقة رقان لتتم عليهم التجربة لكنهم لم يعودوا أبدا من حيث جاؤوا.
تجربة الجربوع الأزرق للقنبلة النووية الفرنسية لم تكن تجربة واحدة بل هي عبارة عن سلسلة تجارب امتدت على طول ست سنوات كاملة منذ عام 1960م حتى جلاء القوات الفرنسية عن الأراضي الجزائرية في عام 1966م ، التجارب التي راح ضحيتها مئات وربما آلاف الجزائريين الذين لم يكن لهم ذنب فيها بل ومازالت الأجيال الجزائرية تدفع ثمنها حتى يومنا هذا بسبب الآثار الإشعاعية التي لاتزال موجودة بالأراضي الجزائرية وغيرها أيضا من الدول المحيطة مثل ساحل العاج والسودان.
تأثير الجربوع الأزرق وغيرها من التجارب النووية على الجزائر حتى اليوم
لا تزال بقايا وآثار الإشعاعات النووية التي تسببت فيها تجربة اختبار القنبلة الفرنسية التي قيل عنها أنها تحمل أكثر من 70 ضعف قنبلة "الرجل البدين" التي ألقتها الولايات المتحدة الأمريكية على مدينة "ناغازاكي" اليابانية .
وهذه القنبلة التي تم القاها من ارتفاع 100 متر وبلغت قوتها المتفجرة ما يقارب 70 كيلو طن ولذلك قام ملقوها بمتابعة الأحداث عن بعد 16 كلم من مكان الانفجار خوفا من التأثير واشعاعاتها رغم ذلك لم يتمكنوا من الهروب تماما حيث أن إجراءات الحماية أثناء التجربة لم تكن كافية ففي دراسة حديثة تعود لعام 2021 مستندة إلى دراسات قامت بها منظمة غير رسمية فرنسية تسمى "منظمة التحكم في النشاط الإشعاعي الفرنسية ACRO" أن الغبار الصحراوي المتأثر بالإشعاعات الناتجة عن تجربة "الجربوع الأزرق" وصلت حتى شمال فرنسا بفعل الرياح.
سبب خلف قيام فرنسا بتجربة "الجربوع الأزرق"
رأت فرنسا أن التجربة لابد لها من أن تتم لتحجز لفرنسا مقعدا متقدما في النادي النووي بين القوى العظمى في العالم المتمثلة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد السوفيتي، لكن خوفها من تأثير القنابل التي سيتم القائها أثناء التجربة على الأراضي الفرنسية ومستقبلها القريب والبعيد كان مانعا أمام القيام بتلك التجارب المشابهة للجربوع الأزرق وغيرها من التجارب التي تخطى عددها 57 تجربة وهذا رقم مهول بالقياس على آثار تجربة واحدة من هذه ال57 تجربة، ولذلك وقع الاختيار على الأراضي الجزائرية التي كانت تحت الاستعمار الفرنسي في تلك الآونة وهذا كان الاختيار الأسهل على الجنرالات الفرنسيين ومنهم الجنرال "شارل ديغول" الذي أشار بنفسه عام 1958 بدء عمليات السلاح النووي الفرنسي.
قوة القنبلة النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية
القنبلة التي تم إلقائها إبان تجربة الجربوع الأزرق كانت تضاهي في قوتها قوة التجارب والقنابل السوفيتية والانجليزية والأمريكية مجموعة وأكثر، لكن ذلك لم يكن الحد الذي توقفت عنده الدولة الفرنسية بل إنها قامت أيضا باجراء عدد من التجارب المهولة بعد 15 شهرا فقط من التوقف بعد تجربة إلقاء قنبلة الجربوع الأزرق، في تجربة تسمى "روبيس" وأخرى بعد مدة قصيرة لم تتعدى 20 شهرا تسمى "السفير" وقد كانتا أكثر قوة من تجربة "الجربوع الأزرق" فوصلت قوة قنبلة نووية تم تجربتها في إحدى هاتين التجربتين 100 كيلو طن.
لا تزال فرنسا تخفي عن الأوساط العلمية حتى يومنا هذا حقيقة تلك التجارب التي قارب عددها الستين تجربة في الأراضي الجزائر في أعوام قلائل لم تتعدى الست سنوات وبها تخفي أيضا وجهها القبيح عن العالم الذي اختار أراضي الجزائر كحقل لتجارب القنابل النووية التي ترغب في امتلاكها فقط لتصبح واحدة من القوى الرائدة والمؤثرة في العالم ولم تأبه بمصير المئات البشر من السكان المحليين لصحاري الجزائر و ملايين من الجزائريين في سائر البلاد عبر الأجيال التي ستعاني من تأثير الإشعاعات النووية الناجمة عن التجارب المشابهة لتجربة الجربوع الأزرق.