في الأسابيع القلية الماضية، صار الحديث عن مسلسل تاريخي هو الأشهر حاليًا - وهو مسلسل "الحشاشين" - في كل مجتمعات النقاش ووسائل السوشيال ميديا عبر الإنترنت، بل وصار الحديث أيضًا في العديد من المجالس الثقافية ووسائل الاعلام في العالم العربي.

فالمسلسل أثار حالة من الجدل والأسئلة الكثيرة، ووجهت إليه الانتقادات التي تندلع من الآراء المختلفة حول العمل نفسه. ولكن شهد الجميع بجودة العمل غير المسبوقة، التي صححت مسارًا كان مرتبكًا للغاية بالنسبة لجودة الدراما العربية، خصوصًا من ناحية التقنيات والديكورات والتفاصيل البسيطة التي تصنع الكثير في العمل نفسه. والمسلسل حقًا شهد أعلى نسبة مشاهدة في العديد من الدول العربية، بل ذاع صيته أيضًا في بعض القنوات الأجنبية.

وعلى الرغم من أن حتى صانعي المسلسل شددوا أن المسلسل عمل درامي يعبر عن فكرة المسلسل نفسها، وليس مرجعًا تاريخيًا - مثله مثل جميع الأعمال الدرامية التاريخية - إلا أن حالة الجدل التي صارت حول المراجع التاريخية كثيرة. ورغمًا عن ذلك فهذا جانب إيجابي ومفيد، على الأقل فهو يدفع الكثيرين إلى البحث والتحقق، ويثير شغف الباحثين عن الحقيقية والمهتمين بالتاريخ.

ويبدو أننا أمام مستقبل أفضل حقًا للدراما التاريخية العربية التي تستحق منا الكثير. فهي نبع كبير ينهل منه من استطاع الوصول إليه بحرفية.

إذا أعجبك مسلسل "الحشاشين"، وصرت مهتمًا بالأعمال التاريخية؛ فعبر السطور التالية سوف نقترح عليك ثلاثة مسلسلات كلاسيكية كان لها أثرًا كبيرًا في تاريخ الدراما العربية، وهي متاحة عبر مختلف المنصات العربية، بل ومنها أيضًا ما هو متاح للمشاهدة عبر يوتيوب.

عمل تاريخي يناقش فتح الأندلس، مع التركيز على شخصية "طارق بن زياد"، وهو مكتوب ومصنوع بحرفية، وهو من بطولة نخبة كبيرة من نجوم الوطن العربي من، مصر، سوريا، لبنان، والمغرب، وآخريات، على رأسهم المبدع "ممدوح عبد العليم" المعروف باختياره الدقيق لأعماله.

يتميز المسلسل بالأداء التمثيلي القوي، حيث ضم كبار الممثلين الذين اشتهروا بالأداء المسرحي والدرامي، ومنهم السيدة "مني واصف"، "السيد راضي"، و"محمد حسن الجندي"، على سبيل المثال، لا الحصر. وكل هؤلاء معروفين بأدوارهم الكبيرة في أعمال لا تنسى من الدراما العربية.

يُعد مسلسل "الطارق" من أضخم الإنتاجات التاريخية في الدراما العربية عام 2004، حيث يتناول المسلسل السيرة الذاتية للقائد طارق بن زياد منذ مولده في إحدى قبائل البربر بشمال إفريقيا، ونشأته، ورحلته حتى أصبح قائدًا للجيش.

يُجسد المسلسل قصة فتح طارق بن زياد للأندلس، وكيف استطاع بذكائه وحنكته استغلال الصراعات السياسية والضعف العسكري في تلك البلاد لتحقيق نصر عظيم، ليبدأ بعدها عصرًا ذهبيًا في الأندلس.

هو واحد من الأعمال التي لا تنسى التي تميزت بجودتها العالية وحرفيتها المعهود بها صانعوها، فهو من أهم المسلسلات التاريخية العربية التي تناولت فترة انهيار الدولة الأموية في الأندلس، وتقسمها إلى ممالك صغيرة متناحرة، وذلك في القرن الحادي عشر الميلادي.

يروي المسلسل قصصًا مُتداخلة لشخصيات مختلفة من تلك الحقبة، من ملوك وملكات وقادة عسكريين وعلماء وشعراء، وكيف واجهوا الصراعات الداخلية والخارجية، وحاولوا الحفاظ على ثقافتهم وحضارتهم في ظل التهديدات المتزايدة من الممالك المجاورة.

يضم المسلسل نخبة من نجوم أغلبهم من الدراما السورية، مثل "أيمن زيدان"، "جمال سليمان"، و"تيم حسن".

من بطولة النجم "أحمد عبد العزيز" فتي الشاشة الفضية في تسعينيات القرن العشرين، ومعه نخبة من نجوم الدراما المصرية والعربية، فلا يمكن عدم ذكر نجوم مثل "حمدي غيث"، "أحمد ماهر"، "محمد السبع"، والمبدع القدير "أحمد توفيق".

يتتبع المسلسل الرحلة التاريخية لمحمود بن ممدود، المعروف أيضًا بسيف الدين قطز، بدءًا من نشأته الصعبة وانفصاله عن عائلته، بما في ذلك حبيبته هند، وحتى تجنيده في فيلق المماليك. كما يصور مشاركته في معركة ضد المغول، الذين كانوا يوسعون قوتهم في جميع أنحاء العالم.

يكفي أن تعلم أن الحلقة الأخيرة للمسلسل حازت على نسبة مشاهدة غير عادية، وتم مناقشتها في العديد من وسائل الإعلام وقتذاك، وهي من الأعمال التي التي صنعت وساهمت في نجومية العديد من الممثلين الصغار حينها. يعد المسلسل من أطول الأعمال التاريخية في جزء واحد، حيث بلغ عدد الحلقات 45 حلقة.

في النهاية نتمني أن تعبجكم الأعمال السابق ذكرها، وأن تثير شغفكم بالبحث في مراجع التاريخ المختلفة، وتكوين فكر ووجهات نظر في الدراما العربية التاريخية...