طائفة الحشاشين الغامضة في الشام

فرقة الحشاشين أو Assassins والتي تعرف أيضا بالطائفة الإسماعيلية النزارية  أو الباطنية الإسماعيلية كانت ومازالت واحدةً من أكثر الطوائف غموضًا وإثارةً للرعب في التاريخ الإسلامي وذلك بسبب ما حفها من سرّيّةٍ مفرطةٍ لفترةٍ طويلةٍ من الزمن حتى بالرغم من مرور ما يقرب ألف سنةٍ على وجودها.

و قد أعيد إحياؤها مؤخرًا على ألسنة الناس بين مؤيدٍ ومعارضٍ بسبب اتخاذها وتاريخها -فرقة الحشاشين- كفكرةٍ ليستوحى عنها عملٌ دراميٌ مصريٌ الإنتاج والإخراج والتمثيل ليتخذ من تلك الفرقة خطوطًا عريضةً ليسرد حكايةً دراميةً في معظمها حسب تعبير صناع العمل وأنه ليس مرجعًا تاريخيًّا لفرقة الحشاشين.

*فرقة الحشاشين فدائية أم قتلة مأجورين؟

حتى يومنا هذا نجد الكثير من التضارب في آراء الناس عن طبيعة فرقة الحشاشين ولا أقصد بالناس هنا العامة فقط بل أيضًا كتابات المؤرخين ، فمثلًا؛ يذكر في الرواية الغربية لتاريخ الفرقة المأخوذة عن حكايات "ماركو بولو" أشهر الرحالة الغربيين أن فرقة الحشاشين كانت إرهابية قامت بالكثير من الأعمال التخريبية والاغتيالات للكثير من كبار رجال الدولة العباسية والسلجوقية كذلك وكان منهم الوزير "نظام الملك الطوسي" وزير الدولة السلجوقية واغتالوا أيضا "كونراد" ملك بيت المقدس، وكانوا أتباعه ينفذون ما يأمر به بسبب إعطائهم الحشيش حتى تذهب عقولهم ويقنعهم بما يريد وذلك بعد يحملوا إلى داخل أماكن مخصصةٍ في قلعة "آلموت" التي سيطر عليها وجعلها مقر القيادة الخاص بالحركة وجهزها وصممها لتكون جنةً على الأرض. 

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

وبمجرد أن يروها يصبحوا جاهزين تمامًا أن يأمرهم بأي شيء فينفذوه في نفس اللحظة دون خوفٍ على حياتهم التي لم تكن مهمةً لهم بعد أن أراهم الجنة لبعض الوقت.

لكن دكتور "محمد عثمان الخشت" أستاذ فلسفة الأديان في جامعة القاهرة يرى أن من المستحيل أن يكون "حسن الصبّاح" أقام هذه الجنة المزعومة وذلك بسبب الطبيعة الطوبوغرافية لمكان قلعة "آلموت" العالي فوق الجبل الذي منح حسن الصباح لقب شيخ الجبل الذي كان يشير به إليه "ماركو بولو" ، لكن هناك رأي آخر أن فرقة الحشاشين أو من الأفضل بالنسبة لهذا الرأي الإشارة إليها باسم فرقة الفدائيين أو الطائفة الإسماعيلية النزارية كانت دعوة للإمام الغائب "نزار بن المستنصر بالله" بعد أن أسره "بدر الدين الجمالي" -وزير المستنصر بالله الفاطمي والداعم الأول والأقوى للمستعلي بالله الأخ الأصغر لنزار- أسره في سجن الإسكندرية الذي ارتقى منه الإمام نزار -حسب رأي الطائفة النزارية- وأنه سيعود للظهور مرةً أخرى كالإمام المهدي المنتظر وأن حياة حسن الصباح نفسه في قلعة آلموت والتي دامت 35 عامًا كاملًا كانت كلها دعوةً للإسماعيلية الباطنية والتبشير وانتظار الإمام الغائب ، وأن العمليات السرية والاغتيالات التي قامت بها الفرقة كانت لتوسيع الدعوة في بلاد الشام والرافدين وما وراء النهر والوصول لأكبر قدرٍ ممكنٍ من التمكين حيث كانت عمليات اغتيال لأعداء هذه الدعوة والذين يحاولون القضاء عليها والذي كان واحد منهم "نظام الملك الطوسي" الوزير السلجوقي.

الفرقة بعد موت حسن الصباح

صورة من wikimedia

لم تنتهِ الفكرة التي بدأت في قلعة آلموت ، فبعد نهاية حسن الصباح استمر في الدعوة بعده ابنه "كيا بزرك أميد" لمدة 14 عام حتى وفاته هو الآخر وخلفه ابنه "محمد" الذي كانت فترة حكمه طويلةً دامت 45 عام  وانتهت أيضًا بموته. وخلفهم من نسلهم أيضًا من تسمّوا باسم "شيوخ الجبل" الذين أكملوا مسيرة الدعوة التي بدأها حسن الصباح حتى  مر على وفاته ما يقرب 146 عام .

نهاية الحشاشين في الشام

صورة من wikimedia

بدأت نهاية الحشاشين عندما أمر "الظاهر بيبرس" بأن تؤخذ الضرائب عن فرقة الحشاشين كذلك مادامت في بلاد الشام وبالفعل هذا ما حدث بدون مقاومةٍ تذكر منهم وأصبح الظاهر بيبرس هو المتحكم الأول في فرقة الحشاشين يضع على رأسهم من يشاء ويخلع من يشاء ولم يكتف بذلك بل كان يستولي على القلاع الخاصة بالنزارية على مدى السنين حتى عام 671 هـ العام الذي انتهت فيه الدولة النزارية الإسماعيلية وفرقة الحشاشين بعد أن استمرت لمدة 185 عام تقريبًا لتترك خلفها العديد من التساؤلات التي تثير عاصفةً من التفكير لا تقل عما أثارته قلاعهم الحصينة من خوفٍ وترقّبٍ في قلوب أعدائهم.

المزيد من المقالات