مأكولات نباتية شهيّة: 5 أطباق نباتية عربيّة تغيّر مشهد المطبخ العالمي

فيما يشيد خبراء التغذية في السنوات الأخيرة بمختلف الفوائد الصحية والبيئية التي يعود بها النظام الغذائي النباتي الصرف أو النسبي على متّبعيه، كان المطبخ العربي يوظّف النباتات منذ القدم لخلق أطباق كفيلة بنيل إعجاب الأذواق العالمية، بفضل نكهاتها الغنية وقوامها المختلف وأثرها الثقافي. ولا تلبّي هذه المأكولات النباتية المعايير الدقيقة والطلب المتزايد على الخيارات النباتية فحسب، بل هي دليل أيضًا على التنوع والابتكار المتأصل في فن الطهي العربي. سنستكشف في هذه المقالة خمسة أطباق نباتية من إبداع المطبخ العربي، قد كسبت إعجاب متذوّقيها من مختلف الجنسيات، وأحدثت تحوّلا في المطبخ العالمي.

الفتّوش:

طبق الفتوش، المعروف قديما باسم "أبو المليح"، هو سلطة لذيذة وخفيفة، لطالما كانت محبوبة في المطبخ اللبناني، وما لبثت أن كسبت رواجا بين غيرها من البلدان العربية، زمن ثم أصبحت من المقبّلات المفضلة لدى الذواقة عالميًا، بفضل مزيجها المنعش من الخضار والأعشاب الطازجة والنكهة اللاذعة.

تعتمد هذه السلطة على قطع كبيرة نسبيًّا من الطماطم والخيار والفجل والبصل والفلفل الحلو، والخس، تخلط بأعشاب السماق والبقلة والنعناع الأخضر المقطّعة، وبعد إضافة الملح ودبس الرمان والثوم المهروس، ترشّ بسخاء بزيت الزيتون وعصير الليمون.

يقدّم الفتوش وأعلاه مغطّى بطبقة من قطع الخبز المحمّص، أو خبز الفتّوش، التي تمنحه قرمشة شهيّة في حال كانت جافّة، أو يمكن نقعها في عصير السلطة للتمتّع بمختلف النكهات التي تتميّز بها المأكولات المتوسّطية.

المجدّرة:

يعتبر طبق المجدرة من أشهر الأطباق في الشرق الأوسط وأقدمها، وهي أكلة شهية ومغذّية تستند أساسًا على الأرز أو البرغل المخلوط بالعدس المطبوخ والمزيّن بالبصل المقلي حتى يصبح ذهبيًّا. يخلق مزيج العدس والأرز المتبل بالبهارات على غرار الكزبرة والكمّون وجوزة الطيب، قاعدة دسمة وغنيّة بالبروتين، في حين تضفي الطبقة العليا من البصل المكرمل قرمشة مميّزة على كل قضمة.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

وبذلك، تجمع المجدّرة بين سهولة التحضير وبساطة المكوّنات، وتناغم النكهات الحلوة والمالحة، كما توفّر تجربة شهية ومرضية لمستكشفي الخيارات النباتية في المطبخ العربي. يقدّم الطبق عادة مرفوقًا بالسلطة بأنواعها، أو مع الخضار المنقوعة في الثوم والليمون وزيت الزيتون، ويؤكل بالملعقة.

تجدر الإشارة إلى طبق آخر يدعى الكشري، والذي يتشابه مع المجدّرة إلى حد كبير، لكنه يزيد عنها في السعرات الحرارية بسبب عملية طبخه التي تنطوي على قلي اثنين من المكونات بدل واحد فقط (البصل). ويكمن وجه الاختلاف الثاني في مكون آخر يتميز به طبق الكشري، وهو المعكرونة. إذا ساورك الفضول عن أسباب الاختلاف، يمكنك تجربة كل من المجدّرة والكشري، واختيار طبقك المفضّل من بينهما!

الحمص:

صورة من unsplash

اكتسب الحمص، وهو من أكثر البقوليات استهلاكا منذ قديم الزمان، ومن العناصر التي لا غنى عنها في المطبخ العربي، شعبية عالمية باعتباره صلصة مغذية ومتعدّدة الاستخدامات، سواءً للطلي أم الغمس أم الاستخدام كبديل صحي للمايونيز مثلا. ويمكن تقديمه كطبق رئيسي أو ضمن المقبلات.

لئن توسّع الحمص إلى ما هو أبعد من وصفته التقليدية ليحتضن عالمًا من الإضافات الإبداعية، على غرار الحمص المتبّل أو الخضار بالحمص، تبقى القاعدة الكلاسيكية، وهي الحمص والطحينة والثوم وعصير الليمون، ثابتة لتشكّل صلصة كريمية ولذيذة، وتمنحك تجربة نباتية قابلة للتخصيص. ولا يبهج الحمص براعم تذوقك فحسب، بل يمثل أيضًا تنوع الأطباق المبنية على مكوّن نباتي واحد وفي متناول اليد، في المطبخ العربي.

لدولمة:

صورة من unsplash

طبق الدولمة، أو الملفوف، أو ورق العنب، هو من ضمن المأكولات اللذيذة التي بدأت في مطابخ الشرق الأوسط، ثم شقت طريقها نحو العالمية. وليس ذلك بمحض الصدفة، يعمل ورق العنب بمثابة أغلفة رقيقة للحشوة المكوّنة أساسًا من مزيج لذيذ من الأرز والصنوبر والأعشاب العطرية، مثل النعناع والبقدونس، ويشكّل في هيئة قطع صغيرة الحجم مفعمة بالنكهات التي تتغيّر من بلد إلى آخر.

على سبيل المثال، تؤكل الدولمة غارقة في زيت الزيتون وحمض الليمون في العراق، في حين تكون حارة في السعودية. في سوريا، فهناك نوعان من الدولمة: اليبرق، وهو ورق العنب المحشي بالأرز واللحم، واليالنجي، نظيره الخالي من اللحم والذي يمكن للنباتيين تناوله بكل راحة.

أما في مصر، فتقدم الدولمة كوجبة أساسية، مكونة من الخضروات على غرار الفلفل أو الكوسا أو الباذنجان، المحشوة بخليط من الأرز والبصل والطماطم والشبت أو البقدونس والغارقة في صلصة البندورة والمرشوشة بالجبن حسب الرغبة.

تُقدم الدولمة باردة أو ساخنة مع اللبن مع الثوم والطحينة أو مع صلصة حلوة وحامضة خاصّة، كما يمكن الاستمتاع بها كوجبة خفيفة أو في شكل مقبلات أو كطبق جانبي، لكنها في كل الأحوال خير مثال على فن الطبخ النباتي في العالم العربي.

الشكشوكة:

صورة من unsplash

تعود أصول طبق الشكشوكة إلى شمال أفريقيا، لكنها الآن منتشرة في كافة أنحاء الشرق الأوسط، ولا تزال محل جدل بينها. وليس هذا مفاجئا، إذ أن قضمة واحدة من هذا الطبق النباتي، الذي أصبح المفضل عالميًا لوجبة الفطور والغداء، كفيلة بجعلك تنهيه كله.

وصفة الشكشوكة هي بسيطة للغاية، وعلى غرار الأطباق أعلاه، يمكن إعدادها بمكونات في متناول اليد. إنها عبارة عن بيض مسلوق في مقلاة واحدة مع صلصة الطماطم والفلفل الحلو والبصل الغنيّة والمتبلة بالكمون والبابريكا والفلفل الحار حسب الرغبة. يقدّم هذا المزيج اللذيذ، الجامع بين البروتينات والألياف، مع الخبز، وهو ليس مجرد وجبة متكاملة فحسب، بل هو خيار حكيم لمن يودّ تجربة النكهات الحيوية والمتنوعة في المطبخ العربي.

تحظى الأطباق النباتية العربية بحب وإقبال الذواقة من جميع أنحاء العالم، وهي تتجاوز الحدود الثقافية بنكهاتها المتنوعة وفوائدها الصحّية. من الفتوش المنعش، والمجدّرة الشهية، إلى الشكشوكة المحبوبة عالميًا ، تُظهر هذه الأطباق ثراء وتنوع الأكل النباتي في المطبخ العربي. ومع تبني المزيد من الناس لأسلوب حياة نباتي، تلعب هذه المأكولات المستوحاة من المطبخ العربي دورًا مهمًا في تحويل مشهد الطهي العالمي، مما يثبت أن الأكل النباتي ليس لذيذًا فحسب، بل هو أيضًا رحلة لذيذة بين الثقافات.

المزيد من المقالات