قصة وجبة المنسف الأردني

طبق المنسف ... سيّد المائدة الأردنيّة ورمزٌ للأصالة يتربّع طبق المنسف على عرش المائدة الأردنيّة بلا منازعٍ، فهو صاحب التاريخ القديم الذي لازم أهل الأردن لآلاف السنين، ومازال يستمتع به الغريب والقريب من داخل وخارج الأردن لما له من طعمٍ متميّزٍ وخصوصية اكتسبها على مر التاريخ لارتباط تعلّم النساء الأردنيّات طريقة عمله من الأمّهات والجدّات، ممّا يجعل لهذا الطبق مكانةً إضافيّةً في قلوب نساء الأردن وفلسطين وجنوب سوريا والعراق اللاتي حافظن على تقاليد ومكوّنات هذا الطبق المميّز عبر الأجيال، فما يزال هذا الطبق رفيق الاجتماعات والمناسبات العائليّة وأنيس الضيوف الشهيّ في الأعياد والأعراس.

طبق المنسف ... سيّد المائدة الأردنيّة ورمزٌ للأصالة

يتربّع طبق المنسف على عرش المائدة الأردنيّة بلا منازعٍ، فهو صاحب التاريخ القديم الذي لازم أهل الأردن لآلاف السنين، ومازال يستمتع به الغريب والقريب من داخل وخارج الأردن لما له من طعمٍ متميّزٍ وخصوصية اكتسبها على مر التاريخ لارتباط تعلّم النساء الأردنيّات طريقة عمله من الأمّهات والجدّات، ممّا يجعل لهذا الطبق مكانةً إضافيّةً في قلوب نساء الأردن وفلسطين وجنوب سوريا والعراق اللاتي حافظن على تقاليد ومكوّنات هذا الطبق المميّز عبر الأجيال، فما يزال هذا الطبق رفيق الاجتماعات والمناسبات العائليّة وأنيس الضيوف الشهيّ في الأعياد والأعراس.

أصل وجبة المنسف وسبب التسمية

تعتبر وجبة المنسف من الوجبات شديدة القدم، وقد تتفاجأ إذا علمت أن المنسف يعود إلى أكثر من 3200 عام وتحديدًا في فترة مملكةٍ تسمّى "المملكة المؤابيّة"، والتي كانت في شدٍّ وجذبٍ مع أعدائهم من مملكة "يهوذا"، وتحكي كتب التاريخ أن ملك المؤابيّين " ميشع" وصل إلى مسامعه نيّة الملك "عَمْري" ملك يهوذا بالهجوم على مملكته، فأراد أن يختبر ولاء شعبه له في حالة هجوم اليهود عليهم، فأمر الملك "ميشع" الشعب بأن يطهو اللحم باللبن لمخالفة العقيدة اليهوديّة التي تحرّم طهو اللحم باللبن كما ذكر في سفر الخروج الإصحاح 23 الآية 19 : "لا تطبخ جديًا بلبن أمّه"، فاستجاب الشعب كله وطبخ اللحم باللبن تأكيدًا لملكهم بأنهم مخلصين للمملكة، فنسف الملك ما جاء بالتوراة وسمّيت الوجبة بالمنسف، وحاربوا مملكة يهوذا وهزموها وفقد الملك "ميشع" ابنه عند أبواب قلعة مؤاب التاريخيّة. تمّ تخليد هذا النصر على حجرٍ سُمّي بعد ذلك بمسلّة ميشع، وتوجد هذه المسلّة الآن بمتحف اللوفر.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

مكوّنات المنسف

اللحم باللبن الرائب "الجميد" والأرز وخبز "الشراك" الرقيق والمكسّرات أهم مكوّنات وجبة المنسف الأردنيّة

يتميّز المنسف عن كل الوجبات الأخرى باستخدام اللبن في طبخ اللحم بطريقة فريدة، حيث يجب تحويل اللبن أوّلًا إلى لبنٍ رائبٍ "جميد" قبل طهو اللحم فيه، ويتكوّن المنسف من اللحم المطبوخ في اللبن الرائب والأرز المضاف إليه السمن وخبز "الشراك" الرقيق المكوّن من القمح، ثم يتم تزيين الطبق بالمكسّرات المختلفة كالصنوبر واللوز، كما يضاف إليه بعض البقدونس المفروم، ممّا يعطيه نكهةّ ومذاقًا متفرّدًا.

طريقة تقديم المنسف

الصورة عبر domesticfits

من المعروف أن طبق المنسف من الأطباق الجماعيّة التي تُقدّم في صحونٍ دائرية كبيرةٍ ، يبدأ تجضير الطبق بوضع خبز الشراك في قاع الطبق وتغطية قاع الطبق بالكامل، ثم وضع الأرز على الخبز، ثم يتم رش مرقة الللحم باللبن على الأرز حتى يتشبع به لتقوية نكهىةالأرز، ثم توضع قطع اللحم فوق الأرز المتشبع بالمرقة وتكون رأس الذبيحة آخر قطعة يتم وضعها على الصحن ، ثم يتم تزيين الصحن بالمكسّرات وأوراق البقدونس. يجتمع عددٌ من الناس حول كلّ صحنٍ ويتشاركوا في الطعام من هذا الصحن، واثبتت الدراسات التاريخيّة أن منشأ تلك الصحون الدائريّة القديمة يعود إلى أكثر من 6000 عامٍ حيث العصر الحجري الحديث، ويدلّ هذا الأمر على معرفة أهل الأردن للأكل الجماعي في المجتمعات الزراعية ممّا دفع البعض للاعتقاد بأن جذور وجبة المنسف تعود إلى أكثر من 6000 عام، وأنها دليلٌ لتحضّر المجتمع الأردني منذ القدم، حيث أن مكوّنات وجبة المنسف لا تتوفّر لسكّان الصحراء بشكلٍ دائمٍ نظرًا لاحتوائها على اللبن والأرز اللذان يحتاجان إلى مجتمعاتٍ زراعيةٍ وليست صحراويّةً.

القيمة الغذائيّة للمنسف

الصورة عبر arabnews

يحتوي المنسف على العديد من العناصر الغذائية الهامّة التي تكوّن مع بعضها البعض وجبةً متكاملةً، فاللحم مصدرٌ غنيٌّ بالبروتين والألياف والمعادن كالحديد والفوسفور والزنك، ويفضّل استخدام لحم الجدي قليل الدسم، كما يحتوي المنسف على اللبن الرائب " الجميد" كمصدرٍ للكالسيوم والمعادن والفيتامينات المهمة للجسم مثل ب1 و ب3 وب6 و ب12، وهي مهمّةٌ لبناء العظام والجهاز العصبيّ، أما الأرز فهو مصدرٌ غنيٌّ بالكربوهيدرات والفيتامينات الأخرى اللازمة لبناؤ خلايا الجسم وتقوية المناعة، كما أنذ المكسّرات المضافة إلى المنسف تحتوى على الدهون الغير مشبعة والتي يحتاجها الجسم في العديد من العمليات الحيوية. يحتوي 100 غرام من المنسف على 315 كيلو جول من الطاقة و 55 غرام من الكربوهيدرات و8 غرامات من الدهون، لذا فهو من الوجبات الصحيّة السريعة الهضم بسبب اللبن الرائب " الجميد" الذي يسرّع من عملية الهضم.

بعض آداب تناول وجبة المنسف

من أداب وجبة المنسف تناول الطعام بثلاثة أصابع

يّقدم المنسف في أطباقٍ دائريّةٍ كبيرةٍ ويجتمع حولها الضيوف، ويكون الأكل على مراحل فتأكل مجموعةٌ ثم تقوم وتأكل مكانها مجموعةٌ أخرى، وتسمّى المجموعة الواحدة بالطور، ويتم تقديم رأس الذبيحة في طبق سيّد القوم أو أعلاهم منزلةً كشكلٍ من أشكال إكرام الضيف، وأحيانًا توضع الذبيحة كاملةً أمامه ليأكل من أيّ قطعة يشتهيها، وجرت العادة أن يضع الجماعة أيديهم اليسرى خلف ظهورهم ويأكلون بيدهم اليمنى ولا يعتبر الأكل بالملعقة مقبولًا، كما أنّ من العار على المضيف أن يقدمً كمّيّةً قليلةً من خبز الشراك، فتجد المضيف يزيد من خبز الشراك للضيوف على المائدة، كما أنه من العار على الضيف أن يكشف قاع الطبق لأنّ ذلك فيه دلالةٌ على جشع الضيف، ومن العيب أيضًا أن يُنهي الضيف على الغماس الموجود في الطبق، حيث يجب عليه أن يستخدم الخبز بطريقةٍ معيّنة حيث يغمس طرف الخبز فقط ويأكله. اعتاد أهل الأردن على استخدام 3 أصابع فقط في أكل المنسف، لذا من العيب أن يكون الطعام على ظهر اليد أو باطنها، فيراعى في ذلك أداب الطعام ونظافة المجلس ليحظى الجميع بوحبةٍ شهيّةٍ وذكرياتٍ عائليةٍ طيبةٍ.

المزيد من المقالات