دورة تدريبية مكثّفة في أجهزة الميكروويف: ماذا يحصل عند حدوث ثقبٍ في جهازك؟

إذا كنت تستمتع بالطعام الساخن ولا تستطيع تحمّل تناول الوجبات التي تقلّ حرارتها عن تلك المطبوخة بالبخار، فأنت بالتأكيد كائنٌ بشري، حيث أنّ قليلاً جدّاً من أنواع الأحياء الأخرى يقلق بشأن درجة حرارة طعامه بقدر ما نهتمّ بذلك نحن البشر. ثانياً، ربّما تمتلك فرن ميكروويف، والذي يمكن القول عنه بأنه أفضل جهازٍ مطبخي لإعداد الطعام بسرعة.

ومع ذلك، ماذا لو حدث ثقبٌ في الميكروويف المُفضَّل لديك في مكانٍ ما من هيكله؟ هل ستهرب الأمواج المِكروية من إطار الجهاز وتسبّب الفوضى في منزلك؟ أو ستؤثّر سلباً على صحّتك؟ بالتأكيد، سنخبرك عن هذه الأمور حالاً، ولكنْ قبل ذلك نحتاج إلى فهمٍ أساسيٍّ لكيفية عمل فرن الميكروويف.

كيف يعمل فرن الميكروويف؟

كما هو الحال مع الضوء المرئي (الضوء الذي يمكننا رؤيته بالعين المجرَّدة)، فإنّ الموجات المِكروية الدقيقة (وهي الموجات الموجودة في أفران الميكروويف) هي أيضاً نوعٌ من الموجات الكهرومغناطيسية. ومع أنها موجاتٌ، لا تحتاج هذه الموجات المِكروية إلى أيّ وسطٍ من أجل الانتقال، أي أنها يمكن أن تنتقل عبر الفراغ.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

يوجد في قلب فرن الميكروويف جسمٌ يُسمَّى المغنطرون. هذا المغنطرون هو المنتج للموجات المِكروية. فهو يولِّدها، كلّما تمَّ تمرير الكهرباء، ويتمّ إطلاق هذه الموجات المِكروية بعد ذلك داخل الفرن لتسخين الطعام. يقوم أحَّد مكوِّنات الفرن -وهو ما يُسمَّى الدليل الموجي- بتوجيه هذه الموجات إلى المقصورة الرئيسية للفرن، أي المساحة التي تضع فيها البيتزا (وغيرها من الأطعمة). تمتلك الأمواج قدراً كبيراً من الطاقة، لذلك عندما تضرب السطح الداخلي للفرن، فإنها تنعكس وتتحرَّك بسرعةٍ لتضرب وجهاً آخر من ذلك السطح.

تستمرّ الموجات في الارتداد ذهاباً وإياباً بشكلٍ متواصلٍ. وعندما تسقط هذه الموجات على الجسم الموجود داخل الفرن والذي تحاول تسخينه، فإنها تهيِّج جزيئات الماء (أو الرطوبة) الموجودة في الجسم، وبالتالي تسخِّن الطعام أو الجسم.

ماذا لو كان هناك ثقبٌ في فرن الميكروويف؟

الصورة عبر Lissete Laverde على unsplash

إذا كان فرن الميكروويف الخاصّ بك يحتوي على ثقبٍ، فهل ستخرج الموجات المِكروية المرتدَّة باستمرار ذهاباً وإياباً على جدران الفرن من داخل الفرن وتتسرَّب إلى المطبخ؟

أطيب التمنيات

كما ناقشنا للتو، فإنّ الموجات المِكروية الدقيقة هي نوعٌ من الإشعاع الكهرومغناطيسي، وبما أنها ذات طبيعةٍ موجيةٍ، فيجب أن يكون هناك "طولٌ موجيٌّ" مرتبطٌ بها.

يبلغ الطول الموجي للموجات المِكروية في الفرن حوالي 12 سم أو 4.7 بوصة. لذلك لكي تتمكَّن أيٌّ من الموجات المِكروية من الهروب تماماً من داخل الفرن، يجب أن يبلغ قطر الفتحة 4.7 بوصةً على الأقلّ.

في حين أنّ 4.7 بوصة تبدو فجوةً كبيرةً جداً، إلّا أنّ هذا الرقم نظريٌ فقط. فمن الناحية العملية، حتى الثقب الأصغر من ذلك من شأنه أن يسبِّب بعض التسرّب. وعلى الرغم من أنّ هذا التسرّب لموجاتٍ راديويةٍ ليس "انبعاثاً لنشاطٍ إشعاعيٍّ"، إلّا أنّ الكثير من الناس يفترضون خطأً أنه يشبه المشي بالقرب من تشيرنوبيل.

عندما تخرج الموجات المِكروية الدقيقة من المغنطرون داخل الفرن، تتضاءل قوّتها مع المسافة. وتخضع الموجات المِكروية لقانون التربيع العكسي، ممّا يعني أنها تفقد طاقتها بشكلٍ كبيرٍ مع المسافة. لذلك عندما تصير على بعد بضعة أقدام من المغنطرون، تصبح الموجات المِكروية بالكادّ قادرةً على القيام بأيّ عملية تسخينٍ. ومع ذلك، فإنّ تسرّب الموجات المِكروية من ثقبٍ مقاسه 4.7 بوصة يمكن أن يعبث بالأجهزة الإلكترونية الموجودة في جواره بشكلٍ كبيرٍ. دعونا نرى ما يمكن أن يفعله ثقبٌ واسعٌ إلى درجةٍ كافيةٍ!

سوف يعطِّل اتصال الواي فاي WiFi

الصورة عبر photogrammer7 على pixabay

إنّ الجهاز الأكثر عرضةً للتأثّر بالموجات المِكروية هو جهاز توجيه الواي فاي (الراوتر) الخاصّ بك، حيث تعمل أجهزة المودم اللاسلكية التقليدية في نطاق ISM (الصناعي والعلمي والطبي) 2.4 جيجا هرتز، وهو قريبٌ جدّاً من نطاق تردّد التشغيل لأفران الميكروويف (حوالي 2.45 جيجا هرتز). وبالتالي إذا كان جهاز توجيه الواي فاي (الراوتر) الخاصّ بك على بعد بضع بوصاتٍ فقط من الميكروويف الذي فيه فتحةٌ بمقاس 4.7 بوصة، فيمكنك أن تكون متأكّداً من أنّ الإنترنت اللاسلكي الخاصّ بك سوف يتعطلّ، حيث ستختلط الموجات الكهرومغناطيسية المتشابهة وستعطلّ بعضها البعض!

سوف يعيق عمل شبكة الهاتف المحمول

الصورة عبر geralt على pixabay

هناك جهازٌ آخر يمكن أن يكون معرَّضاً بشدّةٍ للتأثّر بتسرّب الموجات المِكروية وهو الهاتف المحمول. فالهواتف المحمولة تستخدم أيضاً موجات التردّد الراديوي (بين 0.9 جيجا هرتز إلى 1.8 جيجا هرتز)، وهذا المجال قريبٌ من نطاق التردّد الذي تعمل وفقه أفران الميكروويف. ومن المرجَّح أن يؤدّي وضع الهاتف المحمول بجوار الثقب مع تشغيل الميكروويف إلى فقدان الهاتف المحمول لتغطية الشبكة تماماً. ولكنْ في أسوأ السيناريوهات، وعندما تكون فترة التشعيع طويلةً من فرن ميكروويف قويٍّ ومكثَّفٍ، فقد يؤدّي ذلك إلى اشتعال هاتفك! ولهذا السبب، من الخطورة الاحتفاظ بهاتفٍ محمولٍ أو أيِّ شيءٍ قابلٍ للاشتعال بالقرب من فرن ميكروويف في حالة تشغيلٍ وفيه ثقبٌ أو تسرّبٌ.

سوف يتدخَّل مع أجهزةٍ إلكترونيةٍ أخرى

الصورة عبر Vlad Zaytsev على unsplash

إلى جانب أجهزة توجيه الواي فاي (الراوتر) والهواتف المحمولة، فإنّ وجود ثقبٍ كبيرٍ في فرن الميكروويف من شأنه أن يعبث بأدواتٍ وأجهزةٍ إلكترونيةٍ أخرى، وخاصةً تلك التي يتمّ التحكّم فيها عن بُعد. لقد وردت تقاريرُ عديدةٌ عن تسرّبٍ من أفران الميكروويف أدّى إلى إطلاق إنذاراتٍ بوجود دخلاء، وإلى حدوث وميضٍ على شاشات أجهزة التلفزيون وأجهزة الكمبيوتر، وحتى إلى تشغيل وإطفاء الأضواء الأنبوبية!

سيكون له تأثيراتٌ سيئةٌ على صحتك

الصورة عبر Mahrous Houses على unsplash

وفقاً لدراسةٍ نُشِرت في المجلة الأمريكية لطب الطوارئ، يتمّ إدخال حوالي 20 شخصاً إلى غرف الطوارئ في الولايات المتحدة كلَّ يومٍ بسبب أذيةٍ ناجمةٍ عن فرن الميكروويف أو حالةٍ ذات صلةٍ بذلك. على الرغم من أنّ معظم هذه الحالات تعود إلى ارتفاع درجة حرارة الماء أو انفجار البيض، إلّا أنّ هذه الإحصائية تشير إلى أنه يجب التعامُل مع أفران الميكروويف بحذرٍ. وقد حذَّرت حتى إدارة الغذاء والدواء الأمريكية من أنّ التعرّض لأشعة الميكروويف المكثَّفة يمكن أن يحرق أنسجة الجسم، تماماً كما يؤدّي إلى تسخين الطعام. وبالتالي، فإنّ الوقوف على بعد بضعة سنتيمتراتٍ فقط من الفرن مع وجود فتحةٍ كبيرةٍ إلى درجةٍ كافيةٍ فيه، يمكن أن يسبّب حروقاً في الأنسجة.

هناك منطقتان في الجسم معرَّضتان بشكلٍ خاصّ للـتأثّر بالموجات المِكروية، وهما: العينان والخصيتان. ويعود ذلك إلى أنّ تدفُّق الدم إلى هذه المناطق أقلّ نسبياً من غيرها بهدف التخلُّص من الحرارة. بالإضافة إلى ذلك، عندما يتعلَّق الأمر بالعيون، فإنّ العدسة حسّاسةٌ بشكلٍ خاصّ للحرارة. وقد أشارت دراساتٌ مختلفةٌ إلى أنّ التعرّض لفتراتٍ طويلةٍ للموجات المِكروية المتسرِّبة، يمكن أن يسبّب إعتام عدسة العين (السادّ).

من المثير للاهتمام أنّ العلماء الروس حاولوا دراسة الآثار الضارة لإشعاع الميكروويف خلال الحرب العالمية الثانية. ولتوضيح الأمر من منظورٍ أفضل، نذكر أنّ أجهزة الميكروويف التجارية لم تظهر إلى الوجود إلاّ بعد سبعينات القرن العشرين! وقد وجدت دراسات أولئك العلماء روابطَ وثيقةً بين التعرّض للموجات المِكروية وبين الصداع والتعب والنعاس وفقدان الذاكرة وحتى حدوث تغيّراتٍ في الأداء الطبيعي للقلب والأوعية الدموية.

المزيد من المقالات