القضية العجيبة: لماذا يقول الشَّعْر وداعا لرؤوسنا، ولكن ليس لأذرعنا وأرجلنا؟

إن أحد أكبر مخاوف الكثير من الناس مع تقدم السن هو فقدان كل شعر رؤوسهم. يميل الذكور إلى فقدان شعرهم والإصابة بالصلع في وقت أسرع بكثير وبشكل متكرر أكثر من الإناث،

لذلك أصبحت علاجات الصلع والوقاية منه صناعة رئيسية.

ومع ذلك، لا يبدو أن بقية الشعر على أجسادنا تعاني من المصير نفسه، فمعظم الرجال في سن الشيخوخة يكون لديهم شعرٌ على الذراعين، وشعرٌ على الساقين، وفي كل مكان آخر رغم اختفاء الشعر على رؤوسهم من فترة طويلة. لماذا يوجد مثل هذا التوازن غير العادل عند الرجال؟

الحقيقة هي أن البشر يفقدون شعر الجسم، ولكن بناءً على العمليات الجينية والفيزيائية والكيميائية المختلفة في الجسم، يصعب علينا عادةً ملاحظة ذلك!

تاريخ موجز للشَّعر البشري

تطور الإنسان من الرئيسيات (القرود)، وهي ثدييات مثلنا تمامًا، ومن المهم أن تتذكر أن جميع الثدييات مغطاة بشعر الجسم (معظمه على شكل فرو). ومع ذلك، لا يتم تغطية البشر بالفراء لعدد من الأسباب، وهي أنه يجعل من الصعب تبريد الجسم، إذ كان أسلافنا القدماء -الذين يسافرون لمسافات طويلة (ربما أثناء الصيد المستمر) في شمس الصيف الحارة- يحتاجون إلى وسيلة لتبريد أجسادهم أثناء تحركهم. والتعرُّق هو الشكل الأكثر فعالية لإجراء ذلك، وهو يحدث في الجلد الذي يحجبه الفراء. وهكذا، تطور الإنسان لسد احتياجاته المتنقلة من خلال فقدان الفراء على مر الأجيال.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

ومع ذلك، فإن الرئيسيات والثدييات الأخرى تعاني من ضعف الشعر أو تساقطه، وفي بعض أنواع الرئيسيات، فإنها تعاني من شيء يشبه الصلع.

لماذا لدينا شعر على رؤوسنا؟

الصورة عبر Tamara Bellis على unsplash

لقد ظل الشعر على رأس الإنسان موجودًا على مدى ملايين السنين لسبب مختلف. نظرا لأن الرأس هو جزء الجسم الأكثر تعرضًا لأشعة الشمس، فإن الشَّعر يحمي فروة الرأس من الحرارة الزائدة، ويعكس أيضًا الكثير من الأشعة فوق البنفسجية بعيدًا عن الرأس. يختلف قليلاً الشَّعْرُ الموجود أعلى الرأس عن ذاك عند جوانب الرأس أو في بقية الجسم، وسنتناول ذلك في القسم التالي...

لماذا نفقد شعرنا؟

الصورة عبر Marco Verch على flickr

تمرّ بصيلات الشعر الموجودة على رأسنا بما يعرف بدورات النمو، حيث ينمو الشعر ويمتد من موقع واحد لمدة 5-7 سنوات. وعند هذه النقطة، سيتوقف الشعر عن النمو ويتساقط بعد ذلك، ثم "تأخذ هذه البصيلة استراحة لبعض الوقت، قبل إعادة تشغيل العملية برمتها. ويمكن أن تمرَّ معظم بصيلات الشعر بعدد قليل من دورات النمو هذه على مدار العمر.

سيناريو "لا يوجد شعر على الرأس".

الصورة عبر Drew Coffman على unsplash

هناك أدلة قوية على أن علم الوراثة يحدّد طولَ عمر شعرك، وهو موضوع يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالـ DHT الذي يرمز إلى ثنائي هيدروتستوستيرون، وهو الستيرويد الجنسي القوي. إذ يتحول التستوستيرون في الواقع إلى DHT عندما نبدأ في التقدم في السن والنضج لأن هذا الستيرويد مهم للتطور الجنسي لدى الذكور، والرغبة الجنسية، والتكاثر، وما إلى ذلك. ومع ذلك، يؤثر DHT على بصيلات الشعر في الجزء العلوي من الرأس، مما يؤدي بشكل أساسي إلى تغيير تركيبة البروتين، وبالتالي يؤدي إلى إغلاق تلك البصيلات قبل الأوان. ولهذا السبب يعاني الكثير من الرجال من نمط الصلع الذكوري؛ لكن ذلك لا يعني أننا نستمر في إنتاج ثنائي هيدروتستوستيرون مع تقدمنا في السن؛ في الواقع، تبلغ الكمية الموجودة في أجسامنا ذروتها في العشرينات وأوائل الثلاثينيات من العمر، لكن شعرنا يصبح أكثر حساسية لتأثير الستيرويد بمرور الوقت. ويبدو أن خاصية الصلع المرتبطة بالجنس (الموجودة وراثيًا على الكروموسوم X) مشتقة من التركيب الجيني لوالد أمهاتنا.

إن الأمرَ المُحبِط هو أن شعر الجسم يبدو أنه لا يتساقط أبدًا، لكن بعض الأشخاص يحاولون بذل كل ما في وسعهم لإخفاء صلعهم - بدءًا من الشعر المستعار السخيف وصولا إلى منتجات نمو الشعر التجريبية. الآن، الكلمة الأساسية هي "يبدو". من المحتمل أنك لاحظت أن معظم الشعر على جسمك ينمو لطول معين ثم يتوقف، ولهذا السبب لن تحتاج أبدًا إلى قص شعر ساعدَيك! وقد أدى هذا إلى الاعتقاد بأن شعر الجسم دائم، ولكن في الواقع، نحن نفقد شعر الجسم بنفس معدل فقدان الشعر الموجود على رؤوسنا، إن لم يكن أكثر!

جميع بصيلات الشعر تكبر في النهاية وتتوقف عن العمل

الصورة عبر Pexels على pixabay

يكمن الفرق في أن شَعْرَ الجسم يكون صغيرًا وأقل كثافة وينتشر في جميع أنحاء الجسم بشكل متساوٍ. بمعنى آخر، عندما نفقد شعر الجسم، يكون من الصعب جدًا ملاحظة ذلك، كما أن دورات نمو بصيلات شعر الجسم غير محدودة أيضًا. ينمو شعر الجسم إلى طول معين، ويتوقف، ثم يتساقط، لينمو مرة أخرى. فقد تجد خصلات شعر طويلة في فرشاتك وتشعر بالخوف من تقدمك في السن، ولكن من المحتمل أنك تفقد حوالي 100 شعرة من جسمك كل يوم أيضًا؛ لكنك لا تقلق بشأن ذلك بقدر ما تقلق بشأن فروة رأسك الفارغة!

تتقدم جميع بصيلات الشعر بالعمر في نهاية المطاف وتتوقف عن العمل، وهذا هو السبب في أن شعر الجسم يصبح رقيقًا بمرور الوقت، ولكن هذه العملية تكون أبطأ بكثير في بصيلات شعر الجسم من التي في الرأس، بناءً على تركيبتها البروتينية المختلفة قليلاً وتنوع تأثرها بالعوامل البيئية والستيرويدية. إنه من المستبعد جدًا أن تعيش إلى النقطة التي تصبح فيها أصلعًا تمامًا من الرأس إلى أخمص القدمين، ولكن إذا عشت لفترة كافية، فمن الممكن أن يحدث ذلك!

المزيد من المقالات