الحقيقة التي لا مفرّ منها: لا يمكنك أن تُبقِيَ عينَيك مفتوحتَين عندما تعطس!
عندما يدغدغ شيءٌ ما أنفَك، أو عندما تستنشق القليلَ من الفلفل، أو في وسط نزلات البرد، يصبح العطسُ أمرًا لا مفرّ منه تقريبًا. إن عملياتِ الطردِ القويةَ للهواء والسوائل والجسيمات الغريبة هي طريقةُ الجسمِ في التفاعل مع مادةٍ مُهيِّجة أو مادة يريد التخلص منها. اللغز الكبير، بالطبع، هو أن قلةً من الناس رأوا أنفسَهم يعطسون. على مدى أجيال، كانت هناك أسطورة حضرية تقول إنه إذا عطست وعيناك مفتوحتان، فسوف تخرج مُقلتا عينَيك. وقد ثبت منذ ذلك الحين أن هذا غيرُ صحيح، لكنه لا يقدِّم إجابةً واضحة على السؤال الأصلي: لماذا لا نستطيع أن نُبقِيَ أعينَنا مفتوحة عندما نعطس؟
العطس وعيناك مفتوحتان
يتضمن العطس منعكسًا لاإراديًا يُغلق عينَيك.
يتضمّن فِعْلُ العطْسِ الكثيرَ من الاتّصالات العصبية وانقباضَ العضلات في جميع أنحاء الجسم، ممّا يسبب أفعالًا لا إرادية في الأمعاء والعضلة العاصرة والحلق وتجويف الجيوب الأنفية وحتى العينَين، من بين أعضاء أخرى. وهذا يجعل من الصعب على الجسم مقاومةُ غريزةِ إغلاق العينّين قبل العطس.
من الممكن أن تعطسَ وأعينُك مفتوحة، ولكن يتعيّن على معظم الناس بذلُ جهدٍ مُتضافرٍ لتجاوز ردّ الفعل الخاص بهم لإبقاءِ أعينهم مفتوحة؛ لذلك فهو أبعد ما يكون عن المستحيل. إنه ببساطة أمرٌ غير شائع.
علمُ العطس
العطسُ هو المصطلح الشائع لما يحدث عندما يقوم الجهاز التنفسي بطرد الجسيمات غير المرغوب فيها من الأنف، وعادةً ما يسبقه نوعٌ من التهيّج أو الالتهاب. ومع ذلك، فإن المصطلحَ العلمي للعطس هو العُطاس، وهو طرد عنيف للجسيمات، مصحوبًا بزفيرٍ مسموع من الأنف والفم.
ترتبط هذه التقطعات العُطاسيّة ارتباطًا وثيقًا بالاستجابة المناعية للجسم، بالإضافة إلى وجود الهيستامين والجسيمات/المواد الكيميائية الأخرى المرتبطة بعملية ردّ الفعل التحسسي في الجسم. عندما يتمّ إطلاق هذه المواد الكيميائية، عادة عن طريق الخلايا الالتهابية التي تكتشف مادةً غريبةً غيرَ مرغوب فيها، فإنها تُرسل إشاراتٍ عصبيّةً قويّةً، يتمّ استقبالُها ومعالجتُها في الدماغ، ممّا يُسبّب عملاً انعكاسيًا، أي العطس. يمكن أن يحدث هذا بسبب مُسبِّبات الحساسيّة الشائعة، مثل الدخان، والملوِّثات، والمواد الكيميائية، والمخاط، والعطور وعدد من الجسيمات الأخرى أو المُهيِّجات الموجودة في الهواء.
تحرِّك العطسةُ جسدَك بالكامل
في اللحظات التي تسبق العطس وأثناءه، تحدث أشياء كثيرة في الجسم. في البداية، تنشدّ عضلاتُ صدرك استعدادًا لزفيرٍ هائل، ثم تدفع الهواءَ للأعلى. وفي الوقت نفسه، ينغلق الحلقُ، مما يدفع الهواءَ إلى المرور عبر أنفك بسرعة عالية. في حين اعتاد العديدُ من الأشخاص على الادّعاء بأن العطس يمكن أن ينتقل بسرعة تصل إلى 100 ميل في الساعة - أو حتى أسرع - فإن غالبيةَ الجسيمات المطرودة تتحرك بسرعة 10 ميل في الساعة تقريبًا. ومع ذلك، يمكن لعطسة واحدة أن تُخرِج ما يصل إلى 5000 قطرة، بعضها مملوء بالبكتيريا (خاصة إذا كان العطس ناجمًا عن نزلة برد).
وبصرف النظر عن تلك الأفعال الجسدية الواضحة التي تُشكّل العطس، هناك أيضًا بعض ردود الفعل اللاإرادية من قبل الجسم. تميل نظمُ العضلات التي تؤثر على المريء وعضلات الوجه إلى الانثناء دون وعي، وعادةً ما تنقبض العضلةُ العاصرة عندما تدفع عضلاتُ الصدر هذه الكميّةَ الهائلةَ من الهواء، وتُغلَق العينان لِلَحظة قبل أن يتمّ العطس. في الواقع، قد تؤدي بعضُ العطسات إلى تدمّع العين. إن إغلاق الجفون استعدادًا للعطس هو ردّ فعلٍ جسدي، وهو ليس جانبًا ضروريًا للعطس. أظهر الخبراءُ أن بعضَ الأشخاص يمكنهم إبقاءُ أعينهم مفتوحةً بالقوة دون أي ضرر أو خطر. في هذه الحالة، لماذا تُغلَق العينان أصلا؟
العطسُ الكبير، وانضغاطُ العينَين وانعصارُهما
يكمن أحدُ التفسيرات الأكثر شيوعًا لإغلاق العينَين أثناء العطس هو أنهما تحاولان حمايةَ نفسَيهما من كلّ ما يُطرد من الأنف. كما أن السّعالَ يهدف إلى طرد المُهيِّجات من الحلق، فإن العطسَ يطرد المهيِّجات من الأنف، بما في ذلك المُلوِّثات والعطور والدخان والمواد المسبِّبة للحساسية ومُسبّبات الأمراض. العيون عبارة عن أغشية مخاطية حسّاسة للغاية حيث يمكن أن يُسبِّبَ العديدُ من تلك المواد نفسِها مشاكلَ أو تهيُّجًا. في الأساس، لا يريد الجسم أن يعطسَ سُحابةً من المهيّجات لينتهي بها الأمرُ على الفور في العين.
قوةُ العطسِ هي أيضًا عامل في سبب إغلاق العينَين. استعدادًا للعطس، تتوتر عضلاتُ وجهِك بشكل لا إرادي، استعدادًا لطرد الهواء بقوة. يكون الضغط في تجاويف الجيوب الأنفية شديدًا في الثواني أثناء العطْس، وعلى الرغم من أن هذه القوةَ ليست شديدةً بما يكفي لاقتلاع عينَيك من رأسك (كما يحذِّر العديدُ من قصص الملاعب)، إلا أنها كافيةٌ لتكون مُؤلمةً، وربما حتى تُسبِّب تمزُّقَ الشعيرات الدموية أو الأوعية الدموية في العين.
من المحتمل أن يكون إغلاقُ الجفون قبل العطس سمةً انعكاسية تمّ تطويرُها على مدى آلاف الأجيال، ولكن من المهمّ أن تتذكر أنه من الممكن أن تعطس وعيناك مفتوحتان. إمّا عن طريق إبقاء الجفون مفتوحة أو -ببساطة- عبر التحكّم في العضلات بما يكفي للتغلب على ردّ الفعل المنعكس، يتمكن بعض الأشخاص من مشاهدة الحدث الكبير (والخطير) للعطس.
لكن، من أجل صحتك، ومن أجل صحة الآخرين، ننصحك بتغطيةِ فمك وإبقاء عينَيك مغلقتَين؛ إذا كنت مهتمًا حقًا بالشكل الذي يبدو عليه "وجه العطس"، فما عليك سوى قلب شاشة هاتفك الذكي والتقاط مقطع فيديو!