من جاء بمقولة "الانطباع الأول هو الانطباع الأخير" فهو إما عبقري حقيقي أو أحمق حقيقي. هل قابلت شخصاً ما وأعجبت به على الفور؟ ولكن تدريجياً، مع مرور الوقت، أدركت أنه ليس من "النوع الذي تفضله" حقاً وبدأت بالابتعاد عنه؟ والعكس صحيح: يتم تقديمك لشخص ما لأول مرة، فتحييهم وتحصل على ذبذبات جيدة بينكما. ثم بإعطاء بعض الوقت، تجد أن انطباعك الأول كان صحيحاً تماماً، وأنكما تتفقان حقاً بشكل رائع! حسناً، بما أنّ حدث هذا لنا جميعاً، فكيف يمكن للانطباعات الأولى أن تكون الأخيرة (أو الأكثر أهمية)؟

ما هي الانطباعات الأولى؟

صورة من unsplash
صورة من unsplash

يعرَّف الانطباع الأول بأنه الحكم الذي يميل البشر إلى تكوينه اتّجاه الآخرين عند لقائهم أول مرة. نحن نشكل هذه الأحكام بناءً على الصفات الخارجية - فالشخص الذي يرتدي ملابس ناصعة ومكوية جيداً مثلاً يتم الحكم عليه على الفور بأنه أفضل من الشخص الذي يرتدي ملابس قاتمة أو فضفاضة، بالإضافة إلى الخصائص النفسية – فمثلاً قد يعتقد شخص ما أن الرجال الملتحين أكثر خطورة من الرجال عديمي اللحى.

ADVERTISEMENT

الوقت المستغرق لتكوين الانطباع الأول:

صورة من pixabay
صورة من pixabay

سواء أكان لديك مقابلة عمل أو لقاء أوّل، فسوف ترغب في أن تكون سريعاً كالبرق في ترك انطباع أول جيد. تساءل عالما النفس جانين ويليس وألكسندر تودوروف من جامعة برينستون عن مدى سرعة هذه الانطباعات الأولى. فعَرَضا للمشاركين صوراً لوجوه غير معروفة لمدة 100 ميللي ثانية (أي عُشر الثانية)، أو 500 ميللي ثانية (نصف الثانية)، أو 1000 ميللي ثانية (ثانية كاملة)، وطلبا منهم على الفور الحكم على الوجوه وفقاً لسمات معينة مثل الكفاءة، والجدارة بالثقة، والجاذبية. كشفت التجارب أولاً أن التغير في الحكم المتّخذ بعد مرور 1/10 من الثانية، مهمل. علاوة على ذلك، فقد كشفت عن وجود ارتباط قوي بين الأحكام المتّخذة بعد التعرض لأقصر مدة مع تلك التي اتُّخذت بعد التعرض الأطول. وبهذا، توصل العالمان إلى أن الأمر يستغرق 1/10 من الثانية فقط لتكوين الانطباع الأول.

ADVERTISEMENT

إشارات الوجه الأربعة التي تشكل أساس الانطباعات الأولى:

صورة من pixabay
صورة من pixabay

قامت عالمة النفس ليزلي زيبرويتز من جامعة برانديز بدراسة معلومات الوجه التي نستخدمها للحكم على الآخرين.

أول إشارة للوجه: وجه الطفل - كلما كان لدى الشخص وجه مثل الطفل، كان أكثر تناظراً. إذا ابتعد وجه الشخص أكثر عن التناسب والتناظر، اعتُبر غير جذاب. يدل تناسق الوجه وتناسبه على التنوع الجيني وقدرة الجهاز المناعي على مقاومة الأمراض.

إشارة الوجه الثانية: الألفة - يميل البشر إلى الحكم على الأشخاص بناءً على معرفتهم بوجه معروف لديهم، ونوع العلاقات التي يتشاركونها معهم في حياتهم.

الإشارة الثالثة للوجه: اللياقة البدنية - يبدو الأشخاص الأصحاء جذابين، ويعتبر الآخرون أنه من الجيد أن يكونوا أصدقاء لهم. من ناحية أخرى، يبدو الأشخاص غير الأصحاء غير جذابين، ونميل إلى الابتعاد عنهم، خشية التقاط مرضهم، بغضّ النظر عما إذا كان مُعدياً أو غير معدٍ.

ADVERTISEMENT

الإشارة الوجهية الرابعة: التشابه الانفعالي – فنحن نميل إلى قراءة التعابير الانفعالية للشخص وتقييمها بناءً على ذلك. ولكن لبعض الأشخاص ملامح وجهيّة تشابه تعابير انفعالية معينة. على سبيل المثال، قد يبدو الأشخاص ذوو الحواجب المنخفضة غاضبين، حتى عندما لا يكونون كذلك. وبالمثل، فإن أولئك الذين تتجه أفواههم نحو الأعلى عند الزوايا يبدون سعداء، مهما كان شعورهم.

كيف تساعد حواسنا الأخرى في تكوين الانطباعات الأولى:

صورة من pixabay
صورة من pixabay

من المثير للاهتمام أن حاسة الشم لدينا يمكن أن تساعدنا أيضاً في تكوين الانطباعات الأولى، بصرف النظر عن حاسة البصر. ونحن نميل إلى تفضيل التواجد بالقرب من شخص ذي رائحة مألوفة لدينا. فهي علامة على أنهم مثلنا ويمكنهم تقديم الدعم الاجتماعي. ولكننا نميل إلى تجنب الأشخاص الذين تختلف رائحتهم كثيراً عن رائحتنا، لأنهم يفتقرون إلى الشعور بالقواسم المشتركة والألفة.

ADVERTISEMENT

ولا يقتصر الأمر على الشم فحسب، بل حتى حاسة السمع لدينا تلعب دوراً. يقول الباحثون أن الناس يستخدمون الأصوات للحكم الآني على الأشخاص. يقول فيل ماكالير، عالم النفس بجامعة غلاسكو في اسكتلندة، والذي قاد الدراسة: "منذ الكلمة الأولى التي تسمعها من شخص يتحدث، تبدأ بتكوين انطباع عن شخصية الشخص".

صحّة ورسوخ الانطباعات الأولى:

صورة من pixabay
صورة من pixabay

من المعروف أن الانطباعات الأولى صحيحة، بما يتوافق مع القول المأثور القديم، لكن صحتها أقل من النتيجة المثالية: 64.5%.

لقد ثبت أن الانطباعات الأولى تستمر لعدة أشهر وتؤثر على استنتاجات المرء، حتى في ظل وجود مؤشرات متضاربة حول الشخص. لذا، قد لا تكون الانطباعات الأولى دقيقة كما تعتقد.

ومع ذلك، وجد الباحثون أن الانطباع الأول الأكثر دقة يزيد من احتمالية وجود علاقة طويلة الأمد. الزوجات اللاتي يشكلن انطباعات أكثر دقة عن أزواجهن يحصلن على نتائج علاقات أفضل.

ADVERTISEMENT

الانطباعات الدقيقة تعزز الشعور بالتعارف، والذي بدوره يشجع على المزيد من الولع. الانطباعات الأولى الأكثر دقة قد تفيد أيضاً في تطوير العلاقات بمرور الوقت. يحدث هذا لأن الشخص يرى انطباعاته الأولى تتأكد من خلال زيادة الألفة. وهذا التشجيع يزيد من شعوره بمعرفة الشخص المعني وسهولة التعامل معه.

التعافي من الانطباع الأول السيئ:

صورة من pixabay
صورة من pixabay

بالتأكيد، في بعض الأحيان، قد لا يكون الحظ في صالحك وقد تفشل في تكوين انطباع جيد لدى شخص ما. ولكن، كما يقولون، لا يوجد شيء دائم في هذا العالم؛ وبالمثل، فإن انطباعك الأول ليس هو الانطباع الأخير المهم. هناك دائماً طرق لتصحيح الأمور، وأهم أداة في يدك هي الحقيقة.

تخيل أنك تأخرت عن العمل في اليوم الأول بسبب تعطل سيارتك. امنح الموضوع بضعة أيام واذكر عرضاً ما حدث لزملائك (مع الاعتذار). ولكن لا تعتذر أكثر مما يقتضي الوضع؛ فقد يجعلك هذا تبدو وكأنك بحاجة إلى الكثير من التطمينات، وهو ما يمكن أن يترك انطباعاً ثانياً سيئاً!

ADVERTISEMENT

في الختام، الانطباعات الأولى هي بالتأكيد هامة، لكنها ليست ثابتة! مثلها مثل كل شيء آخر، يمكن تحسينها بالوقت والجهد الصادق.

المزيد من المقالات