التاريخ العطري للعطور

في هذه الأيام، يستخدم الجميع تقريبًا العطور ليشعروا بالجاذبية والثقة. ولكن من كان يظن أن النساء في القرن التاسع عشر استخدمن العطور كمشروب؟ وهذا يثبت أن العطور، مثل أي شيء آخر، تطورت عبر السنين. لذا، اربطوا أحزمة الأمان لنسافر عبر الزمن من أجل اكتشاف التاريخ المثير للعطور!

بدأ قدماء المصريين في استخدام العطور لأغراض مختلفة منذ عام 3000 قبل الميلاد.

استخدم المصريون القدماء العطور للاحتفال بالاحتفالات الدينية؛ وقد تم اكتشاف ذلك بفضل الوصفات المنقوشة على جدران المعابد التي بنيت في مصر البطلمية.

كما استخدموا العطور في التحنيط لأنهم اعتبروا الرائحة الطيبة علامةَ قداسة.

كان كيفي (Kyphi) هو العطرُ الأكثرُ شعبيةً الذي يُستخدَم للمومياوات كبخور للمعبد، كما كان يصنع منه شرابٌ له خصائص علاجية تعالِج أمراضًا مثل الربو.

كما هو الحال اليوم، كان المصريون القدماء يقدّرون النظافةَ الشخصية، لذلك كانوا يُنعِّمون بشرتهم وينظِّفونها بالعطور لمنع الروائح الكريهة.

لصنع العطور، استخدم المصريون القدماء تقنيةً في صنع العطور تُسمّى التشريب، كما استخدموا مُكوِّناتٍ مثل المورينغا وبذور الكتان والسمسم وزيوت الخروع.

عثر علماء الآثار على تركيبة عطر "تابوتي"، والتي تم صنعها عام 1200 قبل الميلاد.

عُرفِت "تابوتي-بيلاتكاليم" كأول كيميائية تمّ ذكرها في التاريخ، وعملت كصانعةٍ للعطور في بلاد ما بين النهرين.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

تمّت كتابة أعمالها باللغة الأكادية على ألواح طينية بالطريقة المسمارية، وبعد ترجمتها، اكتشف خبراءُ العطور أنها استخدمت بالفعل تقنيات صنع العطور )مثل التقطير والتشريب البارد) التي نستخدمها اليوم.

وفقاً لأحد خبراء العطور القديمة، صنعت تابوتي العطورَ باستخدام الزهور وراتنج الأشجار والتوابل والنباتات.

قيل إن إحدى وصفات تابوتي الباقية هي عبارة عن مرهم عطري مصنوع للملك البابلي. يمكن العثور على اثنين من ألواح تابوتي في متحف اللوفر في باريس ومتحف الفتاة في ألمانيا.

تم استخدام العنبر لأول مرة في القرن العاشر.

صورة من thefactsite

يُعَدّ طولُ عمر رائحة العطر -عند صناعته- من أهم العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار؛ ولهذا السبب يضاف العنبر إلى العطور. إن هذا المُكوِّن سيجعل عينيك تتّسعان، لأنه مصنوع في أمعاء حيتان العنبر... و)نظرًا لندرته) يمكن أن يُكلِّف ما يصل إلى 7000 دولار للرطل الواحد (453 جم)!

أطيب التمنيات

بعض الأمثلة على شركات العطور التي تستخدم العنبر هي Chanel و Creed وRoja Parfums.

لكن العنبر ليس العنصر الوحيد الغريب في العطور. الزباد والكاستوريوم والمسك هي أيضًا أشياء غريبة تستخدم لتحسين العطور، حيث يتم الحصول عليها من الغدد الشرجية لحيوانات مختلفة.

تم صنع (Eau de Toilette) في القرن الرابع عشر.

صورة من thefactsite

Toilet water الترجمة الإنجليزية لـ Eau de Toilette، أو (ماء دورة المياه)، وبالتالي قد يبدو وكأنه ذو رائحة كريهة، لكنه في الواقع أكثرُ أنواع العطور مبيعًا لأنه أقلُّ تكلفةً، ممّا يجعل Eau de Toilette مثاليًا للاستخدام اليومي.

من المعروف أن رجلاً مجرياً مجهولاً هو مخترع Eau de Toilette. يُقال إنه تمّ صنعه للملكة المجرية إليزابيث بناءً على أمرها، وأدى ذلك إلى ظهور أول عطر قائم على الكحول، وهو ماء المجر، حيث تُمزَج مكوِّناتُ الليمون وزهرة البرتقال والزعتر وإكليل الجبل مع محلولٍ كحولي لصنع مياه المجر.

تم صنع ماء الكولونيا في القرن الثامن عشر.

صورة من thefactsite

اخترع يوهان ماريا فارينا ماء الكولونيا بعد شعوره بالحنين إلى الوطن.

حتى أن فارينا كتب إلى شقيقه في عام 1709: "لقد اكتشفتُ رائحةً تُذكِّرني بصباح ربيع إيطالي، وأزهار النرجس البري وأزهار البرتقال بعد المطر".

لكن فارينا سمى اختراعَه باسم المكان الذي عاش فيه بعد هجرته من إيطاليا – كولونيا (Cologne)، ألمانيا.

عندما تزور مدينة كولونيا، سترى متحف فارينا للعطور، حيث يمكنك التعرف على البدايات المتواضعة لفارينا وصعود ماء الكولونيا الخاص به إلى الشهرة من خلال جولة إرشادية.

أصبح ماء الكولونيا شائعًا جدًا لدرجة أن نابليون بونابرت، القائد العسكري والسياسي الفرنسي، أحب رائحتَه - حيث طلب 50 زجاجة من ماء الكولونيا كل شهر.

تم إصدار ماركة 4711 الأصليّة من (Eau de Cologne) في عام 1792.

صورة من thefactsite

قدم فيلهلم مولهينز عطر (Eau de Cologne) 4711 الأصلي، وهو أقدم عطر لا يزال يتمّ تصنيعه حتى اليوم.

وهو عطر للجنسَين تفوح رائحته كرائحة الحمضيات بسبب مُكوِّناته مثل الليمون والبرتقال والبرغموت، ولكن تمّ تسويقه لأول مرة كمشروب صحي.

تمّت تسمية عطر 4711 على اسم رقم المنزل الذي أعطاه تشارلز لورييه، وهو جندي فرنسي، لمبنى Glockengasse في Mülhens في عام 1796 لاستقبال الجنود. كان المبنى عبارة عن مصنع لماركة 4711 ولكن تم تجديده منذ ذلك الحين وأصبح منطقة جذب سياحي اليوم.

بدأ إنتاج العطور بكميات كبيرة في القرن التاسع عشر.

صورة من thefactsite

أدت إضافة المواد الكيميائية الاصطناعية إلى جعل العطور في متناول عامة الناس.

وأصبح هذا هو خط البداية لصناعة العطور الحديثة، حيث أصبحت العطور التي تحتوي على الكحول أكثر انتشارًا من العطور التي تعتمد على الزيت.

أول عطر يحتوي على مكونات صناعية كان عطر Jicky من Guerlain في عام 1889 - وهو نفس العام الذي تم فيه بناء برج إيفل في فرنسا. كان Jicky مُكوَّنًا في المقام الأول من روائح الخزامى والفانيليا، مع كمية صغيرة من الحمضيات وباقة من عطور Guerlain الكلاسيكية كمُكوِّنات داعمة.

كانت شانيل أيضًا واحدة من رواد صناعة العطور الاصطناعية، حيث أطلقت عطر Chanel N° 5 في عام 1921. وقد ابتكر تركيبتَه العطرية صانعُ عطور روسي فرنسي يدعى "إرنست بو".

ويُعتقد أن مساعد "بو" أضاف عن طريق الخطأ المزيد من الألدهيد إلى العطر، وهو ما تبيّن أنه خطأ ثوري.

بدأت عطور المشاهير في أوائل الثمانينات.

صورة من thefactsite

كانت صوفيا لورين أول شخصية مشهورة تُطلِق عطرَها الخاص في عام 1981.

ثم جاءت عطور المشاهير الأخرى، مثل Cher’s Uninhibited و Elizabeth Taylor’s Passion في عام 1987. لكن إليزابيث تايلور كان لها التأثير الأكبر على عطور المشاهير عندما أطلقت عطرَها الثاني White Diamonds في عام 1991 وحقق نجاحًا هائلاً.

اليوم، لدى العديدِ من المشاهير، بما في ذلك أريانا غراندي، وكاتي بيري، وتايلور سويفت، خطُّ عطور خاصٌ به.

يحاول العلماء إعادة إنتاج عطر كليوباترا منذ عام 2012.

صورة من thefactsite

استخدمت كليوباترا، الملكة التي حكمت مصر القديمة، عطرًا يسمى "منديسيان" (Mendesian)، يوصف بأنه كثيف، حارّ، ويحوي قليلاً من عبق المسك. يعتقد الباحثون أن عطرها يتكون من المرّ والقرفة والزيوت الأساسية.

بدأت فكرة إعادة إنشاء "منديسيان" عندما اكتشف علماء الآثار بقايا ما يقال إنه مصنع عطور عمره 2300 عام.

وفي سبتمبر (أيلول) 2021، نُشرت ورقة بحثية بعنوان "ماء كليوباترا" “Eau de Cleopatra” في مجلة آثار الشرق الأدنى (Near Eastern Archaeology)، تُوضِّح كيف تمكن الباحثون من إعادة إنتاج عطرها.

المزيد من المقالات