تمّت رؤية الشمبانزي يستخدم تقنيات الحرب البشرية لأول مرة

تمّت رؤية الشمبانزي في غابات غرب افريقيا وهو يقوم بسلوك لم يُشاهد من قبل. من أجل التجسّس على العصابات المنافسة، تذهب قرود الشمبانزي إلى أرض مرتفعة وذلك لجمع المعلومات وللحصول على رؤية أفضل، ثم تستخدم بعد ذلك "معلومات الاستطلاع" هذه لتحديد خطواتها التالية. هذه تقنيّة قديمة ومعروفة في الحروب البشرية، لكنها تُعبِّر عن سلوكٍ في حياة الشمبانزي لم يذكر من قبل.

لقد تم توثيق هذا السلوك الرائع في حديقة تايلاند الوطنية في ساحل العاج وذلك خلال دراسةٍ استمرت ثلاث سنوات أجرتها جامعة كامبريدج بالتعاون مع معهد ماكس بلانك للأنثروبولوجيا التطورية.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

قام الفريق بجمع بيانات منظومة تحديد المواقع العالميّة (الجي بي إس GPS) وأكثر من 21000 ساعة سجلاّت تقفّي أثرٍ لمجموعتين متجاورتين من الشمبانزي الغربي، تضمّان بالإجمال 58 قردًا.

كانت منطقتا مجموعتَي الصّوائح هاتَين (وهو الاسم الجماعي الذي يُطلَق كما يبدو على الشمبانزي) متاخمتَين لبعضهما البعض، وغالباً ما تضطّران إلى التنافس على الموارد، الأمر الذي يمكن أن يتحول إلى أعمال عنف.

الصورة عبر publicdomainpictures

أظهرت ملاحظات البحث أن قرود الشمبانزي كانت تقوم بدوريات منتَظَمة على الحدود من أجل إعادة التأكيد على حدود منطقتها المُعرَّفة على نحوٍ غير مُحكَم.

الصورة عبر pexels

"غالبًا ما كان يتمّ إجراء الدوريات ضمن مجموعات جزئيّة تبقى قريبة من بعضها وبدون إحداث ضوضاء. سوف تشَعر -كمراقب- بأن الدوريات قد بدأت من حيث أن القرود تتحرّك وتقف في الوقت نفسه، كما يحدث نوعاً ما أثناء الصيد". يقول الدكتور سيلفان ليموين، وهو مؤلِّف رئيسي في الدّراسة يعمل خبيراً في الأنثروبولوجيا البيولوجية في قسم الآثار بجامعة كامبريدج، في إفادة له:" تتمثّل ميزة مشترَكة لهذه الدورّيات في أن قرود الشمبانزي تذهب نحو المنطقة الهضبيّة الأكثر ارتفاعاً عند تحرّكها نحو الحدود، حيث يحدث الصراع عادةً. ومع ذلك، فإنها تميل إلى تجنب هذه التلال عند العودة إلى منطقتها، حيث تختار الطريق الأسهل والأكثر انبساطًا.

الصورة عبر unsplash

ويبدو أن تحرّكات الشمبانزي التالية تمليها المعلوماتُ التي تمّ جمعُها من قمّة ا الهضبة. فبعد رصْدِ القرود المُنافسة، تزداد قيمةُ احتمال التقدم أراضٍ مُعادية من 40 بالمائة -عندما كانت المجموعتان المتنافستان على بعد 500 متر (1640 قدمًا) من بعضهما البعض- إلى 50 بالمائة عندما كانت هذه المسافة الفاصلة 1000 متر (3280 قدمًا)، حتى تبلغ 60 بالمائة عندما كانت المجموعتان على بعد 3000 متر (9842 قدمًا).

يحاجج الباحثون أن هذا السلوكَ لا يُظهر القدراتِ المعرفيةَ لأقرب المخلوقات الحيّة لنا فحسب، بل قد يُسلّط الضوء حتّى على أصول الحرب البشرية أيضاً.

الصورة عبر unsplash

يوضح الدكتور ليموين قائلاً " تُعتبَر الحربُ التكتيكية مُحرِّكاً للتطوّر البشري". ويُضيف: "يتطلّب سلوك قرود الشمبانزي هذا قدراتٍ معرفيةً مُعقّدةً تساعد في الدفاع عن أراضيها أو في توسِّعها، وهو ما يفضّله الاصطفاءُ الطبيعي". ثم يُردِف قائلاً: "لاستغلال المنظر الطبيعي من أجل التحكّم بالأراضي جذورٌ عميقة في تاريخنا التطوري. إذ أننا قد نرى في استخدام قرود الشمبانزي لهذه الاستراتيجية الشبيهة باستراتيجيّات الحرب آثارًا للحرب البدائيّة صغيرة النطاق التي ربّما كانت موجودة في مجتمعات الصيد وجمع الثمار في عصور ما قبل التاريخ".

نُشرت الدراسة الجديدة في مجلة PLOS Biology.

المزيد من المقالات