دنكرك: بين البحر والتاريخ، تجربة سياحية فريدة في شمال فرنسا
ADVERTISEMENT

تقع مدينة دنكرك على الساحل الشمالي لفرنسا، وهي واحدة من الوجهات السياحية التي تجمع بين الجمال الطبيعي والتاريخ العريق. بالرغم من أن هذه المدينة قد اشتهرت بشكل خاص خلال الحرب العالمية الثانية، إلا أن تاريخها يمتد لقرون، مما يجعلها مكانًا رائعًا لزيارته سواء كنت مهتمًا بالتاريخ أو ترغب في قضاء

ADVERTISEMENT

بعض الوقت على شواطئها الجميلة. مدينة دنكرك، أو "دونكيرك" كما تُلفظ بالفرنسية، ليست فقط ميناءً بحريًا هامًا، بل هي بوابة إلى الماضي والحاضر، تقدم تجربة سياحية متميزة لكل من يزورها.

لمحة تاريخية عن دنكرك

صورة من wikimedia

تأسست دنكرك في العصور الوسطى، وكانت جزءًا من بلجيكا قبل أن تصبح جزءًا من فرنسا. ومع مرور القرون، أصبحت المدينة ميناءً تجاريًا هامًا، وكان لها دور كبير في تجارة الملح والأسماك. ولكنها اشتهرت عالميًا بفضل أحداث الحرب العالمية الثانية، وتحديدًا عملية الإجلاء الشهيرة التي تمت في عام 1940. عملية دنكرك، التي تعتبر من أبرز الأحداث في تاريخ الحرب العالمية الثانية، شهدت إجلاء مئات الآلاف من الجنود البريطانيين والحلفاء من شواطئ المدينة إلى إنجلترا تحت نيران القوات النازية.

ADVERTISEMENT

دنكرك: ما بعد الحرب

بعد الحرب العالمية الثانية، خضعت دنكرك لإعادة بناء واسعة، حيث تم ترميم معظم المباني التي دمرت خلال القصف. ومع ذلك، احتفظت المدينة بروحها التاريخية وتستمر في جذب الزوار المهتمين بفهم أحداث الحرب والتعرف على الدور الكبير الذي لعبته دنكرك في هذه الفترة الحاسمة. إلى جانب تاريخها الحربي، أصبحت دنكرك اليوم مدينة حديثة مليئة بالمرافق السياحية، مع ميناء حيوي وشواطئ رائعة.

معالم الجذب السياحي في دنكرك

صورة من wikimedia

إذا كنت تخطط لزيارة دنكرك، فهناك العديد من المعالم السياحية التي يجب أن تكون على قائمة زيارتك.

1. متحف عملية دنكرك

يعد متحف عملية دنكرك (Musée Dunkerque 1940 - Opération Dynamo) من أهم المعالم التي يجب زيارتها. يضم المتحف مجموعة واسعة من المعروضات التي تروي قصة عملية الإجلاء الشهيرة خلال الحرب العالمية الثانية. ستجد هنا وثائق وصورًا تاريخية وأدوات عسكرية تعكس حجم التحديات التي واجهها الجنود أثناء عملية الإجلاء. المتحف يتيح للزوار فهم الأحداث من منظور جديد، ويشكل محطة أساسية لمن يرغب في التعرف على تاريخ دنكرك من قرب.

ADVERTISEMENT

2.شواطئ دنكرك

إذا كنت تبحث عن الاسترخاء، فلا شيء يضاهي الاستمتاع بأشعة الشمس على شواطئ دنكرك. تمتد الشواطئ الرملية على طول الساحل، وتوفر للزوار فرصة للاسترخاء والتمتع بمناظر البحر الرائعة. شاطئ مالوليس-بان (Malo-les-Bains) هو الأكثر شهرة ويعد ملاذًا مثاليًا لمحبي الأنشطة المائية مثل السباحة وركوب الأمواج.

3.ميناء دنكرك

يعتبر ميناء دنكرك ثالث أكبر ميناء في فرنسا، وهو نقطة انطلاق للعديد من الرحلات البحرية والعبارات. يمكن للزوار التجول في الميناء والاستمتاع بمشاهدة السفن الكبيرة التي ترسو فيه. كما يمكنهم القيام بجولة بحرية لمشاهدة المدينة من منظور مختلف، حيث يمكن رؤية دنكرك من البحر والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الساحرة التي تحيط بها.

4.برج سانت إلويس

يعد برج سانت إلويس (Tour Saint-Éloi) أحد أقدم المباني في دنكرك، ويعود تاريخه إلى القرن الخامس عشر. البرج كان جزءًا من كنيسة ضخمة دُمرت خلال الثورة الفرنسية، وما تبقى منه اليوم هو رمز قوي للماضي التاريخي للمدينة. يمكن للزوار الصعود إلى قمة البرج للحصول على إطلالة بانورامية رائعة على المدينة وساحلها.

ADVERTISEMENT

5.الحدائق والمتنزهات

تتميز دنكرك بعدد من الحدائق العامة الجميلة، مثل حديقة بيير بروسوليت (Parc de la Marine) التي تعد مكانًا مثاليًا للتنزه والاسترخاء بين المساحات الخضراء. الحديقة تحتوي على العديد من الزهور والأشجار، وتوفر للزوار بيئة هادئة بعيدًا عن صخب المدينة.

الأنشطة السياحية في دنكرك

صورة من wikimedia

إلى جانب المعالم السياحية، تقدم دنكرك مجموعة متنوعة من الأنشطة التي تناسب جميع الأذواق.

1.الرياضات المائية

بفضل موقعها الساحلي، توفر دنكرك مجموعة واسعة من الأنشطة المائية مثل ركوب الأمواج، الإبحار، والتجديف. إذا كنت من عشاق البحر والمغامرات، فستجد في دنكرك العديد من الفرص للاستمتاع بهذه الأنشطة.

2. التجول بالدراجات

دنكرك مدينة صديقة للدراجات، وتضم العديد من المسارات المخصصة لراكبي الدراجات. يمكنك استئجار دراجة واستكشاف المدينة والمناطق المحيطة بها على مهل، مما يتيح لك فرصة التمتع بالمناظر الطبيعية الخلابة.

ADVERTISEMENT

3.مهرجان الكرنفال

تشتهر دنكرك أيضًا بكرنفالها السنوي الذي يعد واحدًا من أكبر وأشهر الكرنفالات في فرنسا. الكرنفال هو احتفال مليء بالألوان والموسيقى والرقص، ويجذب الزوار من جميع أنحاء العالم. تجربة هذا الكرنفال تعد تجربة فريدة، حيث يمكنك الانغماس في الثقافة المحلية والتعرف على تقاليد المنطقة.

تجربة الطهي في دنكرك

زيارة دنكرك لا تكتمل بدون تجربة الطعام المحلي. بفضل موقعها الساحلي، تشتهر المدينة بتقديم أشهى الأطباق البحرية. من بين الأطباق الشهية التي يمكنك تجربتها في دنكرك طبق "الموسيل" (Moules) وهو نوع من المحار الذي يُقدم عادة مع البطاطس المقلية. كما يمكنك تذوق أطباق أخرى مثل "الكروكيت" و"الفلاميش" وهي فطائر لذيذة تعد جزءًا من التراث المحلي.

ولا تنسى زيارة أحد الأسواق المحلية التي تعرض منتجات طازجة من المنطقة، مثل الأجبان الفرنسية الشهيرة والمعجنات اللذيذة. هذه الأسواق تعد مكانًا رائعًا لاكتشاف نكهات جديدة وأخذ هدايا تذكارية فريدة من نوعها.

ADVERTISEMENT

أين تقيم في دنكرك؟

تقدم دنكرك خيارات متعددة للإقامة تناسب جميع الميزانيات. يمكنك الاختيار بين الفنادق الفاخرة التي تطل على البحر، أو الفنادق الصغيرة التي توفر أجواء أكثر دفئًا وحميمية. إذا كنت تفضل تجربة مميزة، يمكنك الإقامة في أحد المنازل الريفية (gîtes) التي تعكس الطابع التقليدي للمنطقة وتوفر تجربة أكثر قربًا من الحياة المحلية.

نصائح للمسافرين إلى دنكرك

صورة من wikimedia

عند زيارة دنكرك، من المهم أن تأخذ في الاعتبار بعض النصائح التي ستجعل رحلتك أكثر متعة وسلاسة:

1.أفضل وقت للزيارة: يعتبر فصل الصيف أفضل وقت لزيارة دنكرك، حيث يمكنك الاستمتاع بالشواطئ والأنشطة الخارجية. مع ذلك، إذا كنت ترغب في تجنب الزحام، فالفصول الانتقالية مثل الربيع والخريف تعد خيارًا جيدًا.

2.اللغة: اللغة الرسمية في دنكرك هي الفرنسية، ولكن لا تقلق إذا كنت لا تجيدها، فالعديد من السكان المحليين يجيدون اللغة الإنجليزية، خاصة في المناطق السياحية.

ADVERTISEMENT

3.النقل: دنكرك مرتبطة بشكل جيد مع باقي مدن فرنسا وأوروبا عبر شبكة متطورة من الطرق والسكك الحديدية. كما يمكن الوصول إليها بسهولة من خلال العبارات التي تربطها بالمملكة المتحدة.

دنكرك هي وجهة سياحية فريدة تجمع بين التاريخ الغني والجمال الطبيعي. سواء كنت تبحث عن مغامرة تاريخية أو ترغب في الاسترخاء على الشاطئ، فإن دنكرك تقدم لك تجربة لا تنسى. إنها مدينة تأسر الزوار بتراثها وثقافتها وتاريخها العريق، لتصبح وجهة مثالية لمحبي الرحلات والسفر. إذا كنت تبحث عن مكان يمزج بين البحر والتاريخ، فإن دنكرك هي الخيار المثالي لك.

ياسر السايح

ياسر السايح

·

17/12/2024

ADVERTISEMENT
البصمة التراثية الإسلامية في القصر العباسي ببغداد
ADVERTISEMENT

لأكثر من 800 سنة ..ومرورًا بأصعب الفترات في التاريخ وأكثرها حبسًا للأنفاس في تاريخ الشرق الأوسط عامةً والعراق خاصّةً.. مازال ذلك البناء الخلاب يقف شاهدًا على إحدى أزهى عصور الحكم في بغداد .. على ضفاف نهر دجلة الضارب في القدم ... تجد ذلك القصر الشامخ يحكي عن عصور ما قد

ADVERTISEMENT

مضت ويسطر بين أركانه حكايات عن أبطال وأحداث لم تكن من العالم العربي والإسلامي ببعيد . هنا قصر بغداد العباسي .. أجمل قصور بني العباس بلا منازع.

البداية

صورة من wikimedia

تم الانتهاء من بناء هذا المبنى البديع في عام 163 هجرية بأمر من الخليفة أبي جعفر المنصور ، وسمّاه حينها "قصر السلام" ، وكانت مقرًا لإقامته، وتحدث بعض الأثريين بأن القصر كان في مرحلةٍ من المراحل التاريخية مدرسة للتشابه بين واجهته وطراز المدرسة المستنصرية.

يمثّل الطراز المعماري في القصر العباسي ببغداد قمة الزخرفة الإسلامية لذلك العصر حيث تميّز باحتوائه على زخارف مصنوعة بحرفيّةٍ عاليةٍ تدعو للإعجاب وقلّ أن تجد مثلها في أي مكان آخر سواءً ببغداد أو خارجها.

ADVERTISEMENT

القصر العباسي من الداخل

صورة من wikimedia

تحتوي الباحة الداخلية للقصر العباسي على نافورة مركزية تعمل بطريقة فيزيائية مميزة ، ويمكنك أن ترى الزخارف الدقيقة المنتشرة على الجدران الداخلية للساحة والتي تشبه إلى حدٍّ كبيرٍ خلايا النحل لما تحتوي عليه من نقوشاتٍ دقيقةٍ وتماثلٍ يدعو للدهشة والإعجاب، ومن الجدير بالذكر أن تلك النقوشات قد تمت صناعتها من الطين المفخور أو الطين المشوي.

توجد داخل القصر العباسي ما يربو على 40 غرفة تتوزع على دورين، ومن المثير للإعجاب أن القصر في الشتاء يكون دافئًا وفي الصيف يكون باردًا، في إشارةٍ إلى اهتمام المصممين بتوفير أعلى وسائل الراحة في ذلك الزمن، كما نلاحظ أيضًا عدم تماثل الغرف الذي نتج عن عدم تساوي الأضلاع المكونة للقصر مما جعل لكل مجموعة من الغرف طابعًا وبصمةً خاصةً.

البصمة التراثية المميزة للقصر العباسي

ADVERTISEMENT
صورة من wikimedia

يرى كثير من الباحثين في التراث العباسي أن القصر العباسي ببغداد وزخارفه لا مثيل لها من حيث اجتماع فن حق الطين مع فنون النقش والنحت الذي يماثل تجاويف خلايا النحل مما أعطى للجدران رونقًا خاصًّا لا تجد له شبيهًا بأي معلم سياحي آخر سواءً في بغداد أو خارجها  ، مما جعلها من الأماكن السياحية المميزة التي يتوق الزائرون لرؤيتها والتمتع بمناظرها خلال زيارتهم لمدينة بغداد.

يأتي العديد من السياح لزيارة القصر العباسي ببغداد لشدّة تميّزه ووجود بعض الشبه بين واجهته وبين الطراز المعماري المستخدم في بناء المدرسة المستنصرية، لكن هناك بعض السمات التي تميّز بها القصر العباسي عن أي مبنى آخر، وذلك أن أركانه كانت مؤمَّنةً بما يشير إلى أنه كان مجهّزًا لحماية وتأمين الخليفة وإقامته فيه، فلم يكن قصرًا عاديًّا ، بل كان قصرًا شديد التأمين ومزود بأعلى وسائل التحصين في زمنه.

ADVERTISEMENT
صورة من wikimedia

كان الخليفة العباسي الناصر لدين الله أول اتخذ من ذلك القصر مقرًّا للحكم، وكان القصر العباسي في ذلك الوقت رمزًا للوجدة ونبذ الخلافات والتعصب بين المذهاب المختلفة ، فكان عصر الخليفة الناصر لدين الله أول قصرٍ يدخل فيه الحنابلة إلى المناصب  بالرغم من انتماء الخليفة للمذهب الشافعي مما دفع بالحال في مختلف أرجاء الدولة اعباسيية إلى التصالح والتقارب ونبذ الفُرقة، كما كان القصر العباسي رمزًا للمقاومة والنضال حيث دعم الخليفة الناصر صلاح الدين الأيوبي بالمال والعتاد وأمر كل ولاته بتقديم الدعم اللازم له في حرب تحرير القدس من أيدي الصليبيين كما دعمه ضد حركات التمرد التي قامت بها طائفة الحشاشين.

وظل القصر العباسي ببغداد محتفظًا بأهميته التاريخية في عصر الدولة العثمانية حيث اتخذته مقرًّا عسكريًّا وأطلقت عليه "البارود خانة"  لما له من خصائص دفاعية مميزة، كما أن الملك فيصل قد تم تتويجه في باحة القصر العباسي في عام 1953 كإشارة على استمرارية الحكم الملكي وارتباطه النظام الحاكم بتراثه وتمسّكه بمبادئ الوحدة ونبذ الفُرقة. كما أن النظام الجمهوري قام بمحاكمة رموز النظم الملكي في القاعة الصفراء بداخل القصر العباسي في عام 1958 لتأكيد أحقيتهم بالحكم واستمدادًا لشرعيتهم وإظهارًا لفخرهم بالماضي العظيم الذي قل أن تجد مثله في مدينة من مدن العالم.

اسماعيل العلوي

اسماعيل العلوي

·

17/12/2024

ADVERTISEMENT
أسرار الصين العتيقة: رحلة عبر الزمن في شوارع بكين القديمة
ADVERTISEMENT

في قلب الصين، حيث تتلاقى خيوط التاريخ مع نسيج الحاضر، تقف بكين العتيقة شامخة كحارس أزلي لأسرار الأمس. ليست مجرد مدينة، بل هي رواية حية تُروى في كل زاوية من زواياها، وفي كل حجر من أحجارها. “أسرار الصين العتيقة” ليست مجرد عبارة، بل هي دعوة لرحلة عبر الزمن، رحلة تأخذنا

ADVERTISEMENT

إلى عمق العصور، حيث الحكايات والأساطير والحقائق التي شكلت الروح الصينية.

من خلال شوارع بكين القديمة، نتتبع خطى الأجداد، نستكشف الأسواق التي كانت تعج بالحياة، والمعابد التي كانت تصدح بالصلوات، والقصور التي كانت تشهد على فخامة الإمبراطوريات. نتعرف على الفنون والعمارة التي تحكي قصص الإبداع والتفاني، ونستشعر الفلسفات التي زرعت بذور الحكمة في الأرض الصينية.

هذا المقال هو دعوة لاكتشاف الأسرار التي تختبئ خلف جدران بكين العتيقة، ولفهم كيف أن هذه الأسرار لا تزال تنبض بالحياة في كل شارع وكل بيت، مؤثرةً في الصين الحديثة. فلنبدأ معًا هذه الرحلة، رحلة عبر الزمن، لنكتشف معًا أسرار الصين العتيقة.

ADVERTISEMENT

أسس الحضارة العتيقة

الصورة عبر elements.envato

الأسر الحاكمة: من الإمبراطورية إلى الجمهورية:

في فجر التاريخ الصيني، تُروى الحكايات الأسطورية للإمبراطور الأصفر، الذي يُعتبر المؤسس الثقافي للصين والبطل الأسطوري الذي أرسى دعائم الحضارة. تلك الأساطير ليست مجرد قصص خرافية، بل هي البذور التي نمت منها جذور الهوية الصينية. ومع تعاقب العصور، شهدت الصين عهودًا ذهبية تحت حكم أسر عظيمة مثل الأسرة الهانية والتانغية، حيث ازدهرت الفنون والعلوم وتوسعت الإمبراطورية لتشمل أراضٍ شاسعة.

في مسيرة التاريخ، شهدت الصين تحولات سياسية جذرية، حيث تحولت من الإمبراطورية المطلقة، التي كانت تحكمها الأسر الإمبراطورية بيد من حديد، إلى الجمهورية الصينية، مما فتح الباب أمام عصر جديد من الإصلاحات والتحديثات السياسية والاجتماعية. هذه الرحلة الطويلة من الأسطورة إلى الواقع تُظهر التطور العميق والمستمر للدولة الصينية وشعبها.

ADVERTISEMENT

العمارة والفنون: مرايا الروح الصينية:

تعكس القصور الإمبراطورية الصينية، بتصاميمها المهيبة وتخطيطها المتقن، النظام الكوني والهرمية الاجتماعية التي كانت تحكم البلاط الإمبراطوري. كل قصر هو عالم مصغر، يجسد الفلسفة الصينية ويعبر عن السلطة والنظام.

في مجال الفنون التقليدية، يبرز الخط الصيني والرسم على الحرير كتعبيرات فنية تنبض بالروحانية وتحمل في طياتها جماليات الثقافة الصينية العريقة. أما الحرف اليدوية، مثل الخزف والنحت على اليشم، فهي تشهد على الدقة والإتقان الذي يتقنه الحرفيون الصينيون، وتعكس القيم الجمالية والأهمية الثقافية لهذه الأعمال الفنية التي تعد رموزًا للتراث الصيني.

الفلسفات والديانات: الكونفوشيوسية والطاوية والبوذية:

تُعد الكونفوشيوسية أحد أعمدة الفكر الصيني، وهي تركز على الأخلاق والنظام الاجتماعي، مؤثرةً بشكل كبير على نظام الحكم والإدارة في الصين. تُعلم الكونفوشيوسية الناس الفضيلة واحترام الأسرة والأجداد، وتُشكل الأساس للعلاقات الاجتماعية والسياسية.

ADVERTISEMENT

من جهة أخرى، تُقدم الطاوية فلسفة الانسجام مع الطبيعة، وقد أثرت بعمق في مجالات الطب والعلوم الصينية، مُرشدةً الناس إلى التوازن والبساطة في الحياة. أما البوذية، فقد انتشرت في الصين وأثرت على الفنون والمعمار، مُضيفةً بُعدًا روحيًا وجماليًا للثقافة الصينية، ومُسهمةً في تشكيل الهوية الثقافية والروحية للبلاد. هذه الفلسفات الثلاث، بتأثيراتها المتنوعة، تُعتبر جزءًا لا يتجزأ من نسيج الحضارة الصينية العريقة.

شوارع بكين - شاهد على التاريخ

الصورة عبر elements.envato

الحوتشونغ: نبض الحياة في الأزقة الضيقة:

تُعتبر الحوتشونغ، بأزقتها الضيقة ومنازلها المتلاصقة، قلب بكين النابض. هنا، يمكن للزائر أن يشعر بنبض الحياة اليومية والتقاليد التي لم تتغير على مر العصور. تعج هذه الأزقة بالسكان المحليين والباعة والحرفيين، مما يخلق تجربة غنية بالألوان والأصوات والروائح.

ADVERTISEMENT

الأسواق والمعابد: ملتقى الثقافات والأديان:

تُعد الأسواق والمعابد في بكين ملتقى للثقافات والأديان المختلفة. في الأسواق، يمكن للزوار العثور على كل شيء من التوابل النادرة إلى الحرير الفاخر، بينما تُعتبر المعابد ملاذًا للروحانية والتأمل، وتعكس التنوع الديني الذي يميز التاريخ الصيني.

القصور والحدائق: فن العمارة والتصميم الصيني:

القصور والحدائق في بكين هي شواهد على فن العمارة والتصميم الصيني. تُظهر القصور فخامة الحياة الإمبراطورية، بينما تُعتبر الحدائق تجسيدًا للجمال الطبيعي والفن الصيني، حيث تمتزج الطبيعة والعمارة بانسجام تام.

الغابات المقدسة وأسرار الطبيعة

الصورة عبر elements.envato

الفنغ شوي: الانسجام مع الطبيعة والكون:

الفنغ شوي، الفن القديم لتحقيق الانسجام والتوازن، يُعتبر جزءًا لا يتجزأ من الثقافة الصينية. يُطبق هذا المفهوم في تصميم المساكن والمباني والحدائق، بحيث تكون في تناغم مع الطاقة الكونية. يُعتقد أن الفنغ شوي يجلب الصحة والثروة والسعادة للساكنين.

ADVERTISEMENT

الغابات المقدسة: حماية القرى والمعتقدات الروحية:

الغابات المقدسة في الصين تُعتبر ملاذًا للروحانية والتأمل. تُحيط هذه الغابات بالقرى والمعابد، وتُعتبر رمزًا للحماية والحكمة. يُعتقد أنها تحمي السكان من الأرواح الشريرة وتجلب البركات للمجتمعات المحلية.

الحياة اليومية في بكين العتيقة

الصورة عبر elements.envato

الطعام والمأكولات: قصة كل لقمة:

تُعبر المأكولات الصينية عن تنوع وغنى الثقافة الصينية. كل طبق يحمل في طياته قصة، من الدمبلينغ التقليدي إلى البط بكين الشهير. الطعام ليس مجرد وسيلة للتغذية، بل هو احتفال بالتقاليد والتجمعات العائلية.

الأزياء والأقمشة: الحرير، رمز الفخامة الصينية :

الحرير الصيني، بألوانه الزاهية ونقوشه المعقدة، يُعتبر رمزًا للفخامة والذوق الرفيع. الأزياء التقليدية مثل القيباو تُظهر الأناقة والجمال، وتُعبر عن الهوية الثقافية للشعب الصيني.

ADVERTISEMENT

الفنون القتالية: أكثر من مجرد دفاع عن النفس :

الفنون القتالية الصينية، مثل الكونغ فو والتاي تشي، تُعتبر جزءًا من التراث الثقافي. هي ليست فقط للدفاع عن النفس، بل هي أيضًا للتأمل وتحسين الصحة الجسدية والعقلية.

الصورة عبر Peggy_Marco على pixabay

ونحن نختتم رحلتنا في أزقة بكين القديمة، نجد أنفسنا محاطين بروح التاريخ الذي لا يزال ينبض في كل ركن من أركان هذه المدينة العريقة. لقد سافرنا عبر الزمن، واكتشفنا الأسرار التي تختبئ خلف الجدران العتيقة وفي قلوب الناس الذين يعيشون هنا. بكين الحديثة، بكل ما تحمله من تطور وعولمة، لا تزال تحتفظ بتراثها الثقافي الغني، مُظهرةً للعالم كيف يمكن للماضي والحاضر أن يتعايشا بانسجام.

الدروس المستفادة من أسرار الصين العتيقة لا تقتصر على الماضي فحسب، بل هي مرشد للمستقبل. تُعلمنا هذه الأسرار أهمية الحفاظ على التقاليد والثقافة، وتُذكرنا بأن الهوية الوطنية والفخر بالتراث يمكن أن يكونا قوة دافعة للابتكار والتقدم.

ياسر السايح

ياسر السايح

·

17/12/2024

ADVERTISEMENT