فتصنف ضمن أكثر البحيرات ملوحة. تقع غرب العاصمة جيبوتي داخل انخفاض أرضي نشأ من التقاء ثلاث صفائح قارية، وتحيط بها جبال بركانية وتلال صخرية، فتكتسب أهمية جيولوجية نادرة.
الضفاف بيضاء كالثلج بسبب تراكم الملح، فيبدو المشهد كأنه لوحة رسمتها الطبيعة باللونين الأبيض والأزرق. الطريق من العاصمة يقطع حقولاً من الحمم البركانية ورمالاً صفراء، ويستغرق السفر ساعة ونصف الساعة. عند الوصول، يمشي الزائر على طبقات ملح صلبة، يغمس قدميه بالماء فيطفو دون جهد، ويلتقط صوراً للجبال المحيطة التي تبدو وكأنها نُحتت بالنار.
بجانب البحيرة ينصب بدو أفارقة خيامهم من شعر الماعز، يستخرجون الملح بأيديهم بواسطة ألواح خشبية، يكسرون القشرة الملحية ثم يعبئونها في أكياس تُباع في سوق العاصمة. يعرضون على الزائر قطعاً على شكل هرم أو كرة بسعر بسيط. الجبال البركانية المحيطة تحتوي على معادن نادرة، فيأتي إليها طلاب الجيولوجيا ليأخذوا عينات من الصخور التي تكوّنت قبل ملايين السنين.
رغم ملوحة الماء وحرارة الهواء، تعيش طحالب خضراء على سطح البحيرة، تُغطي أجزاء منها بطبقة زيتية زرقاء. في الشتاء، تحط طيور الفلامنغو والبط المهاجر على الضفاف، تتغذى على الطحالب ثم تكمل رحلتها. بعد البحيرة عن المدن يحفظ ماءها من النفايات، فيبقى لونه أزرق صافياً يعكس السماء كمرآة عملاقة.
تستقبل البحيرة بعثات علمية من جامعات فرنسا واليابان، يدرسون كيف تتحمل الكائنات الملوحة القصوى، ويبحثون عن بكتيريا قد تُنتج دواءً جديداً. بنت الحكومة طريقاً معبداً حتى حافة البحيرة، ونصبت حواجز خشبية لمنع السيارات من اقتراب الضفاف، فلا تُداس الطحالب وتبقى المنطقة نظيفة.
على الزائر أن يحمل قارورة ماء كبيرة ويضع قبعة على رأسه، لأن الشمس تكون لافحة حتى في الشتاء. يُنصح بشراء قطعة ملح من البدو، والجلوس معهم لشرب الشاي الأحمر بالزنجبيل، والاستماع إلى قصصهم عن الصحراء. تترك بحيرة عسل في الذاكرة صورة للماء الأزرق المحاط بالملح الأبيض، ووجوهاً سمراء تبتسم للغريب قبل أن ينصرف.