في زمن غفل فيه كثير من الناس عن معجزات النبوة، ظهرت قصة الذئب الذي تكلم مع رجل عربي، فكانت من المعجزات البارزة التي شهدت لصدق نبوة محمد ﷺ. ورغم شهرته بمعجزات مثل إخراج الماء من بين أصابعه، وانشقاق القمر، فإن قصة الذئب لا تُذكر كثيراً، رغم ورودها في كتب الحديث والسير الموثوقة مثل مسند الإمام أحمد، وصحيح ابن حبان، وسنن الترمذي، ودلائل النبوة للبيهقي.
يروي الصحابي أبو سعيد الخدري أن ذئباً هاجم شاةً فانتزعها منه الراعي، فجلس الذئب على ذنبه وقال: "ألا تتقي الله؟ تنزع مني رزقاً ساقه الله إليّ؟" فدهش الراعي من أن الذئب يخاطبه، فأجابه الذئب أن هناك ما هو أعجب: "محمد ﷺ في يثرب يُخبر الناس بأخبار ما سبق." فتوجه الراعي إلى المدينة، وأخبر النبي بالواقعة، فأُمِرَ بالنداء للصلاة الجامعة، ثم روى القصة أمام الصحابة، فصدقها النبي ﷺ وقال: "والذي نفسي بيده، لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس..."
قراءة مقترحة
وفي رواية أخرى لأبي هريرة، قال رجل بعد أن سمع الذئب: "والله ما رأيتُ كاليوم ذئباً يتكلم!" فأجابه الذئب: "أعجب من هذا رجلٌ بين النخلتين بمدينة الرسول، يُخبركم بما مضى وما سيأتي." وكان هذا الرجل يهودياً، فلما سمع القصة، ذهب للنبي ﷺ وأسلم.
يُرجح أن المتكلم مع الذئب هو الصحابي أهبان بن أوس الأسلمي، المكنى بأبي عقبة، وكان يرعى الغنم حين خطف الذئب شاةً فخاطبه بكلام بشري. فأسلم بعد الحادثة، وبايع في الرضوان، وسكن الكوفة حتى توفي في عهد معاوية. ويُروى أنه كان يشكو من ألم في ركبتيه ويضع وسادة أثناء السجود.
القصة تُظهر أن الذئب الذي سيصبح تراباً آمن بالله وبنبيه وتكلم بلسان عربي فصيح. فكيف بنا نحن البشر، ونحن المسؤولون المحاسبون؟ ومع تسارع الحياة، ينبغي أن نتأمل في مثل هذه المعجزات، التي تعزز الإيمان، وتدعونا لمراجعة علاقتنا بديننا وخالقنا.
