الذهب والعمال والريش، فشيّدوا حصونًا ومعابد لإظهار سيطرتهم على منطقة النوبة، التي كانت موطنًا لحضارة قديمة تقع شمال السودان وجنوب مصر، وكان سكانها من أوائل من بنوا الحضارة.
بعد انهيار مصر عام 1070 قبل الميلاد، ظهرت مملكة كوش، وتبنّى حكامها الثقافة المصرية. أعاد الملك ألارا الطقوس المصرية، وأسس سلالة نوبية قوية. ثم قاد حفيده بيي جيشه جنوبًا وشمالًا فحكم مصر كفرعون من السالة الخامسة والعشرين، وعُرف بالفراعنة السود، وحكموا مصر نحو قرن.
توفي بيي عام 715 قبل الميلاد، ودُفن حسب الطقوس المصرية داخل هرم، فعاد تقليد انقطع منذ أكثر من 500 عام. لكن الغزو الآشوري أنهى حكم الفراعنة السود، ومحيت آثارهم من التاريخ الرسمي لمصر.
بعد سقوطهم، جعل النوبيون مروي عاصمتهم الجديدة، في موقع استراتيجي يحتوي على ثروات طبيعية ساعدت على تطوير صناعة المعادن. اشتهرت مروي بأهراماتها الرفيعة التي يزيد عددها على 200 هرم، وهي مقابر لملوك وملكات وأمراء كوشيين، ولا تزال شاهدة على تلك الحضارة.
رغم اعتراف اليونسكو بمروي كموقع تراث عالمي، إلا أن أهراماتها تشهد قلة في أعداد الزوار، خاصة أن معظمها بُني بين 300 قبل الميلاد و350 ميلاديًا، في وقت توقفت فيه الأهرامات في مصر. انتهى ازدهار مروي مع تراجع الزراعة وتكرار الغارات الأجنبية.
في القرن 19، دخل الإيطالي جوزيبي فيرليني أهرامات مروي، هدم أكثر من 40 منها، وبحث داخلها عن الذهب. ورغم قلة السياحة في السودان، تبقى المواقع الأثرية والمقابر خيارًا ثريًا لمن يهوى التاريخ والاستكشاف.