button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

حل لغز الشعر الرمادي: هل يقع اللوم على التوتر؟

ADVERTISEMENT
الصورة عبر unsplash

غالباً ما يُشار، في الأفلام والبرامج التلفزيونية وفي الثقافة الشعبية، إلى فكرة أن التوتر يمكن أن يتسبب في تحول شعر الشخص إلى اللون الرمادي. أحد الأمثلة الشهيرة هو الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، الذي كان لديه شعر أسود عندما بدأ منصبه، لكن شعره أصبح رمادياً عندما انتهى من إدارة البلاد لفترتين!

وفي حين أن من الصعب إنكار مثل هذه الأمثلة، إلا أن الباحثين لا يسارعون إلى القفز إلى ذاك الاستنتاج. كيف بالضبط يؤدي التوتر إلى تحويل الشعر الأسود إلى اللون الأبيض عند أشخاص غير طاعنين في السن؟ وهل سببه التوتر أم شيء آخر مختلف تماماً؟

علم الشعر الرمادي

الصورة عبر unsplash

كل شخص لديه شعر ملون إلى حدّ ما (ما لم يكن لديك نقص في الصباغ أو اضطرابات معينة). تبدأ عملية التلوّن هذه عميقاً في بصيلات شعر الرأس. في قاعدة بصيلات الشعر توجد خلايا جلدية تسمى الخلايا الكيراتينية. تقوم هذه الخلايا تدريجياً، ملليمتراً تلو الآخر، ببناء خلايا الشعر. الشعر الذي تصنعه الخلايا الكيراتينية ليس ملوّناً، ولكن أثناء عملية بناء الشعرة، يعمل نوع آخر من الخلايا يسمى الخلايا الصباغية بكلّ جدّ على إنتاج صبغة تسمى الميلانين، وتوصيلها إلى الخلايا الكيراتينية. وفي النتيجة يحصل الشعر الجديد على لونه من خلال توصيل الميلانين. يوجد نوعان من هذا الميلانين: بني/أسود، وأصفر/برتقالي. ويؤدي مزيج من أنماط الألوان هذه إلى مجموعة لا حصر لها من ألوان الشعر التي نراها في العالم من حولنا. تستمر هذه الخلايا الصغيرة عند الإنسان في تكوين الشعر وتلوينه منذ لحظة ولادته، ولكن ليس حتى لحظة وفاته؛ فهذه الخلايا بعيدة كل البعد عن كونها خالدة. ومثل معظم أجزاء الجسم الأخرى، فإنها تموت بمرور الوقت. تظل بصيلات الشعر قيد الإنتاج لمدة تتراوح بين 2 و 7 سنوات فقط، ونستطيع أن نعرف أنها توقفت عندما يتساقط الشعر. ولكننا نعلم بأن الكثير منا يظلّ شعر رأسه كاملاً حتى بعد مرور هذه المدة المحدّدة بين 2 و7 سنوات. والسبب هو أن الجسم يستعمل احتياطيات الخلايا الجذعية التي تشكل الخلايا الكيراتينية والخلايا الصباغية الجديدة، إلا أن هذه الاحتياطيات ليست لانهائية أيضاً. ويتبيّن أن الخلايا الجذعية للخلايا الكيراتينية تتمتع بعمر افتراضي أطول من الخلايا الجذعية للخلايا الصباغية، ولهذا السبب يستمر الأشخاص ذوو الشعر الرمادي في قص شعورهم. ولكن لبّ هذه المقالة هو إذا ما كان للتوتر تأثير على عملية الشيب هذه، حيث تصبح المناقشة مربكة بعض الشيء. فلنرَ ذلك!

ADVERTISEMENT

الوراثة في مُقابل التوتر

الصورة عبر unsplash

ليس هناك من ينكر أن للوراثة دوراً في كيفية نمو شعرك. الصلع المبكر، والشيب المبكر، وأشكال الصلع عند الذكور هي بالتأكيد عوامل وراثية. تحدد صبغياتك عدد الخلايا الجذعية لديك ومقدار الوقت الذي تنمو فيه بصيلاتك الشعر قبل أن تتوقف. ولا يمكننا فعل الكثير بشأن أساسيات تركيبنا الوراثي.

ولكنّ التوتر شيء يمكننا السيطرة عليه. تؤدي المستويات المرتفعة من التوتر إلى ارتفاع مستويات هرمونات التوتر. إن هرمونات التوتر – الأدرينالين والكورتيزول والنورإبينفرين – ليست بالضرورة أشياء شريرة في الجسم. في الواقع، نحن بحاجة إلى هرمونات التوتر لتنشيط مجموعات عضلية معينة (العديد من عضلات الهيكل العظمي) وتوفير دفعة من الطاقة عندما نحتاج إليها (اندفاع "الأدرينالين" الشهير، والمعروف أكثر باسم استجابة "القتال أو الهروب" للجسم).

ومع ذلك، يمكن أن يكون هرمون التوتر سيفاً ذا حدّين؛ إذ يؤدي الارتفاع المزمن منه في الجسم إلى حدوث التهابات في أنسجة وخلايا الجسم. ويمكن أن تؤدي زيادة الالتهاب هذه إلى انهيار مناعتك، وتسريع عملية الشيخوخة، وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المعدية وغير المعدية.

أظهرت دراسة متقدمة أجريت على الفئران أن التوتر يتسبب في إطلاق النورادرينالين بالقرب من قاعدة بصيلات الشعر. يدفع هذا النورادرينالين جميع الخلايا الجذعية الصباغية هنا لتصبح خلايا صباغية. وهذا يعني في الأساس، استنزاف احتياطي الحيوان من الخلايا الجذعية الصباغية. وعندما تموت الخلايا الصباغية أخيراً، فإن ما تبقى لهذه الفئران هو الشعر الذي لم يعد يحتوي على أية خلية منتجة للصباغ. ومن هنا تأتي الفئران الفضية!

ADVERTISEMENT

الشيب عند الفئران في مُقابل الشيب عند البشر

الصورة عبر unsplash

إن إظهار أن التوتر يحوّل الفئران ذات الشعر الأسود إلى فئران فضية، أمر، ولكنّ الفئران تختلف عنا في نواحٍ عديدة. أحد المجالات التي يتجلّى فيها هذا الاختلاف هو مجال علم الأعصاب. تختلف بنية أدمغة الفئران قليلاً عن أدمغة البشر، لكن هل ينطبق هذا على الشعر أيضاً؟

لحسن الحظ، في دراسة متقدمة أخرى أُجريت في عام 2021، تمكنت الباحثة أيليت إم روزنبرغ وزملاؤها أخيراً من التحقق من صحة دور التوتر في الشعر الرمادي لدى البشر. قرر فريق أيليت استخدام مقاربة بسيطة تتلخّص في دراسة أحداث التوتر بالتوازي مع أية تغيرات في الشعر. للنظر إلى الشعر عن كثب قدر الإمكان، استخدموا أقوى المجاهر، وهو المجهر الإلكتروني. ولتحليل مستويات التوتر، طلبوا من المشاركين في الدراسة ملء اختبار تقييم الإجهاد النفسي والاجتماعي بأثر رجعي.

وباستخدام صور المجهر الإلكتروني للشعرة، تمكنوا من ملاحظة أنماط التصبغ المختلفة على جذع الشعرة. وباستخدام متوسط معدل نمو شعر الإنسان، تمكنوا من تتبع أية أحداث في الحياة وردّها إلى جزء معين من جذع الشعرة. هذا الأمر مشابه على سبيل المثال، لإجراء تقدير تقريبي لعمر طفل سليم، بناءً على طوله. وهو تماماً ما فعلته آيليت وزملاؤها على الشعرة.

ADVERTISEMENT

لقد تمكنوا من رسم خريطة للتغيرات في جذع الشعرة التي تواكب أحداث الحياة المختلفة التي حدثت للمتبرعين، بحسب ما كشفوا عنه هم ذاتياً في الاستبيان. يحتوي شعرنا بشكل دائم على معلومات حول ماضينا البيولوجي، وهو بهذا بمثابة جهاز لكشف الذاكرة.

يسمح فيديو المجهر الإلكتروني لجذع الشعرة للمرء برؤية عمليّة شيب الشعر وعكسها أيضاً!

تُظهر الدراسة بشكل قاطع أن مستويات التوتر يمكن أن تغير لون شعرك. فقد أظهر الباحثون أن عينة مكونة من 5 شعرات لشخص ما كان فيها حالة شيب ملحوظ. وقدّروا بالحساب أن هذا الشيب استغرق فترة شهرين من التغيرات الواضحة في الشعر الناجمة عن الإجهاد. عند العودة إلى المتبرع بعينة الشعر، أظهر اختبار تقييم الإجهاد أن هذه الفترة تزامنت مع أحد أكثر الأحداث إرهاقاً في حياة المشارك، حدثٍ يصنف بدرجة 9 من 10 على سلّم الإجهاد. فقد كان المشارك يمر بانفصال زوجي انتهى به إلى الانتقال من مسكنه.

الاخبار الجيدة!

الصورة عبر unsplash

ويشار إلى الدراسة السابقة على أنها اختراق علمي لسبب آخر مثير؛ فبالإضافة إلى إظهار شيب الشعر الناجم عن الإجهاد بشكل مباشر، تمكن المؤلفون أيضاً من إظهار أن انخفاض مستويات التوتر يمكن أن يعكس عملية الشيب!

ADVERTISEMENT

عند النظر إلى الشعر الموجود على فروة رأس رجل أبيض يبلغ من العمر 35 عاماً له شعر بني محمر، رأوا أن الشعر الرمادي يعود إلى لونه الأصلي. تزامن هذا الانعكاس مع شهر من أدنى مستويات الإجهاد التي صرّح عنها هذا الرجل: درجة 0 من 10. كان الرجل قد ذهب في إجازة لمدة أسبوعين قبل هذه الفترة مباشرة. وهذا دليل علمي على أننا نحتاج إلى الإجازات لنظلّ نشعر بالشباب ونبدو بمظهر شبابي!

كان العلماء قد اعتبروا في وقت سابق أن الشيب يحدث بسبب فقدان بعض البروتينات المسؤولة عن لون الشعر. ولكن الدراسة المذكورة كشفت أن التوتر يسبب زيادة في بعض البروتينات في جذع الشعرة التي تسبب الشيب. إن فكرة زيادة ونقصان هذه البروتينات، وليس وجودها وغيابها، قلبت الأفكار السابقة المقبولة في هذا المجال.

النتيجة

الصورة عبر unsplash

مع تقدمنا في السن، ستبدأ، بشكل طبيعي، خلايانا الكيراتينية والصباغية بالموت أو بالتوقف عن العمل، ما يتركنا في عالم من الثعالب الفضية والإلهات ذوات الشعر الرمادي. ولكن، إذا كنت تريد إبطاء هذا التحول الحتمي إلى اللون الأبيض، فإن تقليل التوتر هو إحدى الطرق للبقاء شاباً. وإذا لم ينجح ذلك، فقط خذ إجازة!

المزيد من المقالات