مهرجان أسوان السينمائي يكرم السينما المصرية وأم كلثوم

ADVERTISEMENT

تقع أسوان على ضفاف نهر النيل وتغرق في عظمة مصر القديمة، وها هي تعود مرة أخرى لتصبح مركزًا ثقافيًا للسينما الإقليمية والدولية مع الدورة التاسعة من مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة. لم يكن مهرجان هذا العام، الذي أقيم في مايو / أيار 2025، احتفالاً بإسهامات المرأة في السينما فحسب، بل كان أيضاً تكريماً عاطفياً وفنياً لأم كلثوم، المطربة المصرية الأسطورية والرمز الثقافي، وذلك بمناسبة مرور 50 عاماً على رحيلها.

من خلال أكثر من 70 فيلمًا من 34 دولة، وبرامج ثقافية نابضة بالحياة، وتكريمات قوية، ومشاركة اجتماعية، أكد المهرجان على رسالته في تسليط الضوء على الأصوات النسائية وتعزيز دور مصر كرائدة في السينما العربية والإفريقية.

الصورة بواسطة Valeriya Kobzar على pexels

السينما: الفن الراقي

مهرجان هادف:

ADVERTISEMENT

تأسس مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة بمهمة اجتماعية وثقافية واضحة: تعزيز المساواة بين الجنسين في السينما، وتمكين صانعات الأفلام، وتحدي القوالب النمطية على الشاشة وخارجها. ومع كل دورة، يتوسع المهرجان في نطاقه وطموحه، ويحظى بتقدير المجتمع السينمائي الدولي.

ركز المهرجان هذا العام على موضوع ”الإرث والقيادة“، مع تركيز مزدوج: من جهة للاحتفاء بمسيرة السينما المصرية على مدار قرن من الزمان، وتسليط الضوء على دورها التاريخي والمعاصر في تشكيل الهوية الثقافية العربية. ومن جهة ثانية لتكريم أم كلثوم، ”كوكب الشرق“، وإحدى أكثر المطربات تأثيراً في العالم العربي.

تكريم يليق بها:

هيمنت صورة أم كلثوم الأيقونية على الهوية البصرية للمهرجان وروحه من خلال ملصقات وتركيبات في جميع أنحاء أسوان. مزج ملصق المهرجان للفنان المصري هشام علي، وهو عبارة عن صورة منمقة للمغنية أم كلثوم، بين الحنين إلى الماضي والحداثة - وهو ما يرمز إلى هدف المهرجان المتمثل في تكريم التقاليد مع تشجيع الابتكار في الوقت نفسه.

ADVERTISEMENT
الصورة بواسطة Mmaradji على wikimedia

أم كلثوم في إحدى حفلاتها

وعلى الرغم من أن أم كلثوم اشتهرت بصوتها وموسيقاها الرائعة، إلا أنها ظهرت أيضًا في عدد من الأفلام خلال ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين. وغالباً ما صورت أدوارها نساءً قويات، وكانت مصدر إلهام لأجيال من الفنانات. كان حضورها في المهرجان أكثر من رمزي؛ فقد كان اعترافاً بدورها الرائد في التحرر الثقافي والفني للمرأة العربية.

المسابقات والعروض:

استضاف المهرجان عروضاً في فئات متعددة تنافسية وغير تنافسية:

- المسابقة الدولية للأفلام الطويلة

- مسابقة الأفلام القصيرة

- مسابقة الأفلام المؤثرة

- سينما الجنوب (تسليط الضوء على مواهب الجنوب الأفريقي والعالمي)

- مسابقة أفلام الاتحاد الأوروبي

- مسابقة أفلام ورشة أسوان النسائية

وفرت هذه الفئات منصات لصانعات الأفلام الصاعدات والمحترفات، مع أفلام تستكشف مواضيع مثل الهجرة والهوية والحرب والصمود والأسرة والعدالة.

ADVERTISEMENT

من أبرز الأفلام المشاركة:

- فيلم ”الطائر في المدخنة“ - فيلم وثائقي سويسري مؤثر يستكشف العدالة البيئية من خلال عدسة جنسانية.

- ”قمر“ - فيلم روائي تجريبي نمساوي عن الأمومة والصحة النفسية.

- ”ميلانو“ - وهو إنتاج بلجيكي هولندي مشترك يتناول الهجرة والصدمات النفسية للأجيال.

- أفلام الطلاب المصريين القصيرة التي تم إنتاجها من خلال ورشة عمل أسوان، والتي تقدم وجهات نظر جديدة من الجيل القادم من صانعي الأفلام.

التكريمات وضيوف الشرف:

كما كرّم المهرجان النساء اللاتي قدمن مساهمات استثنائية في السينما والثقافة.

ومن بين المكرمات الممثلة السورية كندة علوش التي اشتهرت في أدوارها بدفاعها عن حقوق المرأة، والممثلة المصرية لبلبة التي امتدت مسيرتها الفنية من نجومية الأطفال إلى العمق الدرامي، والمخرجة الوثائقية الهولندية إليزابيث فرانيي التي اشتهرت بتركيزها على النوع الاجتماعي والعدالة الاجتماعية.

ADVERTISEMENT
الصورة بواسطة Masry1973 على wikimedia

الممثلة كندة علوش

لم يقتصر دور هذه التكريمات على تسليط الضوء على الإنجازات الفردية فحسب، بل أيضاً لخلق حوار بين مختلف الأجيال والمدارس الفكرية في سينما المرأة.

البرامج الثقافية والعامة:

تتمثل إحدى السمات المميزة لمهرجان أسوان السينمائي الدولي للمرأة في اندماجه مع المجتمع المحلي. لم يكن مهرجان هذا العام مختلفاً عن سابقيه، حيث ضمّ:

الموسيقى والأداء:

- حفلات موسيقية حية تتضمن إعادة لكلاسيكيات أم كلثوم.

- عروض سيرك الشارع والموسيقى الشعبية المحلية وعروض رقص في الهواء الطلق في جميع أنحاء أسوان.

الحوارات والجلسات النقاشية:

- محادثات عامة حول ”المرأة ومستقبل السينما العربية“، بمشاركة صانعي أفلام وباحثين بارزين.

- مناقشات حول نظرية الأفلام النسوية وتحديات التمثيل وديناميكيات الصناعة في الشرق الأوسط.

ADVERTISEMENT

مشاركة الشباب:

- قامت ورشة أسوان لأفلام المرأة، بدعم من المجلس القومي للمرأة، بتدريب عشرات الشابات على إنتاج الأفلام والإخراج والمونتاج.

- وشاركت المدارس والجامعات المحلية في العروض وجلسات الأسئلة والأجوبة، ما ألهم الموجة التالية من رواة القصص.

الصورة بواسطة Armand على wikimedia

الفنانة لبلبة

الدعم المؤسسي والشراكات:

حظي المهرجان بدعم قوي من الهيئات الوطنية والدولية على حد سواء، ما يعكس مكانته المتنامية على الأجندة السينمائية العالمية:

- عمل الاتحاد الأوروبي كشريك استراتيجي.

- وتعاونت هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الفعاليات المتعلقة بتمكين المرأة.

- وقدمت وزارات الثقافة والسياحة والشباب المصرية الدعم اللوجستي والمالي.

- وقدمت مصر للطيران والفنادق في أسوان الضيافة لصانعي الأفلام ووسائل الإعلام الزائرة.

هذه الشراكات ليست مجرد شراكات لوجستية - فهي تعكس التزاماً مشتركاً بالدبلوماسية الثقافية والقوة الناعمة ودور الفن في التحول الاجتماعي.

ADVERTISEMENT

الخاتمة - إرث حي:

كان مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة 2025 أكثر من مجرد سلسلة من العروض والسجاد الأحمر - لقد كان بيانًا ثقافيًا قويًا. من خلال تكريم أم كلثوم، والاحتفاء بالسينما المصرية، ودعم صانعات الأفلام من جميع أنحاء العالم، وضع المهرجان نفسه كمساحة فريدة من نوعها يلتقي فيها الفن والتاريخ والعدالة بين الجنسين.

وبينما كان الجمهور يغادرون مع أصداء صوت أم كلثوم الخالد وصور الشخصيات النسائية الجريئة والمعقدة التي لا تزال تومض في أذهانهم، كانت هناك رسالة واحدة واضحة:

قصص النساء مهمة. السينما العربية تتطور. وأسوان في قلب هذا التطور.

أكثر المقالات

toTop