في قلب تونس، حيث تمتد أشجار الزيتون على مساحات شاسعة من الأراضي، تقوم شركة ناشئة رائدة بتحويل النفايات الزراعية إلى مصدر طاقة مستدامة. في ظل التوجه العالمي نحو الطاقة المتجددة والاقتصادات الدائرية، يقود المبتكرون التونسيون هذه الجهود من خلال تحويل مخلفات الزيتون - وهو منتج ثانوي لصناعة زيت الزيتون الضخمة في البلاد - إلى غاز حيوي ووقود حيوي، وهو مصدر ثمين للطاقة في بلد يعتمد بشدة على الوقود المستورد. في هذه المقالة نستكشف كيف تتصدى هذه الشركات الناشئة للتحديات البيئية، وتعزز الاستقلالية في مجال الطاقة، وتخلق نموذجًا للزراعة المستدامة في جميع أنحاء العالم.
تُعدّ تونس رابع أكبر منتج لزيت الزيتون في العالم، حيث تمثل حوالي 10% من الإنتاج العالمي. ويقدر المجلس الدولي للزيتون أن تونس ستكون ثالث أكبر منتج لزيت الزيتون في العالم في 2025، مع إنتاج متوقع يبلغ 340,000 طن.
وفي حين أن هذه الصناعة هي حجر الزاوية في الاقتصاد، إلا أنها تولد كميات هائلة من النفايات، منها:
ثفل الزيتون (النوى واللب المسحوق)
مياه الصرف الصحي من معاصر الزيتون (ملوثة للغاية)
أغصان أشجار الزيتون المشذبة (غالباً ما تُحرق مسببة تلوث الهواء)
عادةً ما يتم التخلص من هذه المنتجات الثانوية أو عدم الاستفادة منها بشكل كافٍ، ما يؤدي إلى:
تلوث التربة والمياه من مياه الصرف الصحي غير المعالجة.
انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن حرق النفايات العضوية.
فقدان الإمكانات الاقتصادية لمورد الكتلة الحيوية القيّمة.
طورت شركات تونسية رائدة حلًا مبتكرًا يقوم تحويل نفايات الزيتون إلى غاز حيوي ووقود حيوي من خلال الهضم اللاهوائي ومعالجة الكتلة الحيوية.
جمع مخلفات الزيتون - يجمع العمّال ثفل الزيتون والأغصان ومياه الصرف الصحي للمطاحن من المزارع المحلية.
الهضم اللاهوائي - تقوم الكائنات الحية الدقيقة بتكسير المواد العضوية في خزانات خالية من الأكسجين، وتنتج الغاز الحيوي الذي يتكوّن من 60-70% ميثان، ويستخدم للكهرباء والتدفئة، كما تنتج الهاضم، وهو سماد غني بالمغذيات للمزارع.
تكوير الكتلة الحيوية - تُضغط نفايات الزيتون في قوالب أسطوانية وتترك لتجف لمدة شهر تحت أشعة الشمس، قبل تعبئتها وبيعها كوقود حيوي للتدفئة الصناعية.
ويأمل مؤسّسو هذه الشركات بالحد من استخدام الحطب في الوقت الذي تواجه فيه البلاد مشكلة إزالة الغابات والتغير المناخي.
يقلل من التلوث الناتج عن إلقاء مخلفات الزيتون وحرقها: نظراً للإنتاج الكبير لزيت الزيتون في تونس، فإن النفايات الثانوية تشكل تحدياً وفرصة في نفس الوقت. فحوالي 600,000 طن من مخلفات الزيتون تُنتج سنويًا، وتسخير هذه النفايات يمكن أن يؤدي إلى حماية البيئة. ويشير أحد المزارعين الذين يستعملون المنتج الجديد إلى أنه، في السابق، كان يدفع مقابل التخلص من مخلفات الزيتون. أما الآن فهو يكسب منها (يقدّر خفض تكاليف التخلص من النفايات للمزارعين بنسبة 40%)، بينما يساعد البيئة. وأشاد صاحب محل بيتزا في ضواحي تونس العاصمة، بالقوالب لتقليل انبعاثات الدخان التي قال إنها كانت تزعج جيرانه في السابق. وأضاف: ”بالإضافة إلى أن هذه النفايات تحمل روح الزيتون التونسي وتعطي البيتزا نكهة خاصة.
توليد الطاقة المتجددة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري: يمكن أن يساعد أيضاً في تخفيف اعتماد تونس الكبير على الوقود المستورد. إذ تستورد البلاد أكثر من 60 في المائة من احتياجاتها من الطاقة، وهو اعتماد يزيد من عجز الميزان التجاري ويثقل كاهل الدعم الحكومي، وفقًا لتقرير البنك الدولي لعام 2023.
ويشيع نقص الوقود والغاز خلال فصل الشتاء، لا سيما في المحافظات الشمالية الغربية لتونس، حيث تكافح الأسر للتدفئة. ويمكن لإعادة توجيه النفايات الزراعية إلى مصادر طاقة بديلة أن تخفف من هذا العبء.
يخلق فرص عمل في المناطق الريفية التي ترتفع فيها نسبة البطالة، ويؤدّي إلى توليد الثروة.
ينتج الأسمدة العضوية، ما يحسن صحة التربة.
1. ارتفاع التكاليف الأولية:
الحل: تساعد المنح الحكومية والمبادرات الخضراء الممولة من الاتحاد الأوروبي في تعويض النفقات.
2. نقص الوعي:
الحل: حملات تثقيفية توضح للمزارعين الفوائد الاقتصادية.
3. الإنتاج الموسمي:
الحل: يضمن الجمع بين مخلفات الزيتون والنفايات العضوية الأخرى إنتاج الغاز الحيوي على مدار العام.
التداعيات العالمية والإمكانات المستقبلية:
يمكن تكرار النموذج التونسي في دول أخرى منتجة للزيتون مثل إسبانيا وإيطاليا واليونان. بالإضافة إلى ذلك، يمكن تطبيق أنظمة مماثلة لتحويل النفايات إلى طاقة في:
نفايات نخيل التمر (المتوفرة بكثرة في شمال إفريقيا والشرق الأوسط).
قشور البن وتفل قصب السكر (الشائعة في أمريكا اللاتينية وآسيا).
ومع توقع نمو الطلب العالمي على الوقود الحيوي بنسبة 7% سنوياً، فإن الشركات الناشئة مثل هذه الشركة وغيرها تضع نفسها كلاعبين رئيسيين في التحول إلى الطاقة الخضراء.
ما كان يُعتبر في السابق نفايات أصبح الآن يزود المنازل بالطاقة ويثري التربة ويقلل من انبعاثات الكربون - بفضل الإبداع التونسي. من خلال تحويل نفايات الزيتون إلى طاقة نظيفة، لا تعالج هذه الشركات الناشئة القضايا البيئية المحلية فحسب، بل تمهد الطريق لاقتصاد دائري عالمي. وفي الوقت الذي يبحث فيه العالم عن بدائل مستدامة للوقود الأحفوري، تثبت ثورة نفايات الزيتون في تونس أن أفضل الحلول تأتي أحيانًا من إعادة التفكير فيما نتخلص منه.
عالم رائع تحت السطح: تجربة الحاجز المرجاني العظيم
ياسمين
خلوات بحيرة جبال جورجيا: احتضان روعة السماء المرصعة بالنجوم
تسنيم علياء
دليل السفر إلى لوسيرن: نصائح لزيارة لا تُنسى إلى جوهرة سويسرا
حكيم مروى
الهروب الهادئ: العثور على السلام والاسترخاء في جبل فانجينغ
تسنيم علياء
سلسلة ألعاب تعلمك كيف تصبح يوتيوبر!
أحمد محمد
4 توابل وفوائدها لصحة جسمك وجمالك
نهى موسى
10 عادات للأشخاص الذين يصبحون أكثر جمالاً وثقة مع تقدم العمر
لينا عشماوي
دليل لإتقان فن كعكة موس البرتقال: نصائح وحيل
عائشة
إثيوبيا: رحلة عبر الزمن إلى أرض الحضارة والسحر
حكيم مرعشلي
جبال الأطلس في المغرب العربي: حاجز طبيعي يفصل بين الصحراء والبحر
حكيم مرعشلي