button icon
صورة الخلفيّة
button icon
بطاقات دُعاء
button icon
رمضان مبارك
button icon
بطاقة الإجابة

لماذا يفور الحليب عند الغليان بينما لا يفور الماء؟

ADVERTISEMENT

الحليب هو أحد المكونات الأساسية في العديد من الثقافات حول العالم، وهو موضع تقدير لتعدد استخداماته وقيمته الغذائية. ولكن من المرجح أن أي شخص قام بغلي الحليب قد واجه مشكلة شائعة في المطبخ: فوَران الحليب المفاجئ من القدر. غالبًا ما تبدو هذه الظاهرة غير متوقعة ومحبطة ومضيعة للوقت. لفهم سبب سلوك الحليب بهذه الطريقة فهمًا أفضل، نحتاج إلى فحص تركيبته، والعمليات الفيزيائية وراء سلوكه عند تسخينه، وهو ما تهدف إليه هذه المقالة.

تركيب الحليب:

الحليب ليس سائلًا بسيطًا؛ إنه مستحلب، وهو مزيج معقد من الماء والدهون والبروتينات والسكريات والمعادن. تشمل المكونات الأساسية للحليب:

1- الماء: حوالي 85-88٪ من الحليب هو ماء، ما يجعله أكبر مكون.

2- البروتينات: الكازين ومصل اللبن هما النوعان الرئيسان من البروتينات في الحليب. يشكل الكازين حوالي 80٪ من بروتين الحليب ويشكل ميسيلات معلقة في السائل.

3- الدهون: يحتوي الحليب على كريّات دهنية مستحلبة داخل السائل. ويختلف محتوى الدهون بحسب نوع الحليب (على سبيل المثال، كامل الدسم أو خالي الدسم أو كريم).

4- السكريات: اللاكتوز هو السكر الأساسي في الحليب، وهو الذي يساهم في حلاوته.

5- المعادن والفيتامينات: الكالسيوم والبوتاسيوم والفوسفور هي بعض المعادن الرئيسة في الحليب، إلى جانب الفيتامينات مثل أ و د.

ADVERTISEMENT

هذا التركيب المعقد هو ما يجعل الحليب مصدرًا غذائيًا قيمًا، ولكنه يفسر أيضًا سلوكه الفريد عند تسخينه.

تركيب الحليب: سكريات ودسم وبروتينات ومعادن، إضافة إلى الماء From wikimedia

ماذا يحدث عند تسخين الحليب؟

عندما يتعرض الحليب للحرارة، تحدث العديد من التغييرات الفيزيائية والكيميائية في وقت واحد. يؤدي تفاعل هذه التغييرات إلى تمهيد الطريق لفوَران أو فيضان الحليب. ولنحلل هذه العمليات.

1- التسخين وسلوك البروتين: مع تسخين الحليب، تبدأ البروتينات الموجودة فيه بالتحلل أو التفكك. تصبح بروتينات الكازين، على وجه الخصوص، أقل قابلية للذوبان وتبدأ بالتكتل. وهذا يخلق طبقة رقيقة من البروتين المتخثر على سطح الحليب، والتي نشير إليها عادةً باسم "القشرة".

2- تفاعل الدهون والماء: تظل الكريّات الدهنية في الحليب منتشرة في السائل عند درجة حرارة الغرفة. ولكن، مع ارتفاع درجة الحرارة، قد تبدأ هذه الكريّات أيضًا بالتفاعل مع البروتينات. وهذا يساهم في تكوين الطبقة السطحية.

3- تكوين البخار: يحتوي الحليب على كمية كبيرة من الماء، ومع تسخينه، يبدأ الماء بالتبخر، مكونًا البخار. في الظروف العادية، يغادر البخار سطح السائل، ولكن طبقة البروتينات والدهون المتكونة على السطح تحبس البخار تحتها.

ADVERTISEMENT

4- تراكم الضغط: مع تراكم المزيد والمزيد من البخار تحت الطبقة السطحية، يبدأ الضغط بالتراكم. تعمل الطبقة السطحية كغطاء، ما يمنع البخار من المغادرة بسهولة. ولكن بمجرد أن يصبح الضغط كبيرًا جدًا، فإنه يرفع الطبقة السطحية، ما يسمح للبخار بالهروب بسرعة. يتسبب هذا الإطلاق المفاجئ للضغط في تكوّن رغوة الحليب وتمدده.

5-نقطة الغليان والفوران: لا يغلي الحليب بالتساوي مثل الماء بسبب تركيبته غير المتجانسة. فبدلاً من الغليان بسلاسة، يميل الحليب إلى تكوين الرغوة. يدفع البخار المحبوس والرغوة المتمددة السائلَ إلى الأعلى، ما يؤدي إلى الفوران. هذا هو السبب في أن الحليب يبدو وكأنه يغلي فجأة وبشكل كبير.

فوران الحليب فجأة عند تسخينه From pixabay

لماذا يتصرف الحليب بشكل مختلف عن الماء:

يكمن الاختلاف الرئيس بين الحليب والماء في تركيبهما. الماء سائل بسيط يغلي بشكل موحد، ما يسمح للبخار بمغادرة سطح السائل بثبات عندما يصل إلى نقطة الغليان. على النقيض من ذلك، يخلق خليط الحليب من البروتينات والدهون والسكريات ظروفًا تعزز تكوين الرغوة. يلعب التوتر السطحي للحليب دورًا أيضًا؛ فالتوتر السطحي (ارتباط جزيئات السائل بعضها بالبعض الآخر) في الحليب أعلى من التوتر السطحي في الماء بسبب وجود البروتينات والدهون. وهذا يسمح بتكوين طبقة سطحية متماسكة تحبس البخار وتساهم في عملية الفوران.

ADVERTISEMENT

العوامل التي تؤثر على فوران الحليب:

هناك عدة عوامل يمكن أن تؤثر على سرعة فوران الحليب عند غليه.

1- محتوى الدهون: يميل الحليب الكامل، الذي يحتوي على نسبة دهون أعلى، إلى تكوين طبقة سطحية أكثر سمكًا، ما يجعله أكثر عرضة للفوران. قد لا يفيض الحليب منزوع الدسم، الذي يحتوي على نسبة دهون أقل، بشكل كبير.

2- درجة الحرارة: يؤدي تسخين الحليب بسرعة كبيرة إلى زيادة احتمالية الفوران، حيث يمنح البروتينات وقتًا أقل للتحلل والتفاعل تدريجيًا.

3- حجم وشكل القدر: يسمح القدر الضحل ذو مساحة السطح الواسعة بخروج المزيد من البخار، ما يقلل من احتمالية الفوران. وبالعكس، يمكن أن يؤدي القدر الضيق والعميق إلى تفاقم المشكلة.

4- التقليب: يمنع تقليب الحليب أثناء التسخين تكوين الطبقة السطحية ويسمح للبخار بالهروب بحرية أكبر.

كيفية منع الحليب من الفوران:

الآن بعد أن فهمنا سبب فوران الحليب، يمكننا استخدام عدة استراتيجيات لمنع هذا الحادث في المطبخ.

1- حرارة منخفضة: سخن الحليب ببطء على حرارة منخفضة أو متوسطة للسماح بتبخر أكثر تحكمًا للمياه ومنع تراكم الضغط السريع.

2- التقليب بشكل متكرر: يؤدي التقليب إلى تفتيت الطبقة السطحية ويسمح للبخار بالمغادرة، ما يقلل من احتمالية الفوران.

ADVERTISEMENT

3- استخدم قدرًا أكبر: استخدم قدرًا يوفر مساحة كافية لتمدد الحليب دون فورانه.

4- أضف طبقًا للحليب: يمكن إضافة طبق صغير نظيف إلى الحليب في القدر. يعمل هذا على تعطيل التوتر السطحي ومنع تكوين الرغوة.

5- راقب عن كثب: لا تترك الحليب أبدًا دون مراقبة أثناء الغليان. يمكن أن تنتقل العملية من الهدوء إلى الفوران في ثوانٍ.

يساعد تقليب الحليب ومراقبته في منع فورانه From wikimedia

يساعد تقليب الحليب ومراقبته في منع فورانه

https://commons.wikimedia.org/wiki/File:Milk_Boiling.jpg

الخاتمة:

يفور الحليب عند غليه بسبب تركيبته الفريدة والتغيرات الفيزيائية التي تحدث عند تسخينه. يساهم تكوين طبقة سطحية وتراكم ضغط البخار والطبيعة غير المتجانسة للحليب في هذه الظاهرة. من خلال فهم هذه العوامل، يمكننا منع الفوران وجعل عملية غلي الحليب أكثر قابلية للتنبؤ بها. في النهاية، تُعدّ هذه الظاهرة البسيطة في المطبخ شهادة على تعقيد العلم اليومي، وتذكيرًا بالتفاعل الرائع بين الفيزياء والكيمياء في الحياة اليومية.

المزيد من المقالات