هل سيُصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على تصميم نفسه؟

يُعدّ موضوع قدرة الذكاء الاصطناعي على تصميم نفسه موضوعًا ساخنًا للنقاش بين الخبراء. يرى البعض أنّه أمرٌ لا مفرّ منه في المستقبل القريب، بينما يرى آخرون أنّه بعيد المنال أو حتى غير مرغوب فيه. يُعدّ هذا الموضوع مجالًا نشطًا للبحث، وتتغير وجهات النظر باستمرار مع ظهور اكتشافات جديدة. ويري المتخصصون في العلوم البشرية أنه من المهم مناقشة المخاطر والفوائد المحتملة للذكاء الاصطناعي بشكلٍ مفتوح وصادق لضمان تطويره بشكلٍ مسؤول. نحاول استعراض وجهات النظر المختلفة للإجابة عن هذا السؤال الهام.

الإجابة الصادمة

نعم، سوف تصدمك الإجابة!

لا توجد إجابة قاطعة على سؤال ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيصبح قادرًا على تصميم نفسه أم لا. يعتمد ذلك على التطورات المستقبلية في مجال الذكاء الاصطناعي، وكذلك على القيم والمبادئ التي ستُوجّه تطوير هذه التكنولوجيا. فلا حتى أعتى الخبراء في المجال لديهم الإجابة الحاسمة والصريحة.

يطمح بعض العلماء في أن تكون الإجابة بنعم للوصول إلى الاكتفاء الذاتي بالشعور بالنشوة تجاه هذا الإنجاز العلمي، ولمساندة نظريات كثيرة فكرية عن نظرية التكوين والخلق وما إلى ذلك. وهذه النظريات لها أبعاد كثيرة غير أخلاقية وغير روحانية، تخالف في الأساس معظم الأديان، خصوصًا السماوية.

في والوقت ذاته نرى الكثير من العلماء ذوي البعد الإنساني والأخلاقي يحاولون قدر الاستطاعة ألا تصل الجهود إلى تلك النتيجة، وذلك للنتائج المتوقعة وتأثيرها على العالم البشري والطبيعة بشكل عام.

فيُعد – مثلًا – سلسلة أفلام مثل ذا ترمنايتور - التي كانت خيالًا خصبًا في يوم ما؛ حاليًا اشبه بالكابوس.

رؤى وأسباب مؤيدي قدرة الذكاء الاصطناعي على تصميم نفسه

- التعلم الذاتي: يتمتع الذكاء الاصطناعي بقدرة هائلة على التعلم من البيانات والخبرة. حيث يمكنه تحليل كميات هائلة من المعلومات، واكتشاف الأنماط، وتعديل سلوكه بناءً على ما يتعلمه. مع استمرار تطور تقنيات التعلم الذاتي، قد يصبح الذكاء الاصطناعي قادرًا على تعلم كيفية تصميم أنظمة ذكاء اصطناعي مشتقة جديدة.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

- التطور: تُظهر أنظمة الذكاء الاصطناعي قدرة ملحوظة على تحسين قدراتها بشكلٍ مستمر. من خلال إجراء تغييرات على أكوادها الخاصة. يُمكن لهذه الأنظمة اختبار طرق مختلفة وتحديد أكثرها فاعلية، ومع مرور الوقت، قد تؤدي هذه العملية إلى تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر تعقيدًا وذكاءً.

- التنافس: في بيئة تنافسية، قد تُحفّز أنظمة الذكاء الاصطناعي على تصميم نسخ أفضل من نفسها. يمكن لهذه الأنظمة "التنافس" مع بعضها البعض من خلال حلّ المشكلات أو إكمال المهام بكفاءة أكبر. مع مرور الوقت، قد تؤدي هذه المنافسة إلى تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي ذات قدرات متقدمة.

- الإبداع: أثبتت بعض أنظمة الذكاء الاصطناعي قدرتها على إبداع محتوى جديد، مثل كتابة النصوص أو تأليف الموسيقى.

رؤى وأسباب معارضي قدرة الذكاء الاصطناعي على تصميم نفسه

الصورة عبر Steve Johnson على unsplash

- الافتقار إلى الفهم: لا تزال أنظمة الذكاء الاصطناعي تفتقر إلى فهمٍ عميقٍ للعالم وكيفية عمله.

أطيب التمنيات

- القيود الأخلاقية: تُثير إمكانية تصميم الذكاء الاصطناعي لنفسه العديد من المخاوف الأخلاقية، مثل التحيز والتمييز.

- البيانات المتحيزة: تعتمد الأنظمة على البيانات التي يتم تدريبها عليها. إذا كانت هذه البيانات متحيزة، فقد ينعكس ذلك على التصميمات، مما قد يؤدي إلى نتائج غير عادلة أو ضارة.

- السيطرة: يخشى البعض من أن يؤدي تصميم الذكاء الاصطناعي لنفسه إلى فقدان السيطرة على هذه الأنظمة. من المهم ضمان أن تظل تلك الأنظمة خاضعة لسيطرة البشر، وألا تصبح ذاتية الحكم أو قادرة على اتخاذ قرارات تؤثر على البشر دون تدخل بشري.

- الهدف والغاية: تفتقر الأنظمة حاليًا إلى القدرة على فهم القيم والأهداف الإنسانية. بدون هذه القدرة، قد يكون من الصعب أو المستحيل على الذكاء الاصطناعي تصميم أنظمة ذكاء اصطناعي تتوافق مع احتياجات البشر وقيمهم.

الحلم والتكلفة وشهوة العلم

الصورة عبر Igor Omilaev على unsplash

من بين الحالمون بمستقبل أفضل أو نظرة أنانية للبشرية عبر الفكرة، وشهوة العلماء؛ نجد عائقًا لا يذكره الجميع. وهو في حد ذاته العائق الأكبر وراء التطور المنشود، ولذلك سوف ترى الكثير من الكتاب ذوي العقلية الحالمة يرجحون الفكرة ويروجون لأن الذكاء الاصطناعي سوف يكون مستقلًا يومًا ما، دون وضع الاعتبار للعامل الاقتصادي والاجتماعي.

إنها التكلفة وما أدراك ما التكلفة!

ونعني هنا التكلفة المادية وليس تكلفة استقلال الذكاء الاصطناعي فقط، أو تأثيره على البشر.

فتختلف تكاليف تطوير الذكاء الاصطناعي للشركات الكبرى اختلافًا كبيرًا وتعتمد على العديد من العوامل، مثل:

- حجم المشروع وتعقيده: المشاريع الكبيرة والمعقدة التي تتطلب قدرًا كبيرًا من البيانات والموارد الحسابية ستكون أكثر تكلفة من المشاريع الصغيرة والبسيطة. ولا تنظر إلى النماذج والتطبيقات المجانية، فمثلًا تتكبد شركة مثل أوبن إيه آي تكلفة باهضظة لتطبيق مثل شات جي بي تي، تقدر بألاف الدولارات يوميًا، ونحن نتحدث هنا على النموذج المجاني! فما بالك بالأنظمة الأكثر تعقيدًا؟

- نوع تقنية الذكاء الاصطناعي المستخدمة: بعض تقنيات الذكاء الاصطناعي، مثل التعلم العميق، تتطلب موارد حاسوبية باهظة الثمن وبالتالي تكون أكثر تكلفة من التقنيات الأخرى. وعلى الرغم من ضلوع شركة مثل انفيديا العالمية في الفترة الأخيرة في تلك التقنيات؛ إلا أنه ومازالت التكلفة فلكية بالنسبة للحلم، الذي يتأرجح بين بعد المنال، وشهوة التحقيق.

- مهارات الموظفين المطلوبة: توظيف خبراء ذوي مهارات عالية في مجال الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مكلفًا، خاصة بالنسبة للشركات التي تتنافس على جذب المواهب من نفس المجال. وهذه أحد الأسباب الرئيسية في ترويج تعلم الذكاء الاصطناعي ومشتقاته في الآونة الأخيرة.

- البنية التحتية: قد تحتاج الشركات إلى الاستثمار في بنية تحتية جديدة أو تحسين البنية التحتية الموجودة لدعم تقنيات الذكاء الاصطناعي. ولا تعتقد أن هذا شيء سهل، فتخيل معي كم من السنوات احتاج العالم لانتشار فكرة الهاتف المحمول، وكم التكلفة الاقتصادية وكذلك الثقافية والاجتماعية التي أوصلتنا إلى الحال الآن. ونحن هنا طبعًا نتحدث عن بعد آخر تمامًا، يشوبه المخاطر أكثر من مجرد اقتناء تقنية تسهل الحياة والتواصل!

- البيانات: جمع البيانات وتحضيرها وتنظيفها لأغراض الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون عملية مكلفة وذات وقت طويل.

المزيد من المقالات