لماذا تحتوي الأراضي العربية على الكثير من النفط؟
منذ بداية القرن العشرين وبالتحديد في عام 1908م حينما تم اكتشاف عن طريق الصدفة حقل نفط بداخل إقليم عربستان (الأحواز) على الحدود العراقية الإيرانية منذ ذلك الحين توالت الاكتشافات لحقول النفط في الأراضي العربية حتى أصبح للوطن العربي نصيب الأسد من إنتاج الوقود الأحفوري في العالم، حيث أن نسبة إنتاج الدول العربية للنفط تقارب 60% من إنتاج النفط في العالم كله. ولا يقف الأمر عند النفط فقط فللدول العربية نصيب لا يستهان به أيضا تعدى ال25% من انتاج الغاز الطبيعي في العالم. لكن يظل السؤال القائل "لماذا تحتوي الأراضي العربية على هذه الكمية من النفط وربما أكثر مما نعرفه أيضاً" لذا نحاول في هذه المقالة تسليط الضوء على أسباب وفرة النفط في بلادنا العربية دون غيرها من سائر دول العالم.
أنواع النفط المختلفة
يوجد الكثير من الأنواع التي من الممكن أن تكون لم تسمع عنها من قبل ومنها ما يسمى النفط غير التقليدي وهو واحد من أشكال وجود النفط تحت القشرة الأرضية في أماكن يصعب الوصول إليها وغالبا ما يتم ارتشاح النفط على سطح الأرض من هذه المناطق ويمتزج بالرمال فيصبح بما يعرف بالنفط الرملي (البيتومين) وهذا النوع موجود بشكل أكبر في احتياطي دول مثل كندا وفنزويلا وربما تكون طبيعتهم المناخية الباردة هي السبب في قدرة الأرض على الاحتفاظ به واختزانه.
على عكس الطبيعة المناخية للدول العربية التي تحتوي على نوع مختلف تماما من النفط وهو النفط التقليدي و تغطيها "صخور غطائية" تحمي النفط من التسرب للسطح وهو ما يحدث مع النفط غير التقليدي الذي يغير من طبيعته.
للنفط التقليدي أيضا أنواع مختلفة فليس له نوع أو لون أو سمك واحد بل يختلف باختلاف المكان الذي استخرج منه ومدى مسامية الصخور التي كان يختزن فيها بل وأيضا بطريقة استخراجه وتكراره ودرجة الحرارة والغليان التي يخضع لهم يؤثرون بشكل مباشر في لونه وطبيعته.
النفط في الوطن العربي
النفط الموجود في الخزانات والآبار الطبيعية في أراضي الدول العربية هي أبار نفط تقليدي خزاناته قريبة نسبيا من السطح وفي مكان مناسب لاستخراجه بسهولة من تحت الصخور الغطائية التي تحميه، وهذا ما يجعل من استخراجه وتكراره أمر سهل نسبيا مقارنة بأنواع أخرى صعب استخراجها بنفس نسبة النقاء التي يستخرج بها من الأراضي العربية، وهذا ما يجعل الأراضي العربية مميزة ولأنها أيضا تحتوي على أكبر الأبار من النفط التقليدي حيث أن حقل "الغوار" الموجود في المنطقة الشرقية بالتحديد في محافظة الأحساء في المملكة العربية السعودية هو أكبر حقل نفطي تقليدي في العالم ويمتد الحقل على طول 256 كلم وهو حجم كبير جدا لحقل نفط وهذا ما يجعله الأكبر في العالم بالإضافة إلى إنتاجيته اليومية التي تقدر 5 مليون برميل تقريبا .
يوجد أيضاً في المملكة العربية أكبر بئر نفط تحت سطح الماء وهو حقل "السفانية" الذي يبعد بما يقارب 250 كلم عن الظهران والذي سمي بهذا الاسم لقربه من مدينة السفانية الواقعة على حدود الخليج العربي، وانتاجيته تفوق ال1 مليار برميل يومياً.
يحتوي الوطن العربي على الكثير من الحقول النفطية الأخرى في دول غير المملكة العربية السعودية حيث أن العراق كانت من الدول الرائدة في اكتشاف النفط في أراضيها، وللدول العربية الأفريقية نصيب أيضا من تركة النفط هذه كما في الجمهورية الليبية على سبيل المثال لا الحصر.
يرجع توفر النفط بكميات كبيرة في دول الخليج العربي إلى كونها كانت في زمن ماضٍ أرضًا مليئة بالتنوع البيئي الحيواني والنباتي، وأدى اندثار تلك الكائنات إلى زيادة الكتلة الحيوية المدفونة داخل تلك الأراضي، ومع ارتفاع الضغط ودرجة الحراة وتفور العوامل المناسبة تكون النفط على مر آلاف السنين، تجولت تلك الكتلة الحيوية إلى نفط وعاز طبيعي بكميات هائلة.
النفط في الوطن العربي مع الاتجاه نحو الطاقة النظيفة
يهدد الاحتباس الحراري الكرة الأرضية وينتج عنه الكثير من التغيرات المناخية والطبيعة وهي تغيرات أصبح يلاحظها الفرد عن قرب ولهذا أصبح العالم يتخذ العديد من الإجراءات التي من شأنها تقليل نسب ارتفاع الاحتباس الحراري ومن ضمن تلك الإجراءات هو الاتجاه نحو استخدام الطاقة النظيفة ومصادر الوقود الصديقة للبيئة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمياه بدلا من الوقود الأحفوري مثل النفط والغاز الطبيعي والفحم وهذا ما يضع الدول العربية وأولها دول الخليج في موقف صعب خاصة في حين أن معظم دخلها مستند على إنتاج وتصدير النفط والغاز الطبيعي، فهل تقلل أو توقف الدول العربية من انتاجيتها له لحماية البيئة والأرض أم لا؟