من هم هؤلاء الناشطون البيئيون، وهل هم علماء بيئة؟

كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن النشاط البيئيّ والناشطين البيئيّين. وصار معتادًا أيضًا الخلط بينهم وبين علماء البيئة. تهدف هذه المقالة إلى توضيح الفرق بينهما، والتكامل الذي يمكن أن يلعبه كلاهما في تحسين بيئتنا.

النشاط البيئي:

يعرّف "النشاط البيئي" على أنه تصرفات الأفراد أو المجموعات التي تحمي البيئة أو تساعدها. والناشطون البيئيّون هم المشاركون في هذه الحركة، وهم الذين يحدّدون القضايا التي تهدد بقاء الكوكب، بدءًا من الاهتمامات المجتمعية وحتى الاهتمامات العالمية، ثم يقومون بوضع استراتيجيات لتعزيز الوعي أو إنتاج حلول تعالج المشكلة بشكل مباشر. هناك عدة طرق للقيام بذلك، بدءًا من الاستراتيجيات الشعبية المحلية وحتى الحملات الوطنية. في بعض الحالات، يمكن أن يشمل الدفاع عن البيئة أيضًا نشاطًا مهمًا آخر، كالعدالة الاجتماعية، أو نشاطًا فنيًا إبداعيًا. وبغضّ النظر عن كيفية القيام به، فإن هدف النشاط البيئي واضح: خلق بيئة معيشية متناغمة يمكن توريثها من جيل إلى جيل دون الخضوع للإدارة البشرية السيئة.

كيفية المشاركة في النشاط البيئي:

يمكن أن تكون الخطوة الأولى نحو الدفاع عن البيئة صغيرة وبسيطة، مثل القيام بمشروع تطوعي لزراعة الأشجار أو تنظيف التلوث على الشاطئ. يمكن أن يساعد ذلك الفرد على الشعور بالارتياح اتجاه النشاط وتحديد قضية بيئية معينة تشغله. وبعد ذلك قد يكونون مستعدين للانضمام إلى حركة أكبر أو الحصول على الإلهام لبناء الوعي بأنفسهم. إن العمل مع قادة المجتمع والسياسيين يمكّن الناس من استخدام أصواتهم للمشاركة في النشاط ويمكن أن يساعد في رسم صورة أوضح لدور الحكومة في حماية البيئة.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

لماذا يعد النشاط البيئي مهمًا؟

صورة من unsplash

من المهم إشراك جميع الناس في الدفاع عن البيئة، فالنشاط البيئي يحتاج إلى مشاركة جميع الفئات العمرية. يمكن للناشطين الصغار والكبار أن يعملوا معًا لتقريبنا من حماية الكوكب لتستمتع به الأجيال القادمة. مثلًا من الممكن أن يجذب النشاط البيئي قدراً كبيراً من الاهتمام إلى القضايا الجادة، ويحشد الآخرين لاستخدام أصواتهم وتصويتهم للتأثير على السياسيين. ويمكن للناشطين أيضًا المساعدة في صياغة التشريعات البيئية. وهذا النوع من النشاط يمكن أن يكون له أيضًا تأثير على مستوى الشركات. إن زيادة الوعي بالمخاوف البيئية قد يدفع الشركات إلى تطوير ممارسات أكثر استدامة، واعتماد استراتيجيات خضراء والمشاركة بشكل استباقي في المسؤولية الاجتماعية للشركات.

مشكلتان:

صورة من unsplash

هناك قلق بشأن تحول علماء البيئة إلى ناشطين بيئيّين؛ لأنه لا ينبغي للعلماء أن يكون لديهم اهتمامات مسبقة بنتائج دراساتهم. وكما هي الحال في أي حالة أكاديمية، فإن السعي إلى الموضوعية يجب أن يأخذ في الاعتبار أيضًا جميع جوانب أبحاث تغير المناخ العالمي. وعلى الرغم من أنه لا توجد مشكلة في اتخاذ الباحثين مواقف عامة بشأن قضايا البيئة، إلا أن هناك صراعات محتملة عندما يستخدم الباحثون المعلومات بشكل انتقائي أو يبالغون في إرجاع المشاكل إلى الاحتباس الحراري الناتج عن النشاط البشري، وبالتالي تسييس المناخ والتغير البيئي. ومن دون النقد الذاتي والتنوع في وجهات النظر، فإن العلماء سوف يلحقون الضرر في نهاية المطاف بمصداقية أبحاثهم، وربما يتسببون في رد فعل شعبي وسياسي واقتصادي أوسع نطاقًا.

من جهة أخرى، هناك قلق بشأن الناشطين البيئيّين الذين يتظاهرون بأنهم علماء، لأن هذا قد يكون شكلاً مضللاً من أشكال الاستغلال. في الواقع، يوجد خط رفيع بين استخدام العلم وإساءة استخدامه. وهناك أدلة على النقل الاستراتيجي والانتقائي للمعلومات العلمية من أجل العمل المناخي. غالبًا ما يتبنى الناشطون غير المتخصصين الحجج العلمية كمصدر للشرعية الأخلاقية لحركاتهم، والتي يمكن أن تكون جذرية ومدمرة وليست عقلانية وبناءة. ومع ذلك، فإن الإيمان غير المحدود بالمعرفة العلمية يمثل مشكلة، لأن العلم لا يحق له الحصول على الحقيقة المطلقة أو السلطة الأخلاقية. إن فكرة كون العلم تفسيريًا وليس استكشافيًا هي فكرة مبالغة ساذجة يمكن أن تغذي المجال المعقد لتغير المناخ العالمي ليصبح دينًا عقائديًا مصطنعًا لعامة الناس على نطاق أوسع. ومن غير العقلاني تمامًا أيضًا أن يطلب الناشطون "اتباع العلم" إذا لم يكن هناك اتجاه واحد. ومرة أخرى، حتى الحالات الواضحة مثل تغير المناخ العالمي الناجم عن أنشطة بشرية لا تبرر الانحراف عن المعايير العلمية الطويلة الأمد، التي ميزت العالم الأكاديمي عن المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

صورة من unsplash

إن الخلط المتزايد بين علوم البيئة والنشاط البيئيّ، حيث يتم اعتماد الرؤى العلمية لتعزيز المواقف المحددة مسبقًا، لا يخلق ارتباكًا بين السياسيين وأصحاب المصلحة والجمهور الأوسع فحسب، بل يقلل أيضًا من المصداقية الأكاديمية. والحدود غير الواضحة بين علم البيئة والنشاط البيئيّ تستطيع الإضرار بحركات حماية البيئة وحماية المناخ، فضلاً عن الموافقات الدولية التي تشتد الحاجة إليها لتحقيق النمو المستدام والتحول العالمي للطاقة. إذا أدى النشاط غير المقيد في مجال المناخ إلى حالة من الذعر أو اللامبالاة على نطاق واسع، فقد يعتقد الناس أن الوقت قد فات للعمل أو أن هذا الإجراء لا يهم. ويجب ألّا يُفهم هذا الانتقاد للدمج غير المنضبط لعلماء البيئة ونشطائها على أنه نقد عام للنشاط البيئيّ، ولكنها مجرد توصية بأن يظل العلم المحايد غير متحيز وأن يتجنب أي شكل من أشكال الاختيار. وينبغي لواضعي السياسات مواصلة البحث عن المعلومات الدقيقة والنظر فيها من مشهد إعلامي متزايد التعقيد يضم مصالح أكاديمية واقتصادية وعامة متداخلة.

المزيد من المقالات