وصلت فيها إلى إسطنبول كنت طفلاً. نشأت على ذكريات الكرز والبطيخ والآيس كريم وزيارات العائلة الصيفية. عشت في لندن، لكن تركيا بقيت جزءًا من هويتي دون أن أدرك. والدي وُلد في أضنة، وظل يأخذنا إليها كل صيف، ولا يزال يحلم بالتركية رغم أنه غادر البلد قبل أكثر من خمسين عامًا.
خلال السنوات القليلة الماضية، بدأت أبحث عن معنى صلتي بتركيا. في إسطنبول، التقيت جيلًا جديدًا من المبدعين المحليين يعيدون صياغة وجه المدينة، يمزجون بين الماضي والحاضر السريع. رغم التغييرات، تحتفظ إسطنبول بطابعها المتنوع، كما في إعادة فتح حمّام زيريك بعد إصلاح استمر ثلاثة عشر عامًا.
منذ 2017، مرّت إسطنبول بأوقات عصيبة: جائحة، انتخابات، زلزال دمر أجزاء منها. لكنها ردّت بمشاريع لافتة: مطار جديد، وميناء غلاطة حوّل الشاطئ النائم إلى نقطة حيوية. يُعاد تركيب الماضي بدقة، من الحمّامات إلى العمارة العثمانية، حتى المشاهد اليومية في بيبك وأرنافوتكوي.
الطعام والأقمشة يرويان قصة إسطنبول. مطاعم تقدّم أكلات عثمانية قديمة: كوسا محشي، كازانديبي. محلات في الفاتح أعادت إحياء تراث سوري. ظهر وعي جديد بالموروث، سواء عبر طبق فاتح سوري أو قطعة قماش عثماني معلقة على جدار مطعم.
عند المساء، يختلط القديم بالجديد. في فندق بيبك ومطاعم شبه الجزيرة، تطل إسطنبول على هويتها المتعددة، تربط أحياءها بقوارب أجرة، والأذان يعلو فوق صخب الحياة العصرية. المدينة تتغير دومًا، لكنها لا تنسى هويتها.