تأثير الواقع الافتراضي على المجتمعات والأشخاص حول العالم

هناك تخوف كبير من تأثير عالم الواقع الافتراضي على جودة التواصل الحسي بين البشر في المستقبل القريب، وذلك بسبب التطور التكنولوجي الكبير الذي صاحب أجهزة الواقع الافتراضي، خصوصًا في مجال الألعاب ومواقع التواصل الاجتماعي، حيث هناك أجهزة متنوعة مثل، جهاز Oculus Quest2 والتي أصدرته شركة ميتا المالكة لموقع فيسبوك وواتس أب وانستغرام وغيرهم من مواقع التواصل الاجتماعي الهامة جدًا. أيضًا في مجال الألعاب هناك أجهزة مثل Sony PlayStation VR والذي يقدم جودة عالية جدًا في مجال الألعاب التي تعتمد على الانغماس في الواقع الافتراضي. ويبقى السؤال الهام بين أذهاننا على هذه الأجهزة خطر علينا أو على أولادنا، أم أنها مجرد أجهزة تسهل علينا عملية التواصل في المستقبل ليس إلا، وهنا في هذا المقال سنتعرف على الإجابة الصادقة، المبنية على أحدث الدراسات التي تخص هذا السؤال.

تأثير الواقع الافتراضي على البشر في المستقبل القريب

إذا رأيت شخص يرتدي نظارة كبيرة ويمشي في مكانه ويحرك يده بطريقة مضحكة فهو لا يفعل ذلك كي يضحكك، لكنه يعيش عالم يراه حقيقيًا عن طريق هذه النظارة، ويسمع أصوات تجعل عقله يساعد على تصديق الصورة التي تراها عينة عن طريق سماعات مدمجة في نظارة الواقع الافتراضي. في المستقبل القريب سوف تنتشر هذه النظارات بصورة أكبر، فيا ترى هل تأثيرها إيجابي أم سلبي؟ والإجابة هي أنها تمتلك تأثير سلبي وإيجابي معًا، والقادر على تحديد اتجاه هذا التأثير هو الشخص المستخدم لهذه النظارات. لذلك دعونا نأخذكم في جولة عن أهم مميزات وسلبيات نظارات الواقع الافتراضي ومدى تأثيرها على البشر.

تأثير الواقع الافتراضي الإيجابي على البشر

هناك تأثير إيجابي كبير في الأوساط التكنولوجية لأجهزة الواقع الافتراضي، حيث تغير الكثير من شكل الحياة، وتنظيم الوقت بالنسبة للكثير من الأشخاص بناء على استخدام هذه الأجهزة الحديثة، ويمكن أن نرى بعض من هذه الإيجابيات في النقاط التالية:

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

تطور الجانب البدني والرياضي

هناك دراسات أظهرت أن استخدام نظارات الواقع الافتراضي أثناء الجري على أجهزة الجري المتخصصة تشجع الكثير من الأشخاص لممارسة الرياضة، وذلك لأنهم يعلمون أنهم لن يضطرون للذهاب إلى مركز لياقة بدنية، أو يخرجون في البرد القارس، بل مجرد ارتداء النظارة وتشغيل آلة الجري يكفي لهؤلاء الأشخاص، وذلك لأن النظارة تسمح لهم برؤية واقع افتراضي كأنهم يركضون في مناطق خضراء ومروج، في حين أنهم في الواقع داخل منازلهم.

أيضًا لعشاق حضور المباريات من الملاعب، قامت بعض النوادي بتخصيص نظارات بتقنية 360 درجة تسمح للمشجعين بالحصول على رؤية تحاكي الحضور من الملعب تمامًا وبصورة مباشرة، وهذا الأمر ساعد عشاق الرياضة من كبار السن الغير قادرين على الحركة من التمكن من حضور مباريات فرقهم عن طريق الواقع الافتراضي.

الهندسة والتصاميم المعمارية

بفضل الواقع الافتراضي أصبحت من الممكن للمهندسين أن يختبروا تصاميمهم بصورة افتراضية عن طريق الواقع الافتراضي، دون اللجوء إلى عمل تصميم مُصغر. أيضًا العملاء أنفسهم أصبحوا قادرين على رؤية شكل الوحدة السكنية التي سوف يشترونها، عن طريق نظارات الواقع الافتراضي. تستخدم شركات التصميم حاليًا عدة تصميمات لنفس الوحدة السكنية، ولكنها لا تقوم بعمل هذه التصميمات على أرض الواقع بل عن طريق الواقع الافتراضي ليرتدي العملاء النظارات ويرون كل التفاصيل كأنها حقيقية وليس ذلك فقط، بل يصل الأمر لتغيير الألوان والتصاميم الداخلية بصورة فورية عن طريق ضغطة زر.

تطور الألعاب والمحتوى الترفيهي

أصبحت الكثير من الألعاب حاليًا تعتمد على نظارات الواقع الافتراضي، والميزة هنا هي أن اللاعب يكون له إمكانية الرؤية بتقنية 360 درجة، وهذا يعزل اللاعب تمامًا عن العالم الواقعي، ويجعله يعيش تجربة افتراضية توازي التجربة الحقيقية، حيث يشعر اللاعبون بالإثارة بشكل أكبر، ومستوى التنافس.

سلبيات الواقع الافتراضي

صورة من unsplash

مثلما تحدثنا عن المميزات الخاصة بتقنية الواقع الافتراضي فيجب أن نكون أمناء مع إظهار الجانب الأخر منه، ومدى التأثير السلبي الذي تؤثر به هذه التقنية على البشر، خصوصًا الأطفال.

زيادة نسبة الانفصال المجتمعي

حسب العديد من الدراسات المجتمعية التي أجريت على الأطفال الذين يستخدمون نظارات ال VR فهم يتأثرون بشكل مباشر بهذه النظارات من حيث التكوين البصري، والخيال، والاحلام. وهذا الأمر يؤثر على الأطفال على مدار الوقت، وبدل أن يتكون وعي الطفل بصورة طبيعية لأن يتوجه ناحية التعرف على أشخاص جدد، فهو يرغب في التعرف على أشخاص في العالم الافتراضي، وكلما قضى وقت أكثر في هذا العالم، وهذه الألعاب زاد شعور هذا الطفل بالانفصال عن الواقع، وهذا الأمر يحرم الأطفال من التعرف على الكثير من الخبرات الطبيعية على مدار السنوات.

التأثير الصحي والجسدي السيء

بجانب الشعور بالانفصال عن المجتمع، نظارات الواقع الافتراضي لها تأثير جسدي سيء. هذه النظارات ليست شفافة بل هي عبارة عن شاشات صغيرة بتقنية 360 درجة، وتكون قريبة جدًا من العين. هذه الشاشات تصدر أشعة ضوئية قوية تؤثر سلبًا على العين، وتجعلها جافة جدًا، وهذا الأمر يصاحبه الصداع ليكون ملازم لمستخدمي هذه النظارات، أيضًا بالنسبة للأشخاص الذين يستخدمونها في وضع حركة فهم يعانون أحيانًا من غثيان أو قيء، لأنهم يخدعون العقل أنهم يتحركون حركة شديدة أو يقعون أو يسقطون في حين انهم لا يتحركون هذه الحركات في الحقيقة، وهذا الأمر يجعل مخ الإنسان مشوش مع الشعور بغثيان وصداع وقيء أحيانًا كنوع من ردة الفعل الدفاعية للمخ.

قلة المرونة في التعامل

مستخدمي الواقع الافتراضي بكثرة يغيب عنهم عنصر المرونة في العالم الواقعي، وذلك لأنهم من كثرة انغماسهم في الواقع الافتراضي بالساعات بصورة يومية، تبدأ عقولهم بالشعور أن هذا الواقع الافتراضي هو الحقيقي، والواقع الحقيقي هو الافتراضي، لذلك يبدأوا في التعامل مع المحيط من حولهم بصورة غير مرنة، يصبحون أكثر انطوائية، يبتعدون عن التجمعات، لا يظهرون أفكارهم أو مشاعرهم بسهولة.

صورة من unsplash

الواقع الافتراضي أصبح ليس افتراضيًا بل واقعًا ملموسًا، وأصبح من الطبيعي أن تمشي في الشوارع وترى شخص يرتدي نظارة من شركة أبل أو شركة ميتا ويشير بيده في الهواء إشارات غير مفهومة، هذه المشاهد حقيقية، وستزداد مع مرور الوقت، ولكن الشيء الهام والواجب معرفته هو أن نظارات الواقع الافتراضي وأن عالم الواقع الافتراضي ليس سيئًا بشكل كامل وليس مفيدًا بشكل كامل، ولكن الشخص نفسه عن طريق استخدامه لهذه التقنية هو الذي سيحدد تأثيرها الإيجابي أو السلبي عليه.

المزيد من المقالات