البقاء على قيد الحياة في الخلاء: الطرق القصوى التي يحصل بها رواد الفضاء على مياه الشرب في الفضاء

عندما يتعلق الأمر بنقل الأشياء إلى الفضاء، فإن رواد الفضاء وفرق التحكّم في الرحلة-الإرساليّة الخاصة بهم هم من أكثر عمّال التعبئة كفاءة في العالم. في الواقع، يجب أن يكونوا كذلك، لأن حمْلَ الأشياء إلى الفضاء مُكلِف للغاية. حتى أصغر الأشياء يجب تسجيلها وتوثيقها وحسابها قبل أخذها في رحلة إلى الفضاء.

هل يمكنك تخمين ما هو أهمّ شيءٍ يُسمَح لك بحمله، وهو ثقيلٌ بشكلٍ كبير؟

إذن، هل يحمل رواد الفضاء كلَّ المياه التي يحتاجونها للبقاء في الفضاء لبضعة أشهر؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فكيف يمكن لرواد الفضاء الحصول على مياه الشرب في الفضاء؟

لماذا لا يُرسلون خزاناتِ مياهٍ إلى الفضاء؟

أبعد مكانٍ من الأرض عاشه البشر على الإطلاق -وما زالوا يعيشونه- هو سفينة فضائية تسمى "محطة الفضاء الدولية" أو ببساطة "آي إس إس ISS". إنها في الأساس مُختبرٌ يدور حول كوكبنا ويستضيف دائمًا عددًا قليلاً من رواد الفضاء الذين يقضون وقتًا هناك للبحث أو لأغراض تشغيلية أخرى.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

كما ذكرنا سابقًا، فإن إرسال الأشياء إلى الفضاء أمر مكلفٌ للغاية. ضع في اعتبارك أن إطلاق صاروخ SpaceX (أحد ابتكارات إيلون ماسك Elon Musk الخاصة القابلة لإعادة الاستخدام) يُكلِّف أكثر من 1800 دولار للرطل الواحد!

ولذلك، فإن نقل المياه من وإلى الأرض غير عملي من الناحية المالية، لذا من أجل التعامل مع "مشاكل المياه" على متن سفينة الفضاء (في هذه الحالة، محطة الفضاء الدولية)، هناك بعض التقنيات والأساليب المبتكرة المعمول بها بالفعل. ومع ذلك، إذا كنتَ تشعر بالغثبان بسهولة، فإن نصيحتي هي أن تتعامل بحذر خلال الفقرة التالية.

الطريقة التي يصنعون بها المياه الصالحة للشرب على محطة الفضاء الدولية

الصورة عبر Pexels على pixabay

ماذا يفعل المرء عندما تكون هناك كمية ثابتة من المياه متوفرة على متن السفينة ولا توجد عملياً وسيلة لتجديد إمداداتها؟

نعم! هذا بالضبط ما يفعله روّاد الفضاء. إذا كنت تعيش في محطة الفضاء الدولية، فسوف تفقد كمية معينة من الماء في كل مرة تقوم فيها بالزفير أو التعرق. قد لا يمثِّل النفسُ الواحد أو قطرةُ العرق الواحدة مقداراً ملموساً من حيث تجديد إمدادات المياه، لكن محطةَ الفضاء الدولية مُصمَّمة لدعم طاقم مكون من ستة أشخاص (بالإضافة إلى الزوار)، والجميع يتعرقون ويزفرون. تُساعد الأبخرةُ الناتجة عن عمليات الزفير والتعرق هذه في الحفاظ على رطوبة المقصورة المحيطة، ويتمّ تكثيفُها في النهاية واستخدامُها لتجديد إمدادات المياه العامة لمحطة الفضاء الدولية.

تمتلك محطة الفضاء الدولية منظومةً معقّدةً لإدارة المياه تستخرج كلَّ قطرة مياه يمكن الوصول إليها، سواء أكانت تأتي من أنفاس الناس، أم من مياه الاستحمام المُعاد تدويرها، أو من بقايا غسل اليدين ونظافة الفم، أو من عرق رواد الفضاء وحتى البول! طعمُها مثلُ المياه المعبأة، طالما يمكنك من الناحية النفسية تجاوزُ النقطة التي يكون فيها ما تشربُه دون التحقّق منه هو حقيقةً بولٌ معادٌ تدويره ونتاجُ تكثيفٍ.

وحتى الحيوانات الموجودة على متن محطة الفضاء الدولية لها دورها في كل هذا، إذ أنه تقوم بالزفير والتبول، ممّا يساهم أيضًا في... حسنًا، لقد فهمت الفكرة، أليس كذلك؟

يُعَد هذا الحِفاظ الصارمُ على المياه أمرًا بالغ الأهمية على متن محطة الفضاء الدولية، لأنه بدونه، سيتطلّب الأمرُ 40 ألف رطل من المياه المنقولة من الأرض لدعم أربعةٍ من أفراد الطاقم فقط لمدّة عام واحد على متن محطة الفضاء الدولية.

وغني عن القول أن المياه التي يتم الحصول عليها بعد هذه المعالجة المكثفة هي مياه نقية تمامًا؛ في الواقع، إنها أنقى من ماء الصنبور الذي نشربه هنا على الأرض!

إذن "المياه المعاد تدويرها" هي كل المياه الموجودة على متن محطة الفضاء الدولية؟

الصورة عبر The New York Public Library على unsplash

لا، هذا لن يكون منطقيًا، لأنه حتى لإعادة تدوير المياه، يجب أن تكون هناك كمية معينة من المياه للبدء بها.

تحتوي الوحدةُ الروسية "زاريا" الموجودة في محطة الفضاء الدولية على بعض حاوياتِ المياه الطارئة (المعروفة باسم "CWCs" بلغة رواد الفضاء) والتي تمّ إحضارها إلى المكوك أثناء مهام التجميع. تحتوي كل وحدة CWC على حوالي 90 رطلاً من الماء وتبدو وكأنها حقيبةُ واقٍ من المطر.

علاوةً على ذلك، لا يشرب جميعُ رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية المياهَ المعاد تدويرها والتي تحتوي على البول المعاد تدويره. يستخدم قسمُ محطة الفضاء الدولية الذي تديره روسيا منظومةً مختلفً لتنقية المياه تستخدم فقط المياهَ الناتجة عن الفائض في مياه الدش وعن نتاج التكاثف. ومن خلال تجنّب المياه المعاد تدويرها من البول، يكسب الروسُ أقلَّ قليلاً مما يجنيه نظراؤهم الأمريكيون (3.6 جالون) في محطة الفضاء الدولية.

لا شك أن جميع النظم الحالية لإعادة الاستخدام وإعادة التدوير فعالة، ولكنها ليست فعالة بشكل مطلق. يحاول الباحثون باستمرار بناء آلات وأنظمة دعم أفضل وأكثر كفاءة لتقليل فقدان المياه واكتشاف طرق أخرى للاستفادة من المياه من منتجات النفايات.

ليس هناك من ينكر أنه إذا كنت أحد الأشخاص على متن محطة الفضاء الدولية، فلن يكون هناك الكثير من الأشخاص الذين هم أكثر حماسًا منك للحفاظ على المياه!

المزيد من المقالات