اكتشف المستحيل: تحويل الصحاري إلى غابات كثيفة – حلم أم حقيقة؟

إذا سبق لك أن رأيت صحراء وفكّرت: "هل من الممكن تحويل هذه المساحات الشاسعة من الرمال إلى مساحات خضراء مورقة؟"، فهذا هو المقال المناسب لك.

هناك حركة تسمى تخضير الصحراء تهدف إلى القيام بذلك.

في الواقع، إن العديدَ من مشاريع تخضير الصحراء الضخمة في أفريقيا والشرق الأوسط والصين جارٍ بالفعل على قدم وساق.

ما هو تخضير الصحراء؟

إن تعبيرَ تخضيرِ الصحراء يعني بالضبط ما ينصّ عليه حرفيّاً – عملية تحويل الصحاري إلى غابات مورقة. ولا يقتصر هذا على الصحارى ذات البحار الشاسعة التي لا نهاية لها من الكثبان الرملية المتغيرة فحسب، بل يتم أيضًا تضمين الأراضي شبه القاحلة في تخضير الصحراء.

entry-icon
entry-icon
entry-icon
entry-icon

الهدف من هذه العملية هو استصلاح أجزاء من الأراضي الصحراوية، وجعلها خصبة، واستخدامها للزراعة والحراجة ولأسباب بيئية أخرى، مثل منع تآكل التربة وتعزيز التنوع البيولوجي.

من خلال تحويل مساحات من الصحراء إلى غابات، يأمل بعض الخبراء في المساعدة في مكافحة تغيّر المناخ وحماية المناطق من أعراضه (مثل الجفاف والمجاعة).

مشروع غابة الصحراء الكبرى

الصورة عبر Andrés Sanz على unsplash

على سبيل المثال، يجري تنفيذُ مشروعٍ ضخمٍ لتخضير الصحراء الكبرى في منطقة الساحل Sahel وإريتريا. ويأمل هذا المشروع، المسمى مشروع غابة الصحراء الكبرى، في منع الظروف المشابهة للجفاف الناجمة عن تأثير الصحراء الكبرى. ولن يؤديَ هذا إلى إنقاذ الأرواح وتعزيز اقتصادات البلدان المعنيّة فحسب، بل سيساعد أيضًا في مكافحة آثار تغيّر المناخ في المنطقة.

الطرق المستخدمة لتخضير الصحراء

الصورة عبر susannp4 على pixabay

إذن، كيف يمكن للمرء أن يبدأ بتحويل الصحراء إلى غابة؟ حسنًا، وبالطبع، يمكنه ذلك مع القليل من البذور والكثير من الماء.

ربما تكون المياه هي الجانب الأكثر أهمية في "تخضير" الصحراء، ولكن كما يمكنك أن تتخيل، فإن المياه ليست المورد الأكثر توفّرًا بسهولة، خاصة في المنطقة الصحراوية.

وعادة ما يستخدم الناسُ مجموعةً من الأساليب، مثل الري والمياه الجوفية والمياه المُمتصّة بالرمال ومياه الأمطار والمياه المستخرَجة من الهواء (بتكثيف الهواء الرطب). ومن ناحية أخرى، كانت هناك أيضًا محاولات لتقليل كمية المياه اللازمة بشكل كبير، وقد أدّى ذلك إلى ظهور تقنياتٍ مثل المواد الخاصة التي تحتفظ بالمياه (مثل بعض الراتنجات) وتقنيات التكثيف.

وفي مدينة ورزازات المغربية، تقوم الحكومة بتحويل مياه الصرف الصحي إلى مياه صالحة للاستخدام في الري، مما يساعد على "تخضير" الأراضي الجافة في المنطقة.

مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح

الصورة عبر Pexels على pixabay

يستخدِم مشروعُ غابة الصحراء الكبرى الألواحَ الشمسية وتوربينات (عنفات) الرياح للمساعدة في حلّ مشاكل المياه.

وقد أظهرت الأبحاثُ واسعةُ النطاق في مجال الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أن مثل هذه الاستراتيجيات يمكن أن تغيّرَ بشكل كبير الظروف المناخية حول تلك المزارع. يمكن لهذه المزارع أن تزيد من الحرارة والرطوبة في المناطق المجاورة لها، وهما عاملان حاسمان لنمو النباتات.

ومن الممكن أن تؤدي مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح أيضا إلى زيادة هطول الأمطار، كما رأينا في منطقة الساحل (منطقة في أفريقيا على الحدود مع المنطقة الجنوبية من الصحراء الكبرى)، وهذا يسمح بدورةٍ ذاتيةِ الاستدامة. يتمّ استخدام الأمطار من قبل النباتات، والنباتات تَرشَح وتَنتَح، الأمر الذي سيؤدي إلى المزيد من هطول الأمطار.

والشرط الآخر لتحويل الصحراء إلى غابة هو التربة الخصبة.

الرمال غير المتماسكة ليست مناسبة للنباتات، حيث أنها تحتوي على القليل أو لا شيء من الماء، كما أنها لا تحتوي على ما يكفي من المواد العضوية لتسهيل نمو النباتات. إن تحويل الأراضي الصحراوية القاحلة إلى تربة قادرة على دعم الحياة يُشكِّل تحدّيًاً.

إضافة الكربون البيروجيني

الصورة عبر harpenz على pixabay

إحدى الطرق لجعل التربة الصحراوية خصبةً هي إضافة الكربون البيروجيني. الكربون البيروجيني ليس سوى نتاج مادة عضوية مُحترقة بشكل غير كامل. تشمل أمثلةُ الكربون البيروجيني الفحمَ والكربون الأسود والسخام (سواد الدّخان). أظهرت الأبحاث الحديثة أن إضافة مصادر الكربون البيروجيني هي وسيلة لتجديد التربة المتدهورة والعقم، وإعادتها إلى الخصوبة.

إلى جانب إضافة الكربون البيروجيني، فإن تثبيتَ رقم الـ pH وكميّة الطين في التربة وإزالةَ التلوث من التربة يمكن أن يؤدّيا جميعاً إلى جعل التربة أكثر خصوبة.

والآن، في هذه التربة الخصبة، أصبحت النباتات جاهزة للنمو.

النباتات المستخدمة في مشاريع تخضير الصحراء غالباً ما تكون تلك النباتات التي تحبّ الملح. وهذا يعني أن هذه النباتات يمكن أن تنمو في ظروفٍ ذاتِ تركيزات عالية من الملح في الماء.

إذا تم استخدام الأرض للزراعة، فمن المهم استخدامُ الممارسات الزراعية المُستدامة. إن تناوبَ المحاصيل، والزراعة المستدامة، والزراعة المائية، وما إلى ذلك، كلها عوامل أساسية للحفاظ على التربةِ قابلةً للحياة على المدى الطويل. بالإضافة إلى الممارسات الزراعية، يمكن للمناظر الطبيعية الذكية أن تُقلِّل أو تمنع تآكل التربة بشكل كبير، مما يسمح للتربة السطحية الخصبة بالبقاء في مكانها.

المزيد من المقالات