لماذا يكون الأغنياء في الولايات المتحدة أكثر عرضة لأن يسرقوا أثناء الدفع الذاتي.
يشير الخبراء إلى أن "السرقة من المتاجر ليست سوى قضية سطحية. إذ غالبًا ما تكون في العمق طبقاتٌ مخفية من الحزن الذي لم يتم حلُّه، ومن صدمات الماضي، ومن الإساءات، ومن الذكريات المدفونة". لا ترتبط هذه الجروح النفسية دائمًا بأحداث بعيدة، ويمكن أن تكون الاضطرابات الحياتية الأخيرة مثل الطلاق أو الإفلاس أو وفاة أحد أفراد الأسرة في بعض الأحيان حافزًا لحادثة سرقة من متجر ما. وجاء في التقرير: "بالنسبة لهؤلاء الأفراد، تتحول السرقة إلى شكل من أشكال العلاج الذاتي. وتصبح آليّةَ التكيّف التي اختاروها".
يطلق علماءُ النفس تسميةً على هذا السلوك غير القادر على التكيّف: السرقة غير المنطقية من المتاجر، أو السرقة التي لا يبدو أنها مدفوعة بالحاجة أو الرغبة. عندما يظهر خبر سرقة من قبل أحد المشاهير في ملفات الأخبار، غالبًا ما يتمّ طرح الاكتئاب والصدمات النفسية والضغوطات كمُحفِّزات ومع ذلك، لا يعتقد الجميع أن السرقةَ غيرَ المنطقية من المتاجر هي مجرّد غطاء لأمور أخرى أو إنها آليّةٌ للتكيف.
"لماذا تشتريه إذا كان بإمكانك سرقته؟" يقتنع البعض بجشع الأثرياء، ويستخف بكل المعطيات للتبرئة: "هناك دائمًا محاولةٌ لنسب الإجرام إلى ظروف خارجة عن الفرد أو إلى إعاقة نفسية. إنها "صرخةُ طلب المساعدة" بشكلٍ لا واعٍ، أو أن الشخص يسعى إلى العقاب النفسي. هذه النظريات قديمة ومستهلكة".
هناك احتمال كبير أنك تعرف شخصًا لديه ما يكفي من المال لشراء السلعة، ثم تجده وقد أخذها فقط من أجل الإثارة، من أجل أن يتفوق على المؤسسة التقليديّة. كان هذا كلّه يتعلق بالإثارة وبناء القيمة الذاتية المُضَلَّلة للفرد.
يغوص حقلُ التراتبيّات الاجتماعيّة في علم النفس في أعماق كيفية تأثير الثروة والسلطة والامتياز على السلوك والتفاعلات الاجتماعية. فتُظهِر الأبحاثُ في هذا المجال باستمرار أنماطًا مثيرة للاهتمام : فالأفراد ذوو الثروة والمكانة الأعلى غالبًا ما يُظهرون سلوكيّاتٍ غيرَ أخلاقية، بما في ذلك ميل أكبر للغش والسرقة، مقارنة بأولئك الفقراء.
تُظهر التجارب المعروفة أن سائقي السيارات الفاخرة كانوا أقلَّ امتثالا للقواعد عند التقاطع المزدحم مقارنة بسائقي السيارات الأرخص أو القديمة. و"تجربة الحلوى" التي أجرتها مجموعة من الباحثين من جامعة ميشيغان، لاحظت أن الأثرياء يأخذون ضعف كمية الحلوى من الجرة المخصصة للأطفال مقارنة بالأشخاص ذوي الثروة الأقل.
تشير نظريةٌ أخرى مثيرة للقلق تفسِّر السلوكيات المختلفة بين مجموعات الدخل إلى أن الأشخاص ذوي الدخل المنخفض أقلّ عرضة للغش والسرقة لأنهم أكثر اهتماما بمجتمعاتهم ويخشون التعرض للإذلال العلني.
وتشير الدراسات في علم النفس الاجتماعي إلى أن الأشخاص ذوي الدخل المنخفض غالبًا ما تكون لديهم شبكات مجتمعية محليّة أقوى. ويمكن لهذه الشبكات أن تعزز الشعور بالانتماء والمساءلة، ممّا يُثبِّط السلوكَ الذي يمكن أن يضرّ المجتمع أو يضر بسمعة الفرد داخله.
إن وجود روابط مجتمعية قوية يمكن أن يقلّل بالفعل من احتمالية السرقة وغيرها من السلوكيات غير الأخلاقية. وغالبًا ما توفّر المجتمعات المتماسكة قدوة وإرشادًا، ممّا يمكن أن يوجه الأعضاء الأصغر سنًا أو الأكثر عرضة للتأثر نحو السلوكيات الإيجابية والابتعاد عن أفعال مثل السرقة.
وعلى العكس من ذلك، فإن الأغنياء يكنّون مشاعر الاستحقاق والمصلحة الذاتية، وهو ما يزعزع استقرار بوصلتهم الأخلاقية.
تخلق الثروة إحساسًا بالامتياز والإيمان بحصانة الفرد من العواقب. قد يعتقد الأفراد الأثرياء أن وضعهم يوفر لهم مستوى معينًا من الحماية من التداعيات القانونية والاجتماعية التي قد يواجهها الآخرون.
إن عملية اكتساب الثروة، وخاصة بالنسبة للأفراد العصاميين، غالبا ما تنطوي على تحمل مخاطر كبيرة. وقد يمتد هذا التحمل الراسخ للمخاطر إلى الحدود الأخلاقية.
الوضع الأكثر شيوعا هو أن الأغنياء والفقراء يعاملون بشكل مختلف عندما يرتكبون أخطاء. إن الحالات الواقعية التي يبدو فيها أن الأثرياء يتلقون معاملة أكثر تساهلاً في نظام العدالة ليست غير شائعة. ويمكن ملاحظة هذا الاتجاه في العديد من الحالات البارزة، حيث يبدو أن الأفراد الأثرياء أو ذوي المكانة الاجتماعية العالية يواجهون عواقب أخف لجرائم مماثلة مقارنة بنظرائهم الأقل ثراء.
وأخيرًا، هل يشجع الدفع الذاتي على السرقة من المتاجر؟
في الواقع، تتضمن سيناريوهات الدفع الذاتي في المتاجر عادةً إشرافًا مباشرًا أقلّ مقارنة بالممرات التقليدية التي يديرها أمين الصندوق.
يمكن أن يؤثّر إعدادُ الدفع الذاتي على السلوك، حيث يتبع معظم الأشخاص المعايير والقواعد، وقد يميل بعض الأشخاص إلى استغلال النظام، و عندها يظهر الفرق.