في كلّ لحظة، هناك حوالي 2000 عاصفة رعديّة تحدث على الأرض
العواصف الرعديّة هي قوّة من قوى الطبيعة، بل هي واحدة من أشدّها. حتى العواصف الخفيفة تنتج برقاً خطيراً ويجب احترامها. بغضّ النظر عن مدى قوّة العاصفة، فإنّ أفضل مكان يمكنك التواجد فيه أثناء العاصفة الرعديّة هو الداخل، بعيداً عن الأبواب والنوافذ. تذكّر دائماً أن تعمل بموجب القول المأثور "عندما يهدر الرعد، اذهب إلى الداخل". إذا لم تتمكّن من الدخول إلى الداخل، فإنّ المكان التالي الأكثر أماناً هو سيّارة ذات سقف صلب، جميع نوافذها مرفوعة. الرعد هو الصوت الذي يصدره البرق ويمكن سماعه على بعد حوالي 10 أميال من ضربة البرق. بمجرّد سماع صوت الرعد، يجب عليك دائماً التوجّه إلى الداخل على الفور.
إنّها شائعة للغاية
من المؤكّد أنّ العواصف الرعديّة ليست حدثاً يوميّاً على المستوى المحلّي، ولكنّها حدث يوميّ على مستوى العالم. في جميع أنحاء العالم، يحدث ما يقدّر بنحو 16 مليون عاصفة رعديّة كلّ عام. في أيّة لحظة، يمكن أن تحدث حوالي 2000 عاصفة رعديّة في أنحاء الكوكب.
في أجزاء معيّنة من العالم، تكون العواصف الرعديّة أكثر شيوعاً منها في أماكن أخرى. في الولايات المتحدّة، تشهد فلوريدا أكبر عدد من العواصف الرعديّة. يشهد بعض أجزاء جنوب فلوريدا عواصف رعديّة لمدّة 108 أيّام أو أكثر سنويّاً. وفي الوقت نفسه، تشهد المناطق الساحليّة في كاليفورنيا وأوريغون وواشنطن تسعة أيّام فقط أو أقلّ من العواصف الرعديّة سنويّاً.
على الأرض، المكان الذي يتعرّض لأكبر عدد من الصواعق الناتجة عن العواصف الرعديّة هو بحيرة ماراكايبو في فنزويلا. تشهد المنطقة عواصف رعديّة هائلة بين 140 و 160 ليلة في السنة، ويمكن أن تسبّب هذه العواصف في الوسطيّ 28 ضربة صاعقة في الدقيقة.
جميعها يتشكّل بالطريقة نفسها
لكي تتشكّل عاصفة رعديّة، هناك حاجة إلى ظروف جويّة معيّنة. إلى جانب الرطوبة، يتطلّب تشكّل العواصف الرعديّة عدم استقرار وارتفاعاً في الهواء، ما يؤدّي إلى حركة الهواء في الغلاف الجويّ. غالباً ما تأتي الرطوبة من المحيط، حتّى في الأماكن البعيدة عن الساحل، وذلك بفضل الرياح القويّة. أمّا عدم الاستقرار فيمكن أن يحدث عندما يُدفع الهواء الدافئ الرطب بالقرب من الأرض نحو الأعلى، إلى هواء أكثر برودة وجفافاً. ومع دفع الهواء للأعلى، تتشكّل السحب الرعديّة.
تمرّ العاصفة الرعديّة بدورة حياة، مثلما تفعل جميع الكائنات الحيّة. ولكلّ عاصفة ثلاث مراحل: مرحلة النشوء، ومرحلة النضج، ومرحلة التبدّد. مرحلة النشوء هي عندما يُدفع الهواء الدافئ الرطب نحو الأعلى، ما يتسبّب في تكوّن سحب العاصفة. خلال مرحلة النشوء، لا يسقط إلّا القليل من المطر، هذا إن سقط، ولكن يمكن أن يحدث برق ورعد في بعض الأحيان.
تبدأ مرحلة النضج عندما يبدأ سقوط أمطار غزيرة، ما يؤدّي إلى حدوث تيار هوائيّ هابط. مرحلة النضج هي المرحلة الأكثر خطورة من مراحل حياة العاصفة، وتكون فيها العاصفة قادرة على إنتاج أمطار غزيرة وبَرَد وبرق ورياح قويّة وحتّى أعاصير. تحدث المرحلة الأخيرة، مرحلة التبدّد، عندما يتغلّب التيّار الهابط على التيّار الصاعد. خلال هذه المرحلة، يمكن أن يستمرّ هطول الأمطار، ولكن بغزارة أقلّ. ويمكن أن يستمرّ حدوث البرق أيضاً.
هناك عدّة أنواع مختلفة
في حين أنّ جميع العواصف الرعديّة تتشكّل بالطريقة نفسها، إلّا أنّها ليست متساوية. هناك أربعة أنواع مختلفة من العواصف الرعديّة. أبسط العواصف هي العواصف الرعديّة أحاديّة الخليّة. عادة ما تكون هذه العواصف صغيرة وضعيفة، ولا تستمرّ إلّا ساعة أو ساعتين. هذه هي العواصف التي نواجهها غالباً في فترات ما بعد الظهيرة في الصيف لأنّها تنشأ مع ارتفاع درجة حرارة الجوّ أثناء النهار. يمكن لهذه العواصف إنتاج أمطار غزيرة وبرق.
العواصف متعدّدة الخلايا هي نوع آخر شائع، وغالباً ما يسبقها رياح عاتية. قد تستمرّ هذه العواصف بضع ساعات، وغالباً ما تنتج أمطاراً غزيرة، ويمكن أن تكون مصحوبة برياح قويّة وبرَد وفيضانات وأعاصير قصيرة. خطوط العاصفة هي زمر من العواصف المرتّبة في خطّ طويل، يصل طوله أحياناً إلى مئات الأميال. وعادة ما تكون مصحوبة برياح عاتية وأمطار غزيرة، وتمرّ بسرعة لأن عرض هذه الأنظمة من الخطوط لا يزيد عادةً عن 10 أميال إلى 20 ميلاً.
الخلايا الفائقة هي عواصف جيّدة التنظيم وطويلة الأمد. تتغذّى هذه العواصف القويّة من تيّار صاعد دوّار، ويمكن أن ترتفع السحب الرعديّة إلى ارتفاع يصل إلى 50000 قدم فوق سطح الأرض. معظم الأعاصير الكبيرة هي نتيجة للعواصف الرعديّة الفائقة الخليّة.
إنّها أكثر خطورة ممّا يعتقد الناس
عندما نفكّر في الأحداث الجويّة الخطيرة، فمن المحتمل أن تتصدّر الزوابع والأعاصير القائمة، لكنّ العواصف الرعديّة - وبخاصّة البرق - يمكن أن تكون قاتلة. من عام 2009 إلى عام 2018، بلغ عدد الوفيات المرتبطة بالبرق في الولايات المتحدّة 27 حالة وفاة.
لا يموت إلّا حوالي 10% من الأشخاص الذين يصابون بالبرق، أمّا الـ 90% الباقية فيمكن أن يعانوا من مستويات متفاوتة من الإصابات والإعاقات. تبلغ احتمالات الإصابة بالبرق حوالي 1 لكلّ 1.22 مليون في العام، واحتمالات الإصابة بالبرق في حياتك حوالي 1 من 15300. من أجل المقارنة، ضع في اعتبارك أنّ احتمالات الفوز بالجائزة الكبرى لليانصيب تبلغ حوالي 1 من 292.2 مليون.
تذكّر دائماً أنّه لا يوجد مكان آمن في الخارج عندما تكون العواصف الرعديّة قريبة. إذا سمعت الرعد، فإنّ البرق قريب بما يكفي ليضربك. لذلك عندما تسمع صوت الرعد، تحرّك إلى الداخل أو إلى هيكل آمن، مثل مركبة مغلقة ذات سقف معدنيّ. إذا حدث وكنت عالقاً في الخارج، فابتعد عن المناطق المرتفعة واخرج من أيّ مسطّح مائيّ. ابتعد عن الأشياء التي يمكنها توصيل الكهرباء، مثل خطوط نقل الكهرباء أو سياج الأسلاك الشائكة، ولا تحتمِ أبداً تحت شجرة أو بالاستلقاء على الأرض.
وهي تحدث أيضاً على كواكب أخرى
هناك الكثير ممّا لا نعرفه عن الكواكب الأخرى في مجموعتنا الشمسيّة، لكنّنا نعلم أنّ بعضها يعاني من أنظمة عواصف مشابهة لما نواجهه هنا على الأرض. على سبيل المثال، يتعرّض كوكب الزهرة ــــــ أقرب الكواكب إلينا ــــــ للبرق، وربّما أكثر ممّا تتعرّض الأرض له. يوجد على كوكب المشتري عاصفة مستمرّة منذ أكثر من 300 عام، مع أنّها تصغر حجماً في الأعوام الـ 150 الماضية.
يتعرّض زحل لنشاط عاصف متكرّر، ويمكن أن تستمرّ العواصف عليه لسنوات. حتّى أقمار زحل تواجه عواصف. كوكب نبتون أيضاً يتعرض لأنظمة عواصف ضخمة، ويمكن أن تدوم لسنوات في المرّة الواحدة.