الجزائر عبر تاريخها الطويل بمرحلة الرومان، العثمانيين، ثم الاحتلال الفرنسي الذي انتهى عام 1962 بعد حرب خلفت أكثر من مليون ونصف مليون قتيل.
الجزائر تُعدّ أكبر دولة إفريقية. تبدأ أراضيها بالرمال الذهبية في الجنوب وتنتهي بشواطئ البحر الأبيض المتوسط في الشمال. يعيش فيها اليوم أكثر من خمسة وأربعين مليون إنسان، بينما يقطن ولاية تلمسان مليون وثلاثمئة ألف نسمة. الاقتصاد الوطني يعتمد على بيع النفط والغاز، لكن نسبة عالية من الشباب بلا عمل. في المقابل، تنتج تلمسان الحبوب، الحمضيات، الزيتون، وتصدر قماش “الحايك”، والفخار المزخرف، وتستقبل آلاف السياح سنوياً.
السياحة في الجزائر تشمل آثار رومانية كتيمقاد، مساجد قرطبة في الجزائر العاصمة، شواطئ وهران، وكثبان جانت الوردية. تلمسان تضيف لذلك قصر المشور الذي بناه الزيانييون، مسجدها الكبير بقبابه الثلاث، زاوية سيدي بومدين التي لا تزال تحتضن دروس الذكر، وآثار مدينة المنصورة المدمرة. داخل منتزه تلمسان الوطني تسقط شلالات المكانسة من علوّ مئة متر، وتفتح كهوف بني سنوسي أبوابها للمشي وسط الصخور.
كل ربيع يحتضن المدينة مهرجان الموسيقى الأندلسية حيث تُعزف الطربة والعود، وأيام التصوف حيث يُرَوّج للزوايا وكتب ابن عربي. التلفريك ينقل الزائرين إلى هضبة لالة ستي التي تُطل على البياض القديم للمدينة. هناك يمشي السائح في أزقة القصبة، يصلي في زاوية سيدي الشيخ، يتسلق جبل لالا، ويأكل “الشرش” الحلو أو “الكسكسي بالخضر” في المطاعم الصغيرة.
مخطط الجزائر 2030 يحدد لتلمسان ثلاث أولويات: جذب سياح بيئيين يدفعون دولارات، تحويل مخطوطات الأضرحة إلى ملفات رقمية تُباع على الإنترنت، وزيادة صادرات الحمضيات إلى أوروبا. التحديات واضحة: الأمطار أصبحت متأخرة والبطالة تزداد، لكن الولاية تمتلك أرضاً خصبة، مقومات صناعة يدوية، وتاريخ يُروى، ما يؤهلها لأن تكون قاطرة التنمية في غرب الجزائر.
تلمسان تحمل في ترابها ملامح الهوية الجزائرية: جبال أوراس في الشرق، عمق صحراوي في الجنوب، عمارة إسلامية في الوسط، ووجهة نظر مفتوحة على المغرب العربي. تجمع بين البناء القديم والشباب المتخرج من الجامعات، بين سور القصبة وخطوط الإنترنت الجديدة، فتكون بذلك معبراً ثقافياً طبيعياً بين إفريقيا السوداء والمغرب الأقصى.
أميليا باترسون
· 24/10/2025