الزيارة تربط الزائر بإسطنبول العثمانية والبيزنطية.
أول مرة زرت فيها إسطنبول كنت في السادسة، ومن التسعينيات تكاثرت الذكريات: ألعُب في الشوارع أو أتناول الآيس كريم مع الأقارب. نشأت في لندن ومحتني الثقافة البريطانية، لكن أصل والدي من أضنة وحبه لتركيا ظل حاضرًا في البيت، ولا يزال يحلم بالتركية بعد خمسين عامًا من مغادرته.
اشتدّت رغبتي باستكشاف الجانب التركي من شخصيتي، فانتقلت للعيش في إسطنبول. المدينة تبدّلت بسرعة منذ 2017 مع مطار جديد وميناء غلاطة، لكنها تحتفظ بألوان الماضي وسط المباني الحديثة والأسواق المتجددة. تحدثت مع شباب من المبدعين، فوجدت صدى لتجربتي في الجمع بين ثقافتين.
في مطعم كاراكوي لوكانتاسي، أكلت كوسا محشي وخرشوف على الطريقة العثمانية، في جو تزيّنه منسوجات تروي مهنًا يدوية عائلية. الشباب ابتعدوا عن هذا العمل، لكن مجموعة صغيرة تعيد إحياء النسيج التراثي. الحلوى، مثل الكازانديبي والبهجة المحشوة بالراكي، زادت الطعم حلاوة.
في حي الفاتح، يسكن مئات آلاف السوريين، التقيت ناس يغرسون جذورًا جديدة. أسواقهم الفسيحة تفوح بالفستق والشاي ووجبة الفاتح الشامية، فعدت بذاكرتي إلى أصولي السورية؛ جدتي الكبرى وُلدت في دمشق. في أرنافوتكوي وبيبيك، المنازل الخشبية وقوارب الصيد أعادتني إلى أمسيات الطفولة حين كانت العائلة تجتمع.
أنهينا اليوم في فندق بيبيك القديم، ثم توجهنا إلى مطعم حديث على سطح شبه الجزيرة، ونحن نركب التاكسي المائي وسط مشهد تضيئه قبة دولما باشا، في لحظة تجمع إسطنبول الحميمة والعالمية.
بنجامين كارتر
· 22/10/2025