عندما ننظر إلى السماء ليلًا، قد تبدو النجوم والكواكب والأجرام السماوية الأخرى ساكنة. ولكن في الواقع، كل شيء في الفضاء في حركة مستمرة. من أصغر كويكب إلى أكبر مجرة، لا يوجد شيء في الكون ثابت حقًا. ولكن لماذا هذا هو الحال؟ يكمن السبب في القوانين الأساسية للفيزياء، وطبيعة تكوين الكون، والقوى التي تحكم الحركة في الفضاء.
يرجع أحد الأسباب الرئيسية وراء استمرار حركة كل شيء في الفضاء إلى قانون نيوتن الأول للحركة، والمعروف أيضًا باسم مبدأ العطالة، أو قانون القصور الذاتي. ينص هذا القانون على أن الجسم يبقى ساكنًا أو متحركًا حركة مستقيمة منتظمة، ما لم تؤثر عليه قوة خارجية. في الفضاء، حيث لا يوجد غلاف جوي يخلق احتكاكًا، تستمر الأجسام المتحركة في الحركة إلى أجل غير مسمى. عندما تشكلت الكواكب والنجوم والأجرام السماوية الأخرى منذ مليارات السنين، كانت بالفعل في حركة بسبب قوى الجاذبية والطاقة المتفجرة. نظرًا لعدم وجود مقاومة تقريبًا في فراغ الفضاء لإبطائها، فإنها تستمر في الحركة.
بينما يحافظ مبدأ العطالة على حركة الأجسام في الفضاء، تحكم الجاذبية المسارات التي تتبعها. الجاذبية هي قوة الجذب بين الأجسام ذات الكتلة، وتلعب دورًا أساسيًا في بنية وديناميكيات الكون. كل جسم له كتلة يمارس قوة جذب على كل جسم آخر، وتعتمد شدّة هذه القوة على كتلتي الجسمين والمسافة بينهما. على سبيل المثال، تدور الكواكب حول النجوم لأنها هذه الأخيرة تجذبها نحوها، لكن عطالتها (قصورها الذاتي) يجعلها تتحرك في مسار منحنٍ بدلاً من السقوط مباشرة على النجم. هذا التوازن بين قوة الجذب والحركة الأمامية للأجسام هو ما يخلق المدارات المستقرة للكواكب والأقمار وحتى المجرات.
إن الكواكب في نظامنا الشمسي، بما في ذلك الأرض، في حركة مستمرة لأنها تدور حول الشمس. هذه الحركة المدارية ترجع إلى قوة الجذب الهائلة للشمس. تتحرك الكواكب للأمام بسرعات عالية، لكن جاذبية الشمس تستمر في سحبها إلى الداخل، ما يجعلها تتبع مسارًا منحنيًا حول النجم. هذا هو السبب في أن الكواكب لا تطير ببساطة إلى الفضاء ولا تصطدم بالشمس؛ فهي عالقة في توازن دقيق بين العطالة والجاذبية. ينطبق نفس المبدأ على الأقمار التي تدور حول الكواكب والنجوم التي تدور حول مراكز المجرات. كل شيء في الفضاء يتحرك بسبب التفاعل بين عطالة الأجسام وقوى الجاذبية المؤثرة عليها.
بالإضافة إلى الحركات المحلية التي تسببها الجاذبية، هناك حركة أخرى أكبر مدىً، تؤثر هي الأخرى على كل شيء في الفضاء، وهي توسّع الكون. منذ نشأة الكون، بدأ بالتوسع، ما يعني أن المجرات تبتعد بعضها عن البعض الآخر. وكلما كانت المجرات أبعد، كانت سرعتها في الابتعاد عن بعضها البعض أسرع. أظهر هذا الاكتشاف، الذي لاحظه لأول مرة عالم الفلك إدوين هابل في عشرينيات القرن العشرين، أن الفضاء نفسه يتمدد، ويحمل معه المجرات. لا يؤثر هذا التوسع الكوني على حركات الكواكب والنجوم داخل المجرات، والتي يتم تثبيتها معًا بواسطة قوى الجاذبية الخاصة بها، ولكنه يعني أنه على مقاييس أكبر، فإن كل شيء في الكون ينجرف بعيدًا.
لا تتحرك الأجسام في الفضاء حركة انسحابية عبر الفضاء فحسب، بل إن العديد منها تدور أيضًا. تدور الكواكب والنجوم وحتى المجرات بأكملها. هذا الدوران هو بقايا حركة المادة التي شكلتها. على سبيل المثال، عندما بدأت سحابة الغاز والغبار التي شكلت نظامنا الشمسي في الانهيار تحت تأثير الجاذبية، بدأت بالدوران. وانتقل هذا الدوران إلى الكواكب والشمس، ما تسبّب في دورانها حول محاورها. وتحدث العملية ذاتها مع المجرات. يرجع الشكل الحلزوني للمجرات مثل مجرة درب التبانة جزئيًا إلى حركتها الدورانية، والتي كانت مستمرة منذ تشكلها منذ مليارات السنين.
في حين أن الفضاء شاسع وفارغ في الغالب، إلا أن الأجرام السماوية يتآثر بعضها مع البعض الآخر، أو تصطدم أحيانًا، ما يغير حركتها. على سبيل المثال، عندما تقترب مجرتان إحداهما من الأخرى، يمكن لحقلَي الجاذبية الخاصّين بهما أن يؤثرا على مسار كلّ منهما. تندمج المجرات أحيانًا، كما هو متوقع أن يحدث عندما ستصطدم مجرة درب التبانة بمجرة أندروميدا بعد حوالي 4 مليارات سنة. يمكن لهذه التآثرات بين الأجرام أن تغير سرعة واتجاه النجوم والكواكب والأجسام الأخرى داخل المجرات المعنية. على نطاقات أصغر، يمكن أن تصطدم الكويكبات والمذنبات أيضًا بالكواكب أو بعضها بالبعض الآخر، ما يغير مساراتها، أو حتى يحطّمها إلى أجزاء تبدأ هي الأخرى حركتها المستقلّة.
تمارس بعض الأجسام في الفضاء، مثل الثقوب السوداء، قوى جاذبية شديدة لدرجة أنها يمكن أن تؤثر بشكل كبير على حركة الأجسام من حولها. يمكن للثقوب السوداء، وخاصة الثقوب السوداء الهائلة الكتلة في مراكز المجرات، أن تسحب النجوم والغاز وحتى الضوء إليها، وتقبض عليها. وعند الاقتراب كثيرًا من الثقب الأسود قد تتسارع الأجسام إلى سرعات عالية بشكل لا يصدق أو حتى تتمزق بسبب قوى الجاذبية الهائلة.
الكون في حركة مستمرة، كل شيء في الفضاء يتحرك دائمًا بسبب التفاعل بين القوى الأساسية والظروف التي وضعها بها الكون إبّان نشأته. يحافظ مبدأ العطالة على حركة الأجرام، بينما تشكّل الجاذبية مساراتها. إن توسع الكون نفسه يدفع المجرات بعيدًا بعضها عن البعض الآخر. وسواء أكان الأمر يتعلق بكواكب تدور حول نجوم، أو بمجرات تتصادم، أو بتمدد الكون، فإن الحركة تشكل جزءًا لا يتجزأ من بنية الكون. ففي الفراغ الشاسع الذي يحيط بالفضاء، لا شيء يقف ساكنًا؛ فكل شيء يشكل جزءًا من كون ديناميكي متغير باستمرار.
5وصفات صحية لسلطات من الفواكه والخضروات
نهى موسى
هازجة صائد الذباب الغامضة واسعة المنقار: استكشاف سره وأناقته
ياسمين
مسقط: رفاهية هادئة بين جبال عمان وسواحلها
ياسر السايح
استكشاف الروحانية في لاسا: رحلة إلى قلب التبت
ياسر السايح
أفضل مدينة طعام في العالم: دليل الطعام المحلي لباريس
تسنيم علياء
الجمل العربي
عبد الله المقدسي
عجائب إربد: الجمال الطبيعي والتراثي في شمال الأردن
عائشة
الكشف عن الأسرار: كيف تتلاعب الإعلانات بمهارة بقرارات الشراء الخاصة بك
عائشة
أفضل أنواع الشاي لعلاج انتفاخ البطن، وفقًا لخبراء التغذية
شيماء محمود
القصة غير العادية لليوناردو دافنشي
حكيم مروى