العصر البابلي القديم.
بدأ الناس بالسكن في التل أيام الدولة الأكدية وسلالة أور الثالثة، ثم بلغ أوج ازدهاره منتصف العصر البابلي. يتّسم التل بتخطيط معماري متقدم؛ يحيط به سور وتؤدي إليه مداخل دفاعية، وتنتشر فيه معابد أبرزها معبد رئيسي طوله 28 متراً وعرضه 18 متراً، إضافة إلى معبدين صغيرين أُجريت لهما أعمال صيانة. تُظهر بقايا البيوت شبكة صرف صحي وأحياء سكنية، ما يدل على تخطيط مدروس للمدينة.
برز التل دوره العلمي بعد العثور على آلاف الرقم الطينية تحوي معارف رياضية متقدمة، منها تطابق المثلثات وجداول الضرب ورفع الأعداد والجذور، وكلها يرجع إلى فترة تسبق إقليدس بقرون. احتوت الرقم أيضاً نصوصاً لغوية وقانونية وإدارية، ما يثبت وجود نظام تعليمي متطور ومجتمع واعٍ.
سيطرت مملكة أشنونا على مساحات واسعة من العراق القديم، واتخذت شادوبوم - تل حرمل - مركزاً إدارياً رئيسياً لجباية الضرائب وتنظيم التجارة. تُظهر قوانين أشنونا التي وُجدت في الموقع مستوى تنظيماً قانونياً متقدماً يسبق قوانين حمورابي، وتتناول شؤون الزراعة والتجارة والعقوبات.
أسفرت أعمال التنقيب في تل حرمل عن أدوات فخارية وزخارف تحمل دلالات فنية وصناعية، فيما تعرض العديد من الرقم في المتحف العراقي. يُعد الموقع مصدراً رئيسياً لفهم البنية الإدارية والعلمية في العصر البابلي القديم.
رغم قيمته الأثرية، يواجه تل حرمل خطر الإهمال والتوسع العمراني. الحفاظ عليه يتطلب خطة متكاملة تشمل الترميم والتعليم والترويج للسياحة الثقافية في العراق، وهو إجراء يعزز الوعي الوطني ويعيد إحياء الذاكرة التاريخية لبغداد.
يمثل تل حرمل في بغداد سجلاً حياً لحضارة سبقت عصرها علمياً وثقافياً، وإعادة تأهيله خطوة أساسية لحماية إرث وادي الرافدين.
فيكتوريا كلارك
· 23/10/2025