أزمة الطاقة: متى سينفد الوقود الأحفوري؟

ADVERTISEMENT

يبدو أنك لا تستطيع تشغيل التلفزيون دون أن تسمع عن آثار تغير المناخ أو الاستخدام الخطير للوقود الأحفوري في جميع أنحاء العالم - ولسبب وجيه! تتزايد الأدلة على أزمة المناخ كل يوم، مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وارتفاع منسوب المياه، والمزيد من الظواهر الجوية الحادة، والذوبان التاريخي في القطبين الشمالي والجنوبي. كما أصبح تغير المناخ أحد القضايا الساخنة في السياسة المحلية والدولية، وتتعلق نقطة الخلاف الأكثر شيوعاً في هذه المناقشات باستخدام الوقود الأحفوري لتلبية احتياجاتنا من الطاقة، فضلاً عن الانبعاثات الكربونية الضارة الناجمة عن ذلك.

عرض النقاط الرئيسية

  • تظهر الأزمة المناخية بشكل متزايد في الأخبار نتيجة ارتفاع درجات الحرارة والذوبان القطبي والكوارث الطبيعية المتزايدة.
  • الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز الطبيعي يتكون من مواد عضوية مدفونة منذ ملايين السنين وتُعد مصادر طاقة رئيسية لكنها ملوثة.
  • استخدام الوقود الأحفوري يمثل نقطة خلاف في السياسات العالمية بسبب انبعاثاته الكربونية وتأثيره الكبير على تغير المناخ.
  • ADVERTISEMENT
  • على الرغم من التقديرات المتكررة حول "ذروة النفط"، فإن الاكتشافات والتقنيات الحديثة تؤدي إلى تغيير مستمر في مقدار الاحتياطيات المتوفرة.
  • الخطر الأكبر ليس في نفاد الوقود الأحفوري، بل في الكمية التي لا يجب حرقها لتجنب كارثة مناخية لا رجعة فيها.
  • اتفاقية باريس تهدف إلى إبقاء الاحتباس الحراري تحت درجتين مئويتين، مما يتطلب تقليل كبير في استخدام الوقود الكربوني.
  • بالرغم من التحديات السياسية، فإن التحول إلى مصادر طاقة نظيفة مثل الشمس والرياح يُعد ضرورياً للمستقبل البيئي المستدام.

ومع مطالبة أنصار حماية البيئة في مختلف أنحاء العالم بالحد من حرق الوقود الأحفوري بشكل كبير، ومع قيام عدد لا يحصى من الشركات بتطوير حلول خضراء لإنتاج الطاقة، عادت سياسات واقتصاديات الوقود الأحفوري إلى مركز الصدارة في المناقشة العالمية مرة أخرى. أحد الأسئلة الأولى- وإن لم يكن الأكثر أهمية- هو متى سينفد الوقود الأحفوري على كوكبنا؟ كما كنت تتوقع، فإن الإجابة على هذا السؤال ليست بسيطة على الإطلاق.

ما هو الوقود الأحفوري؟

الصورة عبر laurentarroues على pixabay

الوقود الأحفوري هو عبارة عن هيدروكربونات بيولوجية موجودة في الأرض، وتشكلت منذ مئات الملايين من السنين.عندما سقطت المواد العضوية الميتة إلى قاع البحر، أو في المستنقعات، ودفنت في نهاية المطاف بالطين والطمي، أصبحت معرضة لكميات هائلة من الضغط، فضلا عن الهضم اللاهوائي بواسطة الكائنات الحية الدقيقة، مما أدى إلى توضّعات غنية بالكربون. يمكن العثور على توضّعات الوقود الأحفوري هذه بأشكال مختلفة حول العالم، وتتكون بشكل أساسي من النفط والغاز الطبيعي والفحم.

ADVERTISEMENT

الفحم

الفحم هو صخرة رسوبية بنية داكنة أو سوداء تشكلت منذ حوالي 360 مليون سنة. عندما استقرت المواد العضوية في قاع المستنقعات، وتم تغطيتها بعد ذلك بالطين، تحولت في النهاية إلى فحم، يتم تصنيفه من حيث الجودة بناءً على محتواه من الكربون. هناك أدلة على أن الفحم والنفط والغاز قد استخدمت في أشكال بدائية منذ آلاف السنين، وقد تم استخراج الفحم عمداً لمدة ثلاثة آلاف سنة. إن استخدامه في توليد الكهرباء، والمحرك البخاري في بداية الثورة الصناعية، فضلاً عن توفره عالمياً، يجعله واحداً من أكثر أنواع الوقود الأحفوري شيوعاً على هذا الكوكب.

النفط

الصورة عبر Zbynek Burival على unsplash

النفط الخام هو عبارة عن مزيج من الهيدروجين والكربون الذي تشكل عندما غرقت العوالق والطحالب في قاع البحر، ودُفنت على مدى ملايين السنين بواسطة الطمي والرواسب. يمكن استخراجه من البر (البحار والبحيرات القديمة) وفي البحر (الحفر المحيطي)، ثم يجري تحويله إلى العديد من الأشكال المختلفة، بما في ذلك البترول والبنزين والديزل وغيرها من المواد البتروكيماوية، والتي يستخدم الكثير منها في إنتاج المواد البلاستيكية الواسع والخطير حول العالم. يعد النفط هدفاً متكرراً لمنتقدي الوقود الأحفوري، لأنه يساهم في تلوث الهواء (عوادم السيارات والشاحنات)، والحوادث/ التسرّبات الكارثية أثناء النقل، والأضرار البيئية أثناء استخراجه في البر والبحر.

ADVERTISEMENT

الغاز الطبيعي

الصورة عبر KWON JUNHO على unsplash

تتألف رواسب الغاز الموجودة تحت الأرض بشكل أساسي من غاز الميثان، وتتشكّل من عمليات مشابهة للفحم، ولكن في ظل ظروف مختلفة، وغالباً ما تصبح منحيسة في الصخور الرسوبية أو المياه المتجمدة. زاد استخراج الغاز الطبيعي في السنوات الأخيرة بسبب تطور التكسير الهيدروليكي المثير للجدل، وعلى الرغم من أنه أقل ضرراً على البيئة من الفحم أو النفط، إلا أنه لا يزال يساهم في تغيير تركيبة الغلاف الجوي وأزمة المناخ. ويعتقد أن هناك احتياطيات هائلة من الغاز الطبيعي بأشكال أخرى (هيدرات الميثان تحت سطح البحر)، والتي لا يزال استخراجها الاقتصادي المجدي. في الانتظار

وعلى الرغم من أن هذا الوقود الأحفوري استغرق مئات الملايين من السنين ليتشكّل، إلا أن الثورة الصناعية، التي بدأت في القرن التاسع عشر، أدت إلى استخراج هذه الموارد واستهلاكها بسرعة لتلبية طلباتنا المتزايدة باستمرار على الطاقة. وقد دفع هذا الكثيرين إلى الخوف من النهاية المُحتملة لإمدادات كوكبنا من موارد الطاقة هذه. وبالنظر إلى مدى التشابك الجوهري الذي أصبحت عليه السياسة والاقتصاد العالميان في قطاع الطاقة، فإن "جفاف الحوض" في حد ذاته يشكل قضية يجب على الجميع أن يأخذها في الاعتبار.

ADVERTISEMENT

ماذا يقول الخبراء؟

الصورة عبر ptra على pixabay

اعتماداً على من تسأل، فإن تقديرات كمية الوقود الأحفوري المتبقية على الكوكب سوف تختلف بشكل كبير. ابتداءً من الخمسينيات من القرن الماضي، مع الجيولوجي إم كينج هوبرت، توقع الخبراء في هذا المجال بشكل متكرر وغير دقيق حجم استخدام الوقود الأحفوري وتأثيره على الكوكب. ولأن النفط مورد محدود، طور هوبرت فكرة "ذروة النفط"، وهي النقطة التي يبدأ عندها إنتاج النفط حتماً في الانخفاض ويتوقف في النهاية. وفي عام 1956، قدَّر أن الولايات المتحدة ستصل إلى ذروة النفط في عام 1970 (وكان هذا صحيحاً بالفعل - في ذلك الوقت!).

ولكي نفهم هذه التقديرات التاريخية، فيتعين علينا أن نبدأ بنسب (R/P) (نسبة احتياطيات النفط المؤكدة إلى معدلات الإنتاج) للوقود الأحفوري. غالباً ما يتم إجراء التقديرات بناءً على احتياطيات النفط المؤكدة في وقت مُعيّن، وذلك على الرغم من التقدم في تقنيات الاستخراج والاحتياطيات المكتشفة حديثاً أو القابلة للحياة حديثاً في جميع أنحاء العالم.

في عام 1979، توقع هوبرت أن "ذروة النفط" العالمية ستحدث في عام 2000، بينما في عام 1980، وضع تقدير آخر "ذروة النفط" في مكان ما في عام 2012.

اعتباراً من المراجعة الإحصائية للطاقة العالمية التي أجرتها شركة بريتيش بتروليوم لعام 2016، تشير التقديرات إلى أن لدينا ما يقرب من 115 عاماً من إنتاج الفحم، و53 عاماً من النفط، و54 عاماً من إنتاج الغاز الطبيعي قبل أن "ينفد".

ADVERTISEMENT

إن العامل المعقد في هذه التقديرات- وهو التناقض الذي عادة ما يستشهد به منكرو تغير المناخ - هو أن مشهد الطاقة في الكوكب يتطور باستمرار. يتم ضخ مليارات الدولارات في مجموعة متنوعة من الصناعات التي تغير متغيرات نسب R/P، بما في ذلك تطوير طرق استخراج/ تكرير أكثر كفاءة، بالإضافة إلى الاكتشاف المستمر لاحتياطيات جديدة. صدق أو لا تصدق، لقد زادت كمية احتياطيات النفط في جميع أنحاء العالم بالفعل في الخمسين عاماً الماضية، على الرغم من استخدامنا الجشع لهذه الموارد، وذلك بفضل مصادر هذا الوقود التي تم العثور عليها والتي تم الوصول إليها حديثاً.

من الواضح أن التقييم الدقيق لطول عمر الوقود الأحفوري قد استعصى على الخبراء لمدة 60 عاماً، ولكن بقدر ما قد يبدو الأمر غريباً، فإن معرفة متى سينفد الوقود الأحفوري هو السؤال الخطأ. ما الذي يجب على الخبراء والحكومات الدولية أن يطرحوه على أنفسهم هو: ما هي كمية الوقود الأحفوري المتوفرة التي يمكننا أن نتحمل تكاليف حرقها؟

اعتبارات تغير المناخ

الصورة عبر Markus Spiske على unsplash

كما هو موضح أعلاه، فإن الوقود الأحفوري الذي نعتمد عليه غني بالكربون، وهو الكربون الذي تم التقاطه من الغلاف الجوي وتخزينه في هذه التوضعات الطبيعية. عندما نحرق الوقود الأحفوري، فإننا نطلق كمية معينة من الكربون مرة أخرى إلى الغلاف الجوي، حيث يسلك، كما هو متوقع، سلوك غازات الدفيئة. فهو يحبس الحرارة في الغلاف الجوي، مما يتسبب في ارتفاع درجات الحرارة العالمية بشكل تدريجي. ويتفاقم تلوث الهواء وتلوث المحيطات بالمثل بسبب استخدام مصادر الوقود الكربونية، حيث تبدأ زيادة حموضة المحيطات، وتقلّ جودة الهواء للتنفس، مما يؤدي إلى أمراض الجهاز التنفسي وتقصير متوسط العمر المتوقع.

ADVERTISEMENT

تم تأسيس اتفاق باريس للأمم المتحدة - المبادرة الأكثر صرامةة وشمولية ودعماً على نطاق واسع للحد من انبعاثات الكربون العالمية وتغير المناخ - للحفاظ على متوسط درجة الحرارة العالمية من الارتفاع أكثر من درجتين منذ مستويات ما قبل الثورة الصناعية. لقد قمنا بحساب "ميزانية" الكربون لكوكب الأرض لمنع حدوث ذلك، وهي ما يقرب من 250 مليار طن من الكربون، ضمن ما يقدر بنحو 750 مليار- 1 تريليون طن احتياطي حالياً. وهذا يعني أنه من أجل منع وقوع كارثة مناخية لا رجعة فيها، يجب على البشر أن يتركوا ما بين 65% إلى 80% من جميع احتياطيات الوقود الأحفوري المعروفة في الأرض؛ ويعرف هذا الوقود الزائد باسم "الكربون غير القابل للحرق".

لا يزال هناك المزيد من الجدل السياسي حول استخدام الوقود الأحفوري وتنظيمه، حيث أصبحت صناعات الوقود الأحفوري راسخة بعمق في هياكل السلطة في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك، هناك إجماع ساحق بين خبراء المناخ العالمي بشأن عواقب الاستخدام المستمر والمتهور لهذه الموارد. ولهذا السبب كان هناك دفع كبير نحو حلول الطاقة الخضراء المستدامة والخالية من انبعاثات الكربون الإضافية، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

أكثر المقالات

  • عادات أولئك الذين يظلون في حالة بدنية أفضل مع تقدمهم في السن

    قلة من الناس يحافظون على لياقتهم مع التقدم في السن، لكن العادات اليومية مثل الرياضة والتغذية الجيدة والنوم الكافي تصنع فرقاً كبيراً. نمط الحياة الصحي هو سر الاحتفاظ بالحيوية، والتطورات الحديثة تعد بمستقبل أفضل للشيخوخة النشطة.مزيد
  • بحيرة كومو: وجهة الرفاهية والجمال في شمال إيطاليا

    بحيرة كومو في شمال إيطاليا تجمع بين سحر الطبيعة وجمال العمارة، وتعد وجهة مفضلة للمشاهير وعشاق الفخامة. تحيط بها جبال الألب وتزينها القرى الساحرة والقصور التاريخية الفاخرة، ما يجعلها مثالية لمن يبحثون عن الهدوء والرفاهية في قلب الطبيعة.مزيد
  • سحر الطبيعة في لبنان

    لبنان يجمع بين الجبال، المياه العذبة، والغابات الخضراء، مما يجعله ملاذًا طبيعيًا ساحرًا. من بحيرة عيون السمك ومغارة أفقا، إلى شلال البعترة وغابة بكاسين، كل موقع يخطف الأنفاس بجماله ويقدّم تجربة مدهشة لعشاق الطبيعة.مزيد
  • ADVERTISEMENT
  • عشرة أنواع من الحيوانات على وشك الانقراض

    تشهد الحياة البرية تدهوراً سريعاً نتيجة للأنشطة البشرية والتغير المناخي، حيث انخفضت أعداد الفقاريات بنسبة 69% منذ عام 1970. تُعد أنواع مثل الفاكيتا والساولا من بين الكائنات الأكثر عرضة للانقراض، ما يُبرز الحاجة الملحة لحماية التنوع البيولوجي قبل فوات الأوان.مزيد
  • منتزه بانك دارغين الوطني: جنة الطيور والطبيعة البكر

    منتزه بانك دارغين الوطني يأسر الزوار بمناظره الخلابة وتنوعه البيئي، من الطيور النادرة إلى الشلالات الساحرة. وجهة مثالية لمحبي الاسترخاء والمغامرة، حيث يمكن مراقبة الطيور، التخييم تحت النجوم، أو التنزه وسط الغابات الكثيفة والاستمتاع بطبيعة لم تمسسها يد بشر.مزيد
  • العلم وراء القهوة: 6 أسباب تدفعك إلى شرب المزيد

    القهوة أكثر من مجرد مشروب صباحي؛ فهي غنية بمضادات الأكسدة، تحسن الانتباه والذاكرة، وتقلل من خطر أمراض مثل الزهايمر والسكري وأمراض الكبد. لكن الاعتدال هو السر للاستفادة من مزاياها دون التعرض لأضرارها.مزيد
  • الخبز الذي يربط بين الهند وباكستان: خبز أمريتساري كولشا

    رغم كل الخلافات، يظل خبز أمريتساري كولشا رمزاً لروابط الطهي والثقافة المشتركة بين الهند وباكستان، بطعمه الغني ومكانته الواسعة. فهو ليس مجرّد طعام، بل دعوة صامتة للألفة والوحدة عبر الحدود.مزيد
  • جولة شيقة في أشهر معالم الأردن

    في الأردن، تُذهل مدينة البتراء بجمالها الوردي المنحوت، وتروي قلعة عجلون حكايا صلاح الدين فوق الجبال، وتعبق جرش بعبق التاريخ الروماني، بينما يُدهش البحر الميت بملوحته العجيبة، وتخطف غابات دبين القلوب بتنوعها الطبيعي، وتنبض حمامات ماعين بسحر المياه الساخنة والمناظر الخلابة.مزيد
  • ADVERTISEMENT
  • أعجوبة البيسون: قصص بقاء غير عادية من البرية

    البايسون رمزٌ رائع للقوة والعزيمة في البراري الأمريكية، نجا من الانقراض رغم التهديدات البيئية والصيد الجائر. قصص بقائه تُلهم العلماء، ويُعد احترامه في ثقافات الشعوب الأصلية دليلًا على أهميته البيئية والروحية. جهوده الحفظية تعكس أملًا بمستقبل أكثر استدامة لهذه المعجزة البرية.مزيد
  • قرية شنني التونسية: مغامرة في أعماق التراث الصحراوي

    شنني، قرية ساحرة في الجنوب التونسي، تأخذك في رحلة إلى قلب التراث البربري وسط طبيعة صحراوية خلابة. بيوتها منحوتة في الجبال، أكلها بسيط ولذيذ، وحرفها اليدوية تعكس روح المكان. تجربة لا تُنسى لمحبي المغامرة والثقافة.مزيد
toTop